بينما كان الفنان العظيم “مايكل أنجلو” يقوم بتزيين سقف كنيسة “سيستينا” في “روما” برسوم الشخصيات الميثيولوجية، وفيما هو منهمك برسم حذاء لإحدى الآلهات؛ اقترب منه أحدهم ليقول له معترضاً: - هل شاهدت الآلهة ترتدي نعلاً..؟!. أجابه “أنجلو” باستغراب: - وهل شاهدت أنت الآلهة حافية..؟!. درس بليغ يأتي على هوامش حذاء، وفي الواقع يمكن ملاحظة أن معظم الشخصيات الميثيولوجية تبدو في التماثيل واللوحات الفنية دون أحذية ولا حتى ملابس، ومع ذلك لا يمكن تجاهل الحذاء الشهير للإله “ميركوري” الحذاء المجنّح والبراق الخارق الذي أهله بجدارة ليكون رسول الآلهة. عضوٌ بشري: الآلهة في كل حال ليست بحاجة لأحذية؛ لأنها تطير في سماء خالية من الأشواك والصخور بخلاف الإنسان؛ هذا المخلوق الحافي المنتصب الذي لاحظ في فصلٍ غابرٍ من تاريخه، أنه بأقدامه العارية أكثر عرضةً لمخاطر الطبيعة الجارحة من ذوات الأضلاف والحوافر، فصنع له أحذيةً من جلودها. من تاريخه أصبح الحذاء أشبه بعضوٍ في الجسد البشري ولازمة بشرية، قلّ من يتركها ورعاً ك«بشر الحافي» أو عوزاً ك “الجيش الحافي” لبلاد واق الواق، وفضلاً عن أهميته العملية، ترك الحذاء بصماته الواضحة في التاريخ والتراث الإنساني، فقد نالت بعض الأحذية من الشهرة، ما لم تنله بعض التيجان، كما في قصة “السندريلا” بل إن بعض التيجان سقطت بالأحذية كما في قصة “شجرة الدُّر” على الأقل, وبرزت في سماء الشهرة أنماط من الأحذية بعضها كان سعيد الطالع، وبعضها كان منحوساً وكلها كانت جذابة ومؤثّرة. حذاء «السندريلا» حذاء “منتظر الزيدي” هو الحذاء السياسي الأكثر شهرة في المرحلة العربية الراهنة؛ لكن الحذاء الأكثر شهرة وإثارة على مر العصور هو حذاء «السندريلا» فردة حذاء واحدة لا تناسب سوى قدم واحدة، ادّعت كل عذراء في البلاد أنها قدمها، لكنها لم تفلح في انتعاله، حتى وصل إلى صاحبته الحسناء المضطّهدة التي أخرجت الفردة الأخرى وانتعلته ودخلت به قلب الأمير وقصره. هذا الحذاء الشهير يشبه قصته الشهيرة التي ادّعت كثير من الشعوب أنها «القصة» جزء من تراثها الأدبي أو الشعبي، بما فيها «وريقة الحناء» في اليمن، ومع وجود القصّة في التراث الفرعوني القديم؛ إلا أن فيلما سينمائياً حديثاً يحاول القول إن الحذاء وصاحبته والقصّة برمّتها واقعة تاريخية حدثت في عصر النهضة، وإن الفنان الكبير «ليوناردو دافنشي» (1452_1519م) لعب دوراً مهمّاً في جمع الأمير بصاحبة الحذاء التي أصبحت صاحبة الجلالة وخلّد صورتها في أجمل لوحاته.إلى جانب قيمتها الجمالية، الطابع الإنساني للقصّة ورسالتها السامية منحاها كل هذا الشيوع، فهي إدانة لأولئك الآباء الذين يتجاهلون «أولاد القديمة» وعبرة بالغة لتلك الخالات اللواتي يضطهدنهم لصالح أولادهن ويعاملنهم بإهمال واحتقار كالأحذية، وهن أولى أن يُضربن بحذاء “أبي القاسم الطنبوري”..!!. [email protected] رابط المقال على فيس بوك رابط المقال على تويتر