الذي يحتاجه الوطن في هذه الآونة جهود وطنية مكثّفة تجمع الناس على كلمة سواء, وتُوقف هذا التمترس والتعنّت الذي لن يصل بالوطن إلا إلى مهاوي الردى أكثر مما هو حاصل اليوم.. وكل ما هو مطلوب لتحقيق ذلك؛ ليس أكثر من الانصياع لصوت العقل, وأخذ حلم اليمنيين وصبرهم بعين الاعتبار, واتفاق الأطراف السياسية المتحاورة على بيئة مناسبة للحوار المثمر, فالحوار الذي يُراوح مكانه ليس أكثر من أرض قاحلة لا ينفعها الماء ولا يجدي معها الحرث. والمطلوب أيضاً أن يكون الحوار حوار الإخوة والشركاء المتسامحين المترفعين عن سفاسف الأمور وأطماع هذه الغرّارة المكّارة, وأن تتوقف الممارسات التي تزيد في إيغار الصدور وتأجيج الحقد, وأن يتوقف هذا الحشد الإعلامي المخيف, المثقل بالأكاذيب والافتراءات التي هدفها مزيد من التأزيم؛ لتحويل اليمن إلى سوريا أخرى أو ليبيا أخرى أو عراق آخر. القوة والحروب لا تقدّم حلولاً .. هذا ما نقوله دائماً, وسنظل نقوله ما بقي في الوطن صوت يهلّل للعنف ويحث عليه.. وكل من يتمسك بخيارات أخرى غير خيار الحوار والتنازل من أجل الوطن فعليه أن يدرك أنه في الطريق الخطأ. لقد سئمنا من سماع الشحن الطائفي والمذهبي في السنوات الأخيرة, وأرى اليوم أقلاماً كثيرة تتوثب للبدء في عملية الشحن المناطقي الجهوي وتأليب محافظات الوطن على بعضها.. بهذه الطريقة نواصل هدم المعبد على من فيه, كما هدمه المتصارعون العرب في بلدان الصراع الآنفة الذكر. سيتحقق النجاح للحوار حين يقف صوت الرصاص ويعلو صوت النقد الذاتي والاعتراف بالخطأ والاستعداد للقبول بالآخر والشراكة معه على أساس من الثقة المتبادلة والرضا الكامل بهذه الشراكة, بعيداً عن التطلّع إلى الاستحواذ والهيمنة, فلا ينبغي أن يتذاكى أحد على أحد, ما دام الوطن للجميع, والكل تحت طائل المسؤولية أمام الشعب. وإذا لم يكن المحاور مستعداً للتنازل من أجل الوطن ومن أجل الملايين فأي وطنية يدعيها؟، وأي حب لهذا الشعب يدعيه؟ وأي تضحية يقدمها من أجله؟. عموماً تقول الفلسفة: إن لكل معلوم علّة, والعلة تسبق المعلوم, وهكذا فلكل نجاح أسبابه مثلما لكل فشل أسبابه أيضاً, ولن يرى الوطن النور إلا بالحوار والتفاهم الذي يحتاج إلى التخلّي عن كل ما يُعقد الحلول ويعمّق الهوة بين القوى السياسية المختلفة. [email protected]