يمثّل المسرح أحد مجالات حياة الإنسان وأحد المناحي المهمّة للحياة الثقافية ويعتبر إحدى الوسائل المتفرّدة لتحقيق التوصيل الأمثل للإبداع الثقافي المستنير، وهو كمختلف الأشكال الثقافية مادة تشكّل نبض الجماهير، وانعكاس لحياة أي مجتمع وما يعيشه من متغيرات حياتية. كما يعد المسرح مؤسّسة اجتماعية يمكن من خلالها توظيف الوسائل الإبداعية الفنية بصورة مناسبة وواعية، حيث يتحقّق عبرها التواصل بين المبدعين والمتلقّين بصورة حميمية، ولهذا يجب الاهتمام بالظاهرة المسرحية لأنها لا تقل في التأثير والأهمية عن ظاهرة التعليم، بل تمثّل سبيلاً مهماً للارتقاء بوعي الفرد والمجتمع في مختلف المجالات الحياتية بشكل سوي وسليم. وانطلاقاً من هذه المفاهيم الأساسية لفن المسرح كثقافة جماهيرية وكوسيلة فاعلة للتوعية وما يمكن أن يؤدّيه من دور ريادي في مناقشة مختلف القضايا سواء الثقافية أم السياسية أو الاجتماعية، ونظراً لمحدودية تواجد هذا الشكل الثقافي في بلد الإيمان والحكمة اليمانية وارتباط تواجده النادر الذي لا حكم له ببعض المناسبات الوطنية؛ فلابد أن يكون لوزارة الثقافة دور فاعل في احتضان ودعم كافة الأنشطة المسرحية باعتبارها الراعي الأساسي للمبدعين ومختلف الأنشطة والفعاليات الثقافية والفنية. وفي ظل اهتمام الوزارة – وعلى رأسها إحدى المبدعات المتميزات في اليمن - بالجوانب الثقافية الأخرى كالكتاب وإقامة الأمسيات والصباحيات الشعرية، وإقامة معارض الفنون التشكيلية؛ ننتظر أن يحظى المسرح بنفس المستوى من الاهتمام باعتباره الثقافة الأكثر التصاقاً بالجماهير والأكثر تأثيراً، فهو أبو الفنون لما يضمّه في مكوّناته منها بشكل عام؛ فإلى جانب فن التمثيل يضم كذلك الفن التشكيلي وفن الديكور والموسيقى تعبيرية كانت أو غنائية، وربما يضم في بعض عروضه فن التعبير الحركي الراقص أو فن السينما، حيث يمكن ضمن نسيج تلك العروض المسرحية إدخال بعض المشاهد السينمائية. .ولابد أن يتجلّى الدور التكاملي لوزارة الثقافة ووزارة الإعلام في هذه المرحلة التي يجب التأكيد خلالها على أهمية الولاء والانتماء الوطني، والتأكيد على الثوابت الوطنية والدينية؛ وذلك من خلال تكثيف إقامة الأنشطة الفنية الإبداعية المسرحية التي يمكن أن تعبّر عن أهمية هذه المبادئ بصورة واضحة وجلية، وتلك إحدى الوظائف الأساسية لفن المسرح أحد أهم الفنون الإبداعية، ولا شك أن الاهتمام بتفعيل دوره يحقّق أداء رسالته الإنسانية. وبالطبع فإن كل ذلك يتطلّب تنشيط دور قطاع المسرح والفنون الشعبية بشكل أكثر فاعلية بحيث يترجم هذا الدور إلى وضع برنامج شهري أو دوري للعروض المسرحية التي ستظل باستمرار وسيلة للتنوير وتعزيز الوعي الحضاري والثقافي والجمالي، ويمكن أن ينفّذ البرنامج المقترح وضعه بناء على الاختيار الموضوعي لعدد من النصوص المسرحية التي تتضمّن تلك المعاني والأفكار البنّاءة، ثم توزيعها على فرق المسرح الوطني الموجودة في ربوع الوطن الغالي، كما يجب إتاحة الفرص المناسبة لمشاركة الفرق الأهلية وفرق الشباب التي تنتظر كل دعم وتشجيع من قبل الجهات المعنية. ولكي يحقّق المسرح دوره الثقافي الرائد يجب بداية الاهتمام بالمبدع المسرحي وصون حقوقه وتركه حرّ التعبير والطرح غير المقيّد، باعتبار أن الصوت المسرحي مغير وناقد وبانٍ للمجتمع وتلك مسلّمة جلية، وقبل ذلك لابد أن يعي الجميع مسؤولية إدماج المسرح في التعليم بمراحله المختلفة في سبيل خلق ذائقة مسرحية. ومن المؤكد أن المبادرة بتفعيل دور فن المسرح تتطلّب اهتماماً فاعلاً من قبل الحكومة ممثّلة بوزارة الثقافة يتجلّي في المبادرة بالعمل على توفير الدعم المادي والمعنوي اللازم لتنشيط فن المسرح، أحد أهم وسائل الثقافة الجماهيرية. وسنظل على أمل أن تبادر وزارتا الثقافة والإعلام وجميع المنابر الثقافية باستخدام جميع الوسائل الثقافية ومختلف الأشكال الإبداعية وتوظيف مختلف الوسائل الإعلامية لتعزيز الوعي لدى الجماهير بأهمية الانتماء الوطني وقدسية الولاء لله وللوطن والوحدة والجمهورية، والعمل بكل جدّية لترسيخ هذه المبادئ السامية.. وتلك هي القضية. [email protected] رابط المقال على فيس بوك رابط المقال على تويتر