الشعور بجور أمانة المسئولية الوطنية وخطورة تبعاتها والتقصير في القيام بواجبها من العلامات الرادعة للإنسان باعتبارها المحرّك الدائم للضمير الحي الذين يجعل صاحبه متيقظاً لكل صغيرة وكبيرة، قريباً إلى الله، بعيداً عن الشيطان والهوى الذاتي، ولأنها كذلك فإن الذين يقدّرونها حق قدرها لا يسعون لها، ولكن الأمانة تسعى إليهم، ومن المؤسف اليوم أن الشعور بالمسئولية الوطنية يعد بالقدر الذي يؤمن الوحدة الوطنية ويحفظ السكينة العامة، والسبب في ذلك هو الانحراف المدبر في منهج التفكير والخروج عن السراط المستقيم، الأمر الذي أثر في منهج التدبّر إن لم يكن قد قضى عليه ومنع التبصّر والتعقّل. إن ما يقدمه المشهد السياسي اليمني اليوم خالٍ تماماً من الشعور بأمانة المسئولية وغير مكترث بأهمية حماية الوحدة الوطنية ولا يقدّر عواقب الأمور ولا يعطي أدنى قدر لعظمة الحكمة وقوة الإيمان بالله رب العالمين، لأن المسيطر على المشهد السياسي هو حالة من اللا وعي بالمسئولية والفجور الفاضح في الخلاف والرغبة الشيطانية في الانتقام والسيطرة، الأمر الذي جعل الناس يعيشون حالة من الذعر وعدم الاستقرار في غياب الحكمة والإيمان واختفاء التعقل والتبصّر وبروز الرغبات الفاجرة التي لم يعد لها من رادع أو كابح، الأمر الذي يجعل الناس يعيشون في التيه والضياع، وهذه الحالة لا صلة لها بأهل الإيمان والحكمة والفقه اليماني أولو الألباب الذين تحدّث عنهم القرآن الكريم والسنة النبوية المطهّرة، وهو ما يجعل الكل يتساءل: أين العقلاء والحكماء؟ أين أصحاب العقول المستنيرة من هذه الحالة الفاشية الخطيرة التي تتحكّم بالمشهد السياسي اليوم؟. إن قوة الاعتصام بحبل الله المتين والالتزام بوحدة الصف في سبيل الحفاظ على وحدة الوطن وعدم السماح بتعريض الوحدة الوطنية للخطر باتت اليوم فرض عين على الكافة، إذ ينبغي على الكافة بذل الجهود لمنع الاحتراب والتمزّق ولملمة الصفوف وعدم التفريط في الوئام الاجتماعي والكف عن الإثارة والتشويه المتبادل والعمل على إيجاد أجواء إنسانية وأخوية من أجل حل المشكلات العالقة أياً كانت، لأن اليمن لم تعد تحتمل كل هذا الفجور في الاختلاف وعلى القوى المتصارعة أن تدرك أنها مسئولة عن تفكك عُرى المجتمع أو تمزيق الوحدة الوطنية ولن ينفع الندم بعد ذلك وسيظل العار يُلاحق كل من تسبّب في تمزيق اليمن الواحد والموحّد، ومازالت الفرصة متاحة للوئام والسلام بإذن الله.