وليس فقط انتقلوا انتقالاً جذرياً إلى توظيف قواتهم المسلّحة إلى وظائف غير قانونية؛ بل زجّوا بها في تكوين العصبات الإجرامية كالاتجار بالأسلحة، وغسل الأموال، والجنس، ووفّرت لهم هذه الوظائف ثروة كانوا بعيدين عنها ملايين السنين، ومن هذه الثروات ارتكبوا حماقات اجتماعية واسعة النطاق كأن يتزوّجون كل ستة أشهر تزيد أو تنقص من شابات؛ ثم يرمونهن إلى شارع العصابات الإجرامية التي تتاجر بالجنس محلياً وإقليمياً..!!. ويمكن زيارة الشبكة العنكبوتية للاطلاع على تقرير نهب الأراضي في المحافظات الجنوبية بعد حرب 1994م؛ سوف يطلّع المتصفّح على كل الأسماء والمساحات المنهوبة والمباعة إلى التجّار والمغتربين الجنوبيين هروباً من المساءلة والإعادة. قائد المنطقة الجنوبية السابق «مقولة» سلخ من ساحل المخا عشرة آلاف قصبة «10000» بينما سلخ قائد المنطقة الشمالية والغربية السابق «علي محسن الأحمر» في تقاطع الطرق بين حضرموت والمهرة خمسة وثلاثين كم2 «35كم2» وقالت إحدى الصحف في مانشت عريض: «إن المساحة تقدّر ب25 ألف كم2» لماذا هذه المساحات وهم نهبوا أراضي صنعاء والحديدة وتعز وإب وغيرها من بلدات الشمال التي سيطروا عليها سنة 1978م..؟!. ثانياً: وتحت مظلّة التحالف الاستراتيجي المحلّية والإقليمية والدولية والبازغة إبّان الحرب الباردة بين قطبي الصراع العالمي تشكّلت المليشيات السياسية تحت يافطة الجملة الغيبية والأيدولوجية ألميتافيزيقية التخريفية التضليلية وكان عنوانها الأبرز «المعاهد الدينية» المموّلة من قيادة الوهابية والمدارة من مراكز المخابرات الدولية ومقرّها ألمانيا الغربية الاتحادية، وضخّت هذه المعاهد عشرات من الكوادر والمنتسبين إلى المليشيات الدينية السياسية المستأجرة من المخابرات الدولية بعدئذ. ومطلع التسعينيات من القرن الماضي تعاظم دور هذه المليشيات وحاولت التصدّي لعملية توحيد عدنوصنعاء، وتعاظم دورها السياسي عمّا كان عليه أثناء المواجهات العسكرية بين قوات حكومة عدن وقوات سلطة صنعاء منذ السبعينيات وحتى 1982م حينما أبرم علي ناصر محمد صفقة مع علي عبدالله صالح باع بموجبها الجبهة الوطنية وفرع الحزب الاشتراكي اليمني فيما كان يسمّى ب«الجمهورية العربية اليمنية» سابقاً، حيث تمكّنت سلطة صنعاء من تنظيم حملة اعتقالات واسعة لكوادر وناشطي الجبهة والحزب في صنعاء والحديدة وتعز وإب، وشكّلت هذه المليشيات التي ضخّت آلافاً من الأحداث إلى محرقة أفغانستان؛ ثم زُجّ بهم في الصفوف الأولى لمحرقة 1994م للقتال نيابة عن القوات المسلّحة والأمن المليشياوية الفيلق المتقدّم في المواجهات العسكرية الست في صعدة تحت شعارات مذهبية شنيعة راح ضحيتها الآلاف من أبناء صعدة..!!. ومقابل هذا الغول المتعاظم القوّة؛ نصحت المخابراتالأمريكية "وهي التي تدرك الهجوم المعاكس الناجم عن بطالة هذه المليشيات" نصحت رأس الطغمة العسقبلية في صنعاء بالدفع إلى إنشاء تنظيمات سياسية ذات طابع مذهبي استغلالاً لما روّج له ب«ديمقراطية الوحدة» والتي تسمح بقيام هذه التنظيمات؛ وليس هذا فحسب بل بتشجيع إيران على فتح معاهد مذهبية في أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء، وكان قد عاد إلى صنعاء وصعدة العديد من الأشخاص الذين هجروا الشمال إلى إيران وبالتالي انخرطوا في تكوين هذه التنظيمات السياسية المذهبية ومن أبرزها «حزب الأمّة، وحزب الحق» وغيرهما من الجمعيات الداعية إلى إحياء التراث الزيدي..!!. وبعد فترة قصيرة اختفى «حزب الأمّة» وحلَّ محلّه «الشباب المؤمن» بقيادة حسين بدر الدين أمير الدين الحوثي ومحمد عزّان، وعمل هذا التنظيم تحت عباءة المؤتمر الشعبي العام، وحظي بدعمه السياسي عبر انتخاب بعض أعضائه في مجلس النواب وبدعمه المالي الذي تداولته وسائل الإعلام بعد الخلافات بين قائد التنظيم حسين الحوثي وقائد الطُغمة علي عبدالله صالح سنة 2004م عند زيارة الأخير إلى صعدة.