البعض من القوى السياسية لايتعلّم من تجارب الحياة إلا بعد فوات الأوان، الأمر الذي يجعله بعيداً عن الثقة الشعبية بسبب الاعتماد على الغير الذي حذّرنا منه مراراً وتكراراً وقلنا: من يحاول أن يستمد قوته من غير الإرادة الكلية للشعب لا يمكن أن يحظى بأدنى درجات القبول الشعبي, ومن هنا بات لزاماً على كافة القوى السياسية أن تتعلّم من تجارب الحياة ومعطيات الواقع الاجتماعي وعدم تجاوزه والوقوف عند رغبة الشعب والتخلّي المطلق عن الرغبات غير السوية التي تدفع باتجاه تجاوز معطيات الواقع اليمني، أو تؤثر سلباً على الوطن بأي شكل من الأشكال, لأن الشعب لم يعد يقبل بمن يحاول أن يتجاوز واقع الحياة اليمنية ولا يقدّس الخصوصية اليمنية. إن اليمن بمكوناته السكانية والجغرافية يتمتع بخصائص لا تقبل المقارنة مع أية رقعة جغرافية أخرى, ولذلك ينبغي الوقوف عند هذه الخصائص ودراستها بشكل علمي ومنهجي لكي ننطلق من تلك الخصائص المتفرّدة سكانياً وجغرافياً ولايمكن أن ينجح أي عمل لاينطلق من هذه الخصائص, وليدرك الجميع أن القوالب الجاهزة من أي شكل من أشكال التعامل مع المكونات السكانية والجغرافية في اليمن لايمكن أن تحقق أدنى درجات القبول وستُقابل بالاستهجان والرفض المطلق وسيتحمل مسئوليتها من يحاول جلب تلك القوالب التي لا تنفع إلا لبلد المنشأ, لأنها انطلقت من خصوصيات ذلك البلد. إن المشهد السياسي اليمني يعطي مؤشرات لاتقدم المفيد النافع بسبب الهروب من دراسة الواقع اليمني واللجوء إلى القوالب الجاهزة, ورغم أن دراسة الواقع اليمني لاتحتاج إلى طول وقت، لأن لدينا خبراء في السياسة والسكان وخبراء من النظم الدستورية ويدركون تماماً الخصوصيات اليمنية الجغرافية والسكانية إلا البعض من المعنيين باتخاذ القرار لانعلم ماهي الأسباب في عدم إخراج الدستور إلى حيز النور. إن إنجاز الدستور هو البوابة الأولى للولوج إلى المستقبل من خلال الانتخابات العامة، الرئاسية والنيابية والمحلية, ومن أجل ذلك نقدّم النصح لمن يريد أن يكون صادقاً مع الوطن بضرورة إنجاز الدستور بما يتلاءم مع الخصوصية اليمنية الجغرافية والبشرية ويكفي تطويلاً لأن صبر الشعب قد نفد، ولابد من الاستجابة لإرادة الشعب بإنجاز الدستور الذي يمكّنه من الاختيار الحر بإذن الله.