ينتظر الشعب تشكيل الحكومة ورفدها بذوي الخبرة والكفاءة المؤهّلين بدرجات عليا في العديد من التخصّصات، ثم تحديد أولويات عملها بتفعيل عملية التنمية ومختلف الإصلاحات سواء الاقتصادية أم المالية أو الإدارية أو غيرها ضمن مصفوفة الإصلاحات الشاملة، ومكافحة الفساد والإرهاب بحزم وجدّية؛ وكذلك إحلال الأمن والاستقرار في ربوع اليمن وتعزيز الديمقراطية الحقّة مبتغى كل اليمنيين في إطار التعدُّدية السياسية والحزبية. ومن أهم عناصر نجاح أداء الحكومة الجديدة هو قيامها بإجراءات تقييم أداء المسؤولين والموظفين في الوزارات والمصالح الحكومية؛ بدءاً بالقياديين في مختلف مستوياتهم وانتهاءً بمن هم دونهم في الإدارات والأقسام؛ وذلك لرصد الاختلالات والأخطاء لكي تتم معالجتها وتصحيحها بشكل عام، والكشف عن جذور الفساد من العناصر التي ظلّت تنخر في جسد الوطن دون رادع ودون تجرؤ أحد على الاعتراض على تصرّفات معظمهم الفجة ومخالفاتهم التي ليس لها أول ولا آخر؛ وذلك لإيهامهم الناس أنهم يستندون إلى المسؤول أو الوجيه المبجّل فلان أو علان ذي السطوة الذي يحميهم من الحساب أو العقاب الأشر، وبناء على ذلك يسرحون ويمرحون بمختلف الطرق والأساليب الملتوية التي أصبحت نتيجة لتكرارها محفوظة ومعروفة لدى المتردّدين على تلك المصالح والوزارات. ومن المؤكد أنه لو أجريت عملية التقييم التي تمت الإشارة إليها سوف يُكتشف العديد من تلك المخالفات، وحينها ستتضح الصورة كاملة ليتم على ضوئها اتخاذ الإجراءات المناسبة لاختيار العناصر المخلصة من ذوي الكفاءة والقدرة على تحمل المسؤولية الوطنية، وإحلالها مكان تلك العناصر الفاسدة، بعد أن ظلّت تعبث بمصالح المواطنين وبمقدّرات الوطن بصور متعدّدة. وليس خافياً على الجميع أن الوزارات والمصالح الحكومية مطرّزة بعدد غير قليل من تلك النماذج المعتقة المعقّدة التي أصبح بالنسبة لها الإخلال بالواجب ومحاربة كل تطوّر ونجاح لهذا الوطن جزءاً من تكوينها وتلك سمة النفوس غير السوية الحاقدة. العنصر الآخر من عناصر نجاح أداء الحكومة لا يقل أهمية عن سابقه وهو ضرورة تفعيل الرقابة، فالجهات الرقابية المختلفة ولله الحمد موجودة على الساحة؛ لكن المطلوب منها هو تحمل مسؤولياتها والتعامل مع كل مخالف وفاسد بشدة وصلابة، فهناك مجلس النواب، المؤسسة التشريعية الرقابية الأولى في البلد، والهيئة العليا لمكافحة الفساد، وكذلك الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، إلى جانب الأجهزة الرقابية الأخرى في الدولة التي يجب أن تفعّل أدوارها وتعمل على تحديث أساليب عملها بشكل فطن حتى تتمكّن من مكافحة الفساد بمختلف أشكاله وردع كل من تسوّل له نفسه المساس بالأموال العامة أموال الشعب أو بمصالح الوطن. جل ما نتمنّاه بعد تشكيل الحكومة - التي تم توزيع الحقائب الوزارية فيها بعملية الاقتراع – أمران لا ثالث لهما، الأول: أن تظهر قريباً ملامح التغيير نحو الأفضل في أساليب الأداء في دواوين الوزارات وجميع أجهزة الدولة اليمنية؛ وبالأخص في قطاعات الاقتصاد والأمن والكهرباء والمياه والصحة والتعليم بشقيه الأساسي والعالي بما في ذلك الجامعات الوطنية، وأيضاً في الخدمة المدنية والثقافة والبيئة والإعلام إلى جانب تواصل الإصلاحات الشاملة ليتنفس اليمنيون الصعداء بعد معاناتهم الطويلة. الأمر الثاني: الجدّية في الإعداد للمرحلة التالية للفترة الانتقالية دون تلكؤ أو توانٍ للولوج إلى المرحلة القادمة بعون الله ومشيئته وفق أسس قانونية وديمقراطية.. وتلك خلاصة القضية. [email protected]