يبدو أن البعض من القوى السياسية لايدرك الأهمية الاستراتيجية لمفهوم الوطن, ولأنها لاتدرك ذلك فإنها لاتمتلك رؤية لبناء الدولة اليمنية القادرة والمقتدرة، الأمر الذي يجعل تلك القوى تتصرّف بعبثية وفوضوية تدميرية تقضي على مؤسسات الدولة، وإضعاف القدرات الدفاعية والأمنية وتعطيل الحياة الدستورية من أجل اللعب بمقدرات البلاد والعباد دون أدنى قدر من الشعور بأمانة المسئولية, بل إن البعض من تلك القوى يعمل ليلاً ونهاراً ضد الوطن دون وعي بخطورة تلك الأفعال الغادرة, بل إن البعض من تلك القوى يظن أن ماتفعله من محاولات لاستقدام الخارج لايمكن أن يظهر على الشعب وأن خدمة أعداء الأمة ستظل طي الكتمان، وتظل تلك القوى تلبس ثوب التخفّي لمحاولة إخفاء جوهر غدرها للوطن, لأنها لاتحظى لديه بأدنى قدر من الاحترام كونها تغدر بالوطن الذي تعيشه على أرضه. إن ماحدث من إعلام الشعب بما يدور خلف الكواليس من التآمر على الوطن رغم أن الشعب يدركه تمام الإدراك، وقد تمكّن من معرفة من ينطلق من قدسية التراب الوطني ومن يدنّس تلك القدسية, إلا أن الفضائح التي تُعلن على لسان الغير قد عزّزت إدراك الشعب بأهمية الحرص على الثقة وعدم منحها إلا لمن يحفظ الأمانة ويصون الدستور والقانون ويقدّس السيادة الوطنية ويمنع أية اختراقات لها. إن قدسية الوطن تتجاوز كل المصطلحات والمفاهيم المعرفية الإجرائية للسيادة ولا يُدرك قوة تأثير وخطورة المساس بها إلا من امتزج إيمانه بالولاء الوطني وأصبح هذا التماهي غير قابل للتبديل أو التغيير على الإطلاق، وعندما يقترن الإيمان بالله بالولاء الوطني يصبح عقيدة لاتزعزعها العواصف الهوجاء، ولاتنال منها الإغراءات والمغانم والمكاسب مهما كانت, لأن قدسية الولاء لله ربّ العالمين ثم لقدسية الولاء لتراب الوطن مزيج يسري في شرايين الدم ويصبح النَفَس الذي يتنفسه المرء, ومن يتمتّع بذلك هو من يستحق ثقة الشعب ووفاء الشعب, ولذلك على القوى السياسية أن تُراجع نفسها وتحدّد موقعها الفعلي من مفهوم الولاء الوطني المقدّس مادام الشعب قد منحها فرصة المراجعة والعودة إلى جادة الصواب من أجل الإسهام بشرف في إعادة بناء الدولة اليمنية للانطلاق إلى الأفضل والأكثر شموخاً وقوة وعزّة بإذن الله.