الإرهاب ظاهرة دولية معقّدة، وجريمة خطيرة ضد الشعوب والحكومات، يقوّض دعائم الأمن والاستقرار ويعطّل مشروعات التنمية، ويسبّب أضراراً فادحة على كل المستويات، والإرهاب في اللغة بمعانٍ عدة منها: الخشية، قال تعالى{ وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون}، ومنها: الرعب والخوف قال تعالى{ تُرهبون به عدوّ الله وعدوّكم}. رهب بمعنى الخوف، والتخويف والرعب والفزع. وفي الاصطلاح: في كتب الفقه لا يوجد تعريف لظاهرة الإرهاب، لأن المجتمع الإسلامي قديماً كان خالياً من هذه الظاهرة في صورتها الحديثة، وقد وُجدت تعريفات حديثة منها: القتل والاغتيال والتخريب والتدمير، ونشر الشائعات والتهديد وصنوف الابتزاز والاعتداء بهدف خدمة أغراض سياسية واستراتيجية. تعريف آخر: الإرهاب هو مجمل الأنشطة التي تهدف إلى إشاعة جو من عدم الاستقرار والضغوط المتنوعة، من اغتيالات وتفجيرات في الأماكن العامة وهجوم مسلّح على المنشآت والأفراد واختطاف الأشخاص وأعمال القرصنة الجوية واحتجاز الرهائن وإشعال الحرائق، وغير ذلك من الأعمال التي تتضمن المساس بمصالح الدول. تعريف جامعة الدول العربية للإرهاب: جاء تعريف موحّد للإرهاب في الاتفاقية العربية الموحّدة هو أن الإرهاب “ كل فعل من أفعال العنف والتهديد أياً كان بواعثه أو أغراضه يقع تنفذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي ويهدف إلى إلغاء الرعب بين الناس أو ترويعهم بإيذائهم أو تعرّض حياتهم أو حريتهم أو أمتهم للخطر. الأممالمتحدة وتعريف الإرهاب: عرّفته الأممالمتحدة بأنه أعمال العنف والقمع التي تمارسها الأنظمة الاستعمارية والعنصرية أو الأجنبية ضد الشعوب التي تناضل من أجل التحرر والحصول على حقها المشروع في تقرير المصير والاستقلال من أجل حقوق الإنسان وحرياته الأساسية وهو أيضاً أعمال العنف التي يرتكبها أفراد أو مجموعات والتي من شأنها أن تعرّض الحياة للخطر، وتنتهك الحريات الإنسانية. سمات الإرهاب ودوافعه: إن للإرهاب سمات عديدة ومتنوعة منها: الإرهاب يعتمد أساساً على السرّية في التخطيط والتنفيذ. يركّز على الاعتداء على المدنيين الأبرياء. يُحدث موجة عارمة من الخوف والرعب. إيمان القائمين على العمل الإرهابي بأنه عمل مبرر من وجهة نظرهم، ويخدم توجهاتهم وقياداتهم. ينطلق من أيديولوجية لها قناعاتها وأهدافها وخططها ومناطق أعمالها. إلى جانب التقليد والمحاكاة، بمعنى إذا ارتكب بعض الإرهابيين جريمتهم ونجحوا في تنفيذها فإنها تُكرّر بنفس الأسلوب والمستوى. إن معرفة هذه السمات تعين الباحثين والمهتمين على تفسير اتجاهات سلوك الإرهابيين وأهدافهم فجريمة الإرهاب ليست نتيجة عامل واحد، بل هي محصّلة لجملة من العوامل الداخلية والخارجية المشتركة، والبيئة وظروف المكان والزمان. وترى بعض النظريات النفسية أن للأمراض النفسية والعقلية دوراً في دفع بعض الأشخاص إلى هذا السلوك الإرهابي. أما النظريات الاجتماعية التي تفسّر السلوك الإرهابي في نطاق العوامل الاجتماعية فترى أن الأوضاع السياسية والاقتصادية في العالم والبطالة والتناقض المعرفي، والإثارة الإعلامية، والتطورات الرهيبة في الاتصالات، والنظرة الغربية الخاطئة للعالم الإسلامي، والمظالم التي تقع على العالم الإسلامي كل هذا ساعد على انتشار الإرهاب. وهناك شيء مؤكد هو أنه لا توجد نظرية واحدة تستطيع بمفردها تفسير ظاهرة الإرهاب أو تجيب على كل إشكالياته وتتوقع بدقة زمن حدوثه وذلك لتعدد صوره وأسبابه واختلاف مواقعه من مجتمع إلى آخر. تحليل علمي لبعض الحالات الإرهابية: تبيّن من التحليل لبعض الحالات الإرهابية مايلي: الإرهاب ظاهرة عالمية متواجدة في كل مكان في شرق العالم وغربه، وشماله وجنوبه، وقد ارتكبت الأفعال الإرهابية من قِبل أفراد يدينون بأديان مختلفة، كما أن المنظمات الإرهابية منظمات مغلقة تضم المئات وأحياناً الآلاف من الأفراد، وتركز على أهداف سياسية تتعلق بالعدالة والدين وتركز على الفئات الأقل حظاً في المجتمع. إلى جانب أن المنظمة الإرهابية منظمة دكتاتورية القائد فيها هو الحاكم، وأفرادها يخضعون له خضوعاً مطلقاً، وبرغم ذلك فهي قلّما تُعنى بإعداد كوادرها لشغل الأماكن التي تخلو بغياب صاحبها في قيادة المنطقة، إضافة إلى أن منفذي العمليات الإرهابية أكثرهم من الشباب يعتقدون بشرعية ما ارتكبوه. دوافع الإرهاب: من جملة أسباب الإرهاب والعنف على الأجيال الدوافع الدينية والاجتماعية والإعلامية والنفسية...إلخ.. إلا أن بعض الباحثين أجمل الأسباب التي يستعين بدراستها للوقوف على تشخيص واقعي ومتكامل لأسباب الإرهاب منها: تفكيك المجتمعات والتبعية للغرب في كل صغيرة وكبيرة دون مراعاة مصلحة الشعوب والدول. - الصراع الدولي على مناطق النفوذ والحروب لغرض استنزاف الموارد المالية والبشرية.لذلك فإن مكافحة الارهاب تتطلّب استراتيجية عالمية واضحة المعالم يساهم في تنفيذها كل الدول لوضع حد للإرهاب الذي أصاب كل مناحي الحياة و لا نغفل دور المواطن الذي ينبغي أن يكون عوناً للدولة، للتصدي للظاهرة التي تشكّل خطراً على المجتمع وأمنه واستقراره. * عضو بعثة الأزهر الشريف إلى اليمن.