مرّ عيد الأضحى المبارك كما لم يمرّ عيد مثله، تمايزت فرائحه، وتكاثرت فواجعه، وأدركنا فيه من البلاء ما لم يخطر على قلب أمٍّ أصبحت ثكلى بطرفة عين. رقصت في ساعاته وأيامه القلوب فرحاً بالتئام الشمل.. وناحت فيه الأرصفة كما لم تعرف الوجع من قبل.. وتناقضت فيه ومعه الأحداث حتى كدنا نمحوه من ذاكرة البهجة وميزته عن أيام الله. رأينا أحبتنا مبتهجين بحجٍّ وأعراس.. وأدركنا أصدقاءنا مكلومين بفواجعَ وأحزان.. ولمسنا غيم الأحلام في بوادر استقرار .. وسقطنا في لجة الأوهام مُذ فقهنا نزق الليل وخيبة النهار .. وشهدنا من وطننا العربي ذكرى أروع انتصار.. فانتشينا وطربنا.. وبذات اللهفة دفعنا نكبتنا وتدافعنا بألمنا.. حتى كأننا لم نرَ في هذه المناسبة العظيمة سوى فاجعة الأشلاء المتطايرة.. وكأن الزمن توقف لدى أنفاس طفل أكلته حرارة الرصيف لحظة موتٍ ونهاية أليمة. ليس لنا من الموعد شيء، لكننا حضرنا.. ولا شأن لنا بتحقيق حلم، لكننا رسمنا.. وليس في صالح دفاتر وعينا قصة يختصّ بها مستقبل أطفالنا انتشاءً وادخاراً، لكننا أدركنا ودفعنا واستيقظنا وتخطّفتنَا الهواجس كما لم تفعل من قبل. والآن ثمة أملٍ يلوح رغم الغصّة.. ثمة مأوى رغم الشتات.. ثمة بارق رغم الجفاف.. ثمة وعي رغم الشرود.. وما بين ثمة حلم وثمة لغم تتعاظم أحلام وطن.. وتكبر آلامه.. وتتبدّد أغانيه بذات القدر من انطلاقه كلحنٍ آسر نحلم فيه ومعه حبس الأنفاس للحظة إعلان البهجة المرتقبة. [email protected]