في هذا المقال تنهيدة الوجع تسبق ما سيخطّه الحبر، فقضية المخدّرات ليست فقط مشكلة تدمير الشباب وتغييب فكرهم وإنما هدم ملامح مستقبل موعود بمزيد من السواد في وطن نازف. البداية تأخذني هنا لأشرح مأساة ما يحدث لشبابنا اليوم من غزو يستهدف عقولهم المعوّل عليها الصحوة من أجل البناء والتنمية وإعادة أساس الوطن الذي لم يعد قادراً على مواجهة كل الوسائل الممنهجة لتفكيكه وزرع الصراعات والفتن بداخله في حالة الغياب الكلّي للوعي بمجريات ما يحدث لتأتي كارثة المخدّرات التي نخرت أجساد وعقول الكثيرين من الشباب الذين يبرّرون توجّههم بالواقع المتمثّل في البطالة وقلّة فرص العمل التي أدّت إلى سوء الظروف الاقتصادية وجعلتهم مستهدفين بطريقة مدعومة، وأضع ألف خط أحمر على كلمة «مدعومة» لأنه بالفعل الظروف الاقتصادية أصعب من أن تصنع بيئة المدمنين. ولكن هذه الصعوبة تلاشت في ظل وجود المروّجين لها جعلها متداولة بيد الشباب البسطاء، وهنا تكمن الكارثة التي تحتّم على الشباب أن يكونوا أكثر وعياً وإدراكاً ويستشعروا المسؤولية من زاوية البحث عن حلول بطرق إيجابية وليس بالهروب السلبي الذي يغيّب إرادتهم وعقولهم، فالغزو هنا هو غزو لا للإنتاج الفكري وحصر المستعمرين في حياة مظلمة لا ترتقي إلى مستوى الإنسانية التي كرّمت بالعقل، فلو فكّر الشباب ولو للحظات في من المستفيد من ترويج هذه المخدّرات أو بالأصح لمصلحة من..؟! سيتفهّمون حقيقة ما يحدث، ولن تقبل إرادتهم أن يصبحوا فريسة سهلة لمن رسموا سياسة استهداف هذه الشريحة التي من المفترض أن تكون فاعلة بحجم آمالها وتطلُّعاتها، فإذا لم يستوعب الشباب أهمية كينونتهم كقادة وزعماء للمرحلة المستقبلية؛ فإن الوضع سيتجه نحو التدهور. فالهروب خلف عدم تحمُّل المسؤولية سيخلق الأسوأ الذي حسب اعتقادي يجافي أحلامهم وطموحهم، فالعمل والإنتاح هما الحل لكل مشاكلنا بما فيها المشاكل السياسية التي أظهرت الحاجة الملحّة لصناعة القادة، وهذا الأمر لن يكون بالسخط واليأس ولكن بالصحوة التي لن يكون بجانبها خيار آخر، فالواقع لا ينتظر معجزة عصا موسى وإنما يترقّب إرادة وهمّة الشباب التي ستنطلق من قناعة أنه يكفي خضوعاً واستسلاماً للحلول الهادمة. بقايا حبر: الورود جميلة حين نقطفها بحذر من الأشواك المحيطة بها، وهكذا حياتنا أيضاً جميلة إن تعاملنا فيها بعقول حذرة تدرك حقيقة أنها مستهدفة.