للأسف العنوان سليم من شبهة الخطأ المطبعي كما قد يظن البعض ، وهو بهذه الكيفية يعبر عن واقع مرير وقساوة منتنة فرضت على نمط حياتنا مفاهيم مقلوبة ، لا تنم إلا عن حقائق صادمة لم تكن لتخطر على البال حتى الأمس القريب ، فالقتل بالهوية الذي صاحب الربيع العربي وسار في موكبه خلال السنوات العجاف الاخيرة في العراق وليبيا وسوريا وبنسبة اقل في اليمن رافقه كذلك مايمكن تسميته ب « الاتهام بالهوية ايضا » الذي استخدمته التيارات السياسية المتفوقة عسكرياً كهراوة لإلحاق الاذى بالخصوم والإساءة لهم عن طريق البحث في السيرة الذاتية للمستهدف وعلاقاته الاجتماعية واستكشاف مواطن الضعف التي لايخلو منها بني آدم يمني من مثل قضايا الديون او مشاكل ميراث او خلافات عائلية وخلافه واستغلالها في توجيه صفعة مؤلمة وتوريط من يتسبب لهم في صداع الرأس بقضية ربما عفا عليها الزمن واصبحت طي النسيان لكن الحاجة السياسية الهابطة استدعت إعادتها الى الحياة لإذلال هذا الذي يسبح عكس التيار ، وجعله يرضخ للامر الواقع دون مقاومة او تذمر ، ولا بأس من التوسل بمسوح القضاء كمظلة رقيقة لتغطية الدافع السياسي المحرك للتهمة وإظهارها بمظهر الخصوصية الشخصية ، وغالباً مايكون ضحايا هذه الأساليب الالتفافية « صحفيون - ناشطون حقوقيون - سياسيون معارضون - عسكريون مناوئون » . الأنكى أن يافطة حملات قصف المشاغبين والخارجين عن الطاعة بتهم من هذا الصنف الحقير ، مكتوب عليها « المتهم مدان حتى تثبت إدانته » ، اي ان البراءة خط احمر ولاوجود لهذا المصطلح في قواميس هذا النوع من التهم التي يتم ابتعاثها بلؤم وتطرف من واقع التفتيش في السجل الحياتي الخاص لكل من يهدد نشاطه المعرفي والسياسي والفكري الكيان الوجودي لهذا الطرف او ذاك ، فالغرض ليس إحقاق الحق وتطبيق العدل بقدر ماهو تصويب عالي الدقة لتشويه الغريم والإطاحة به من سلم اهتمامات الرأي العام ، ففي مجتمع محافظ ومتدين كاليمن تعتبر التهمة وإن كانت كيدية والتشكيك في النزاهة والطعن في النقاء الأخلاقي سلاحاً قوياً وفعالاً لتجريد الكاتب والناشط والسياسي من أهم أدواته المؤثرة المفترضة في الشأن العام ، إذ يكفي ان تشيع في الناس نبأ حبس « فلان » على ذمة قضية من القضايا ليصبح كل ما يصدر عنه من رؤى وافكار مثاراً للشك دائماً وربما مردودة وغير مقبولة حتى لو نال البراءة ، فما بالنا إذا كانت النية هي الانتقام والإدانة حتى تثبت الإدانة وإن لم تثبت فيجب ان تثبت شاء القضاء ام ابى ، وقضية الزميل الصحفي سام الغباري الذي يقبع في سجن الإصلاحية بذمار منذ اكثر من شهر ولم يتم إحالتها للمحكمة المختصة إلى اللحظة خير مثال على جرائم الاتهام بالهوية التي لاتختلف قطعاً عن جرائم القتل بالهوية لأن الهدف واحد إسكات الاصوات المعارضة . نحن لانتحيز عاطفياً ونقول إن الرجل معصوم كالانبياء من الخطايا والاخطاء حاشا وكلا بل هو بشر يخطئ ويصيب وفي حياته الخاصة والعامة مايماثلها في حياة الآخرين وجل ما نريده من المتفوقين عسكرياً إفساح المجال للقضاء كي يقول كلمته دون تدخلات او وصاية او توجيه فقد تحالفه البراءة في آخر المطاف مثلما قد تطاله الإدانة المهم أن الأمل لايزال يحدوني وغيري من المتعاطفين مع قضية الزميل سام في أن لاتفكر اي قوة محلية تحت تأثير نوبة بطش عارضة من خطف البراءة من لسان الحاكم في اللحظات الاخيرة للنطق بالحكم على طريقة افلام هوليوود الاميريكية ....! [email protected]