القوة والضعف    بين صمود الشعب وعجز الحكومة: أين تكمن الأزمة؟    اليوم ..أمطار غزيرة وعواصف رعدية    رسميًا.. صلاح يكتب التاريخ بجائزة أفضل لاعب في إنجلترا    الذهب يتراجع إلى أدنى مستوى في 3 أسابيع مع صعود الدولار    مدير أمن ذمار يؤكد أهمية دور العقال في حفظ الأمن والسلم الاجتماعي    الصحة العالمية: اليمن يسجل أكثر من 60 ألف إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    غروندبرغ: اليمن مهدد بالتحول إلى ساحة حرب إقليمية، والحوار طريق النجاة الوحيد    عن تجربة لم آلفها من قبل    عن تجربة لم آلفها من قبل    لو كان بن حبريش بريئ لماذا رفع شعار.. "عدم المساس بالرموز القبلية والمجتمعية"    مارس اليمنيون كل الحروب القذر على شعب الجنوبي ولكنها فشلت    المقالح: توتر في صنعاء استعدادا لاحتفال ومنع آخر    معلمون يصنعون الجهل    منخفض المونسون يتجه الى الجنوب ستصحبة أمطار غزيرة جدا    المؤتمر الشعبي العام يتخذ قرار بشأن الاحتقال بذكرى تأسيسه    ألونسو يحدد مشاكل ريال مدريد أمام أوساسونا    كلية الطب بجامعة المحويت تحيي ذكرى المولد النبوي بندوة ثقافية وتوعوية    وسائل إعلام عبرية: لن تتوقف الهجمات الصاروخية اليمنية إلا إذا توقفت الحرب في غزة    أهلي تعز يهزم الشروق ويتأهل إلى ربع نهائي بطولة بيسان    اليمنية تبدأ بيع تذاكر السفر بالريال اليمني ابتداءً من اليوم الأربعاء    وزير الدفاع: المقاومة الشعبية كانت وستظل السند الأول لقوات الجيش في معركة التحرير    تنويه مروري هام .. حول ما سيحدث الساعات القادمة    انطلاق مهرجان "الرحمة المهداة" في مديرية الحيمة الخارجية    هاتفياً.. ولي العهد السعودي والرئيس الروسي يبحثان القضايا الإقليمية    رئيس الوزراء يتابع جهود التعامل مع الأضرار الناجمة عن المنخفض الجوي في عدن    اختتام ورشة تشاورية حول الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي بالعاصمة عدن    الأمين العام لهيئة رئاسة الانتقالي يعزّي اللواء أحمد سعيد بن بريك بوفاة شقيقه وابن عمه    وزير الدفاع يتفقد قوات المنطقة العسكرية السابعة بمأرب ويشيد ببطولات منتسبيها    تسليم 42 منزلا بعد ترميمها بصنعاء القديمة    مصدر بالزراعة:ما يتم تداوله بشأن مبيد "بروميد الميثيل" هدفه التهويل وتخويف الناس    الزنجيل قد يخفض مستويات السكر في الدم وعلاج طبيعي لمصابي السكري    مأرب .. الإفراج عن صحفي بعد أربعة أيام من الاعتقال    الوزير السقطري يناقش قضايا القطاع السمكي في محافظة شبوة    تواصل حملات ضبط أسعار السلع والتعامل بالعملة المحلية في الغيضة بالمهرة    فعالية لمكتب الاشغال بذمار بذكرى المولد النبوي    بعد الإفراج عنه.. مانع سليمان يكشف ما حصل له في مطار عدن الدولي    الأرصاد: استمرار حالة عدم استقرار الأجواء وتوقعات بأمطار رعدية متوسطة إلى غزيرة مصحوبة بحبات البرد    شذرات من التاريخ: للجهلة وعيال البامبرز عن تاريخ يافع.    صنعاء.. جمعية الصرافين تعمّم بإيقاف التعامل مع ثلاثة كيانات مصرفية    اكتشاف أقدم دليل على الصيد بالسهام في آسيا قبل 80 ألف عام!    اضطرابات حرارة الجسم تكشف عن أمراض خطيرة!    