الدكتور ياسين سعيد نعمان رؤيته مبنية على مخاوف وطنية من تفكك الجنوب واشتعال نار الجهوية والمناطقية من جديد بعد مرور سنوات على انطفائها .. والدكتور عبد الكريم الإرياني سياسي بارع اطمأن إلى لغة نص الاتفاق فوقّع عليه.. وحزب التجمع اليمني للإصلاح أثبت بالتوقيع فاعليته في تقديم التنازلات من أجل إخواننا في المحافظات الجنوبية ..والتنظيم الوحدوي الناصري كان من الطبيعي أن تمنعه (وحدويته - أكثر من غيره – عن التوقيع لجسامة الموقف .. وبيان حزب المؤتمر الشعبي فيه الكثير مما يستحق أن يقف الجميع عليه حفاظًا على مستقبل التراب اليمني .. وفوق هذه المواقف كلها جاءت شجاعة رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي في رعاية الاتفاق والإشراف عليه .. وهي شجاعة تعكس وعياً بمسؤوليته التاريخية في إطفاء نار الأزمة المشتعلة منذ سنين, وإلجام كل) الوزغ) الداخلية والخارجية التي اعتادت أن تشب هذه النار كلما خمدت؛ ليحترق) الوطن( حتى يتفحّم. إذن نحن أمام مواقف كلها ذات بعد وطني, سواء تلك المتخوفة أو تلك الجريئة, فالمذكورون تعاملوا مع القضية بمواقفهم الحقيقية الصادقة حبًا لهذا الوطن وخوفًا عليه, ولو كان هناك حضور للمضمرات السلبية أو التحالفات الرعناء والتكتيك المرحلي غير الوطني في هذه القضية لكانت المواقف كلها عكس ذلك, أي لكنا قد وجدنا “ياسين” يبصم بالأصابع العشر على هذه الوثيقة؛ لأن حزبه سيسترد بها دولته .. ولكان دهاء الإرياني قد حمله على التملص منها بعذرٍ مسكت .. ولكان حزب الإصلاح قد رفع عقيرته بالقول: أيها اليمنيون أنقذوا وحدتكم!! ولكان حزب المؤتمر قد اكتفى بمباركة جهود صاحبيه (الإرياني وهادي) ليقدم نفسه تياراً فدائياً وبطلاً متفانياً من أجل أبناء الجنوب في مقابل خذلان تجمع الإصلاح!! بل ولكان رئيس الجمهورية قد اختار التواري والصمت, بدل ذلك الظهور الذي حمل دلالات عميقة على إصراره على النجاح وإشرافه المباشر على الاتفاق والرغبة في إعادة الطمأنينة إلى نفوس اليمنيين, لاسيما ما دل عليه ظهوره بالهندام الشعبي الجامع والوسطي (الثوب والكوت بدون العسيب) من الانتماء الصادق لهذا الشعب وهمومه, والوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف وأنه ليس رئيسًا للجنوبيين وحدهم ولا للشماليين وحدهم, وإنما هو رئيس لكل اليمنيين. من هذا نخلص إلى أن كل مقومات التوافق حول مصير اليمنيين موجودة, ذلك التوافق الذي سيخرج بحلول تضع مصلحة الوطن وسلامة مستقبله فوق كل اعتبار, وبالتالي سنخرج بسلام من هذه الدوامة, لكن هذا يقتضي من الرموز المتحاورة اليوم تحقيق شرطين: أن ينتبهوا للصياغات اللغوية وسحر الألفاظ حمّالة الأوجه التي قد تفتح المجال مستقبلاً للتأويلات والتفسيرات التي قد يتخذ منها بعض رجال الشر مطيةً لإشعال فتيل الأزمة بين آونة وأخرى .. والشرط الثاني أن تعمل هذه القيادات السياسية على تهيئة الجو النفسي عند اليمنيين لاستقبال نتائج الصلح (والصلح خير) وذلك بأن تحمل إعلامها الحزبي والموالين له على التعقل والكف عن تأجيج الشارع اليمني جنوبه وشماله, وأن تصم كل هذه القيادات السياسية آذانها عن سماع الحذلقات والجدل الذي لا ولن ينتهي, فإعلام اليوم في رأيي حكمه حكم الخمر والميسر (وإثمهما أكبر من نفعهما). أقول ذلك لهذه الرموز السياسية؛ لأن بعض الأحزاب تعودت أن تترك أتباعها أو بعض أذرعتها الإعلامية ينضحون بالكراهية والتخوين والتراشق بالاتهامات, وهذا الوضع غير صالح لنجاح الحوار أولاً, وغير صالح لأن تبدع هذه القيادات في التأسيس لمستقبل إيجابي ثانياً. معنى ذلك أن المسؤولية الملقاة على عاتق هؤلاء الساسة كبيرة, فعليهم أن يتدارسوا أمرهم بعناية, وقد يفتح الله على أيديهم فتحاً عظيماً لهذا الوطن.. وما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن .. ويا أيها اليمنيون: تفاءلوا بالخير تجدوه .. ولا أراكم مكروهاً قط [email protected]