لم يعد الحديث عن الدستور جانباً متعلقاً بالحياة السياسية فحسب، بل بات الحديث عن الدستور وصناعته متعلقاً بالحياة برمتها لأنه بوابة الانطلاق باتجاه المستقبل الذي يتحقق فيه خير الناس جميعاً وتتفتح فيه الآفاق المبشرة بخير الإنسانية ويزول فيه الاستغلال والفجور الذي الحق أبلغ الضرر بالحياة الإنسانية وتحدى مكارم الأخلاق وقضى علىقيم الحرية وهيمن على مفاصل السلطة وحولها إلى أداة لخدمة الاستغلال دون رادع من ضمير أو دستور على الإطلاق. ولئن كانت الحياة اليوم تقدم صورة مأساوية للمشهد السياسي، فإن ذلك من دوافع الحديث عن صناعة الدستور الذي على ضوئه تتحدد آليات إعادة بناء الدولة وآليات القضاء على الاستغلال والانتهازية، ومن خلاله يستطيع الشعب استعادة حقه في الانتخاب الحر المباشر الذي سلب منه بسبب الأحداث المأساوية التي جرت خلال الفترة الماضية وصبر فيها الشعب صبراً لا مثيل له ،لعله يجد حقه في استعادة امتلاك السلطة، باعتباره مصدرها وصاحب المصلحة الحقيقية في صناعة الدستور الذي يحقق الآمال الكلية لكافة المكونات السكانية والجغرافية للجمهورية اليمنية . إن الاصرار على ضرورة خلو الدستور من الصيغ المسممة للحياة أمر بالغ الأهمية، لأنه متعلق بآفاق المستقبل وهو دليل على الشعور بأمانة المسئولية الوطنية التي تحتم على الكافة الاهتمام المطلق بدراسة مسودة الدستور وشرح بنودها مادة مادة وكلمة كلمة وجملة جملة ،والوقوف أمام ما يمكن ان يصنع خطراً في المستقبل، يهدد حياة الدولة اليمنية الواحدة والموحدة أو يؤثر سلباً على إعادة تجميع عناصر الثورة القومية للجمهورية اليمنية . لقد بات من الواضح أن هناك قوى انتهازية تسعى لاستغلال الأوضاع الراهنة من أجل إرباك الحكماء والعقلاء وذوي الرأي المستنير والهائهم تماماً عن مسودة الدستور بزيادة الاحداث واختلاق الأزمات وجر البلاد إلى مواقع معيقة لصناعة المستقبل والهدف من ذلك كله جعل المجتمع مشغولاً وغير مستقر، الأمر الذي ينبغي معه على الكافة إدراك هذا المغزى الذي تحول إلى رهان لدى اعداء اليمن وادواتهم الشيطانية في أوساط صناعة القرار لتمرير المشروع التدميري الذي يحقق للقوى الاستعمارية التخلص من النزعة الوطنية المناهضة للوجود الأجنبي الراغب في تمزيق وحدة اليمن الواحد. إن اليقظة والحذر باتت اليوم مطلوبة من أجل تفويت الفرصة على أعداء وحدة الأرض والإنسان اليمني ودولته الواحد والموحدة والعمل بقوة الإرادة وصلابة الإيمان بالله رب العالمين من أجل منع التشرذم والتقزم الذي تحاول قوى الكيد فرضه على اليمن واليمنيين والعمل على إنتاج دستور يجمع ولا يفرق يوحد ولا يمزق، يعزز بناء الدولة اليمنية الواحدة بإذن الله .