مأرب والمهرة تواصلان الامتناع عن التوريد لمركزي عدن    وصول كفار أمريكان لينصحوا مسلمين يمنيين للحفاظ على أموال البنك المركزي    شوارع عدن تغرق بمياه الامطار    طالب بتعويض 65 مليونا.. ديارا يتهم «فيفا» بازدراء القانون    محامي شيرين:كسبنا القضية بالحجز والتعويض    عالميا.. دور الأربعة أحدث أنظمة السوبر    ماركيز يُتوّج باللقب ويوسع الفارق    قوات خفر السواحل توقف حركة القوارب والعبّارات في سواحل حضرموت    إصلاح أبين ينعى القيادي محمد الجدي ويثمن جهوده وأدواره الوطنية    المنتخب الوطني تحت 23 عاماً يختتم معسكره الداخلي ويتوجه صوب دبي لإقامة معسكر خارجي    التشي يعود بتعادل ثمين امام ريال بيتيس في الليغا    شرطة تعز تعتقل مهمشاً بخرافة امتلاكه "زيران"    مرض الفشل الكلوي (17)    خرافة "الجوال لا يجذب الصواعق؟ ..    أكاذيب المطوّع والقائد الثوري    توكل كرمان، من الثورة إلى الكفر بلباس الدين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحوار الوسيلة الوحيدة للنجاة
نشر في الجمهورية يوم 16 - 01 - 2015

لا يمكن أن تواجه الأمة الإسلامية تهديدات العصر الحديث ومخاطره وأدواته الاستعمارية، ما لم تعتمد الحرية وسيلة أساسية في حياتها, فالحرية وحدها لها القدرة على تغيير ملامح الواقع، عن طريق إتاحة الفرصة للإبداع والاجتهاد وإبداء الرأي؛ ومناقشة قضايا العصر ومشاكله بصورة علمية ومنهجية. إنه بدون الحرية يستحيل تحقيق أيِّ مشروعٍ كان، سياسيا، أو فكريا، أو اجتماعيا، أو اقتصاديا.
وعلى الرغم من أن الأمة الإسلامية تعاني من سطوة قيد الحريات، يبقى ما هو أدهى من ذلك وأمر، وهو غياب ثقافة الحوار عن قطبي الأمة الإسلامية (السنة، والشيعة) وما يتفرع منهما من جماعات دينية تشكل في مجملها القوة الفاعلة في تصويب مسيرة الأمة أو سوقها إلى الجحيم. فهذه الجماعات لا تؤمن بالحرية ولا بالحوار ولا تقبل بهما حتى الآن.
إن ما تشهده الأمة الإسلامية اليوم من تنافر وتباعد وتخاصم وتعارك بين قطبيها بشكل أساس، لمؤشرٌ خطير يهدد حياة الإنسان المسلم في كل مكان، ويعصف بكل مقومات الأمة الدينية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية. لاسيما وأن كل قطب كما هو ظاهر للعيان يُفَّعلُ بكل ما أوتي من قوة من وسائله الإعلامية (المرئية، والمسموعة، والمقروءة)؛ لمواجهة القطب الآخر، وكذلك تعبئة عقول أصحابه بالأفكار والمعلومات التي تقلل من شأن القطب الآخر، بل إن موجهات الخطاب تصل إلى درجة الإلغاء والتكفير، والدعوة بقوةٍ لمواجهته بوصفه شراً مبيناً، وأن خطره على الأمة الإسلامية يفوق خطر اليهود والنصارى، كما نسمع من أفواه خطباء المساجد وأئمتها، ونقرأ من كتب وكتيبات وأشرطة ومنشورات توزع مجاناً للمارة في الطرقات والشوارع والمدارس والجامعات. إنه خطابٌ لا ينتج إلا ما نراه من الكراهية والعنف والانتقام وسفك الدماء، وتشتيت عقول الأمة ومقدراتها، ويشفي صدور أعدائها ويُمكنَّهم من رقاب الأمة وثرواتها.
إن أفسد شيء للأديان، كما يقول الشيخ محمد الغزالي، هو غرور أصحابها، إذ تحسب كل طائفة أنها ملكت مفاتيح السماء، وأنها الوارث الأوحد للجنة، وهذا الغرور ما نراه يُغيَّبُ مبدأ الحوار على أساس أن الآخر باطلٌ في كليته، فكيف يتم التحاور معه، وهذا جهلٌ لا بعده شيء؛ لأن كلَّ قطبٍ يؤمن بفكره ومذهبه، ولا يستطيع أن يلغيه الآخر بالمرة، أو يستأصله. ومن هنا فإن اعتماد الحوار هو الوسيلة الأنسب لتهدئة النفوس وإزالة التوترات، والقادر على التوصل إلى خطوطٍ عريضةٍ تلزم الطرفين على عدم تجاوزها من أجل مصلحة الأمة وبقائها على قيد الحياة. ولاسيما وأن معظم الخلافات الفقهية بين القطبين تقع في دائرة الفروع.
