يقال بان «لسلّتة» تلك الوجبة الشعبية الشهيرة ولدت كوجبة حقيقية مكتملة البهارات والإضافات إبان حصار صنعاء في ستينيات القرن المنصرم، وان سبب ولادتها مكتملة ولذيذة ناتج عن ظروف الحصار الذي فرضه الأئمة على الجمهوريين، فيما قبل ذلك كانت عبارة عن وجبة جانبية في الأغلب لم يكن مرغوباً بها! تجد كل بيت في صنعاء القديمة يتخصص في جمع وتخزين مادة غذائية معينة، فمثلاً تجد في البيت الأول اقفاص الدجاج البياض والبيض متوفر بالمئات، وتجد في البيت الثاني حبوب الحلبة.. تُغسل وتنظف وتطحن .. وتجد في البيت الثالث من يتفنن في صناعة البهارات وخاصة البسباس ..فيما تجد في البيت الرابع من يزرع في حوشه الكبزره والبيت الخامس الكراث، والسادس الإدام ، والثامن البطاطس..يتبادل البيت الأول حبات البيض مقابل قليل من حلبة البيت الثاني، ومع البيت الثاني حبات اخرى بقليل من البهارات ومع البيت الثالث بحبات من البطاطس وهكذا حتى تتكوّن في كل بيت وجبة مكتملة تحوي كل اصناف المواد الغذائية اسمها «السلتة».. يعطي هذا لذاك وذاك لهذا في تكامل اسري اجتماعي.. منفعة واضحة غلّفت تحت مسمّى التكافل الاجتماعي .. انتهت بانتاج وجبة “السلتة” المتنوعة، والتي أكد على فرادتها ومذاقها الطيب حرفيو سمسرة باب اليمن المهرة، والذين تولوا عملية تصنيع وتطوير “الحرضة” وهي آنية تطبخ على قدر حجري تسمّى بالمقلى، وبيعها بأسعار واحجام تتناسب مع أصحاب كل الدخول. الآن ..يحكى أنّ عجوزاً صنعانياً طيباً – يتذكر جيداً ان والده في الزمن الغابر كان ينتج احدى تلك المواد الغذائية ويبادلها بأخرى-حمل حرضته المتوسطة ونشد البيت الأول ان يمدّه بحبات البيض فلم يجد، ونشد البيت الثاني ان يمده بقليل من الحلبة فلم يجد، ونشد البيت الثالث قليل من البهارات فلم يجد، نشد البيت الرابع الكبزره فلم يجد.. ونشد البيت الخامس الكرات ، والسادس الرز ، والسابع الإدام ، والثامن البطاطس، فلم يجد سوى أيدي خالية خاوية..لا امل.. لا أمل. أيقن بان أحوال الناس، ومن دون حصار صارت صعبة..فعاد بالحرضة ولكنّ من دون «السلّتة»!! [email protected]