ومع أن السياسة في البدء هي من بذرت الفتنة بين أبناء الأمة وعملت على تغذية الخلاف من خلال تبني هذه المذاهب وتوجيهها؛ لتحقيق مصالح آنية، إلا أنها في الحاضر والمستقبل -كما يبدو- غير قادرة على إصلاح ما أفسدته، ومن هنا يجب أن يعي علماء الأمة ومفكروها من أبناء القطبين أن مسئولية الحوار تقع على عواتقهم؛ لإخراج الأمة من نفق مظلم قد يؤدي إلى التنكيل بها، أو استمرارية العداوة والكراهية والاقتتال فيها ما بقي الوجود.
إن الحوار الذي يجب أن يسود لا بد أن يبتني على أساس احترام الآخر وفكره وما يؤمن به، ووجوب التعايش معه ومحاورته بالحجة والعقل والمنطق، وضرورة مواجهة المسائل الخلافية بروح علمية ومنهجية تعتمد على الدليل والبرهان، والبحث عن الحقيقة من أجل الحقيقة (فالحق أحق أن يتبع) لا من أجل الجدال أو التعصب أو الجهل بالآخر، أو النيل من علمه أو فكره أو التقليل من قدره، كما هو سائدُ اليوم. ولنضرب مثالاً على ذلك، فحينما سئل العلامة عبد العزيز بن باز عن الزواج بين السنة والشيعة، فأجاب “لا ينبغي”، ومثل ذلك جاء في فتاوى آية الله على السيستاني، إذ سئل عن زواج الشيعية من سني، فأجاب: “لا يجوز إن لم يؤمن الضلال”. فأي روح عدائية يحملها هذا الخطاب وهو يأتي في هيئة فتاوى دينية تلزم الأتباع على تطبيقها في الواقع المعاش.
إنه أسلوب عقيم لا يستند إلى شرع أو منطق أو عرف، وإنما مبعثه الرؤية القاصرة، والعصبية العمياء، ومجافاة روح الدين وسماحته، فالدين يجيز الزواج من كتابية، فكيف لا يجيز الزواج من مسلمة. إنه صنيعٌ يبتعد عن لين الخطاب الذي أمرنا به الدين الإسلامي، وحكمة القول، والوعظ الحسن، والدعوة إلى الوحدة، وعدم التنازع، يقول تعالي:«ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم»، ويقول سبحانه: «واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا».
إن ما يؤسف له أن هؤلاء العلماء قدوة الأمة لا تتوافر لديهم النية الصادقة والفكر الثاقب؛ لحصر نقاط الاختلاف وتطويقها وتجاوزها إلى ما فيه نفع الإسلام وصلاح أمته، إنهم يجهلون حقيقة الإسلام، فهو دين تراحم وتآزر وتعاطف وليس دين فتنة وغلو وإقصاء وتنافر، أنه دين حوار وقبول واجتهاد وكرامة، وليس دين جدل عقيم، وتكفير وتخويف وإذلال، إنه دين العقل والحركة المستمرة والانفتاح وليس دين الجمود والثبوت والتقييد.
إن التأكيد على الحوار بين قطبي الأمة ليس عبثاً فقد أصبح ضرورة ملحة، بل واجباً دينياً؛ لأن أعداء الأمة يتربصون بها اليوم أكثر من أي وقت مضى، ويعملون بكل جد على إذكاء جمرة الخلاف والصراع، وعلماؤنا ومفكرونا يغضون الطرف عن ما يحاك للأمة دون مراعاة أدنى اعتبار إلى الخلفيات الصهيونية والغربية المستفيدة من شرخ الأمة وتمزيقها؛ ولهذا السبب فالحوار هو الوسيلة المثلى لتجاوز الأزمة، فعن طريقه نصل إلى آراء جديدة يتعايش معها الطرفان وتحقق التقارب بينهما، ولا حرج في أن يتعبد كل طرف بمذهبه، فكلٌ من رسول الله ملتمس.
إن العبء الأكبر في لملمة شتات الأمة وتوحد كلمتها وإيقاف مهزلة التنافر والتباعد والتكفير يقع أول ما يقع على رجال الدين من القطبين، فهم الأقدر على تصويب أخطاء السياسة بحكم قربهم من عامة الناس، وفاعلية كلمتهم فلهم السمع والطاعة باعتبارهم حملة الدين وحفاظه، ولذا يجب أولاً البعد عن المكابرة والغرور، فالاختلاف قد تحول حتماً إلى خلاف بل إلى حروب طاحنة أهلكت الحرث والنسل كما نرى في العراق وسوريا وليبيا واليمن.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.