لا زلت أتذكر أن إضافة الألقاب إلى الأسماء في عقد الثمانينيات خلال عهد دولة الحزب الاشتراكي اليمني في الجنوب كانت عملية مستهجنة، ومحل نقد.. وبدأت تختفي تماماً نتيجة لذلك.. ولكن ما لبثت أن بدأت بالظهور مجدداً، وبشكل تدريجي منذ إعلان إعادة الوحدة وقيام الجمهورية اليمنية، وما إن قامت حرب صيف 1994 الأهلية بين الشطرين وما ترتب عليها من تحولات اجتماعية وسياسية هدفت في بعض مظاهرها إعادة إحياء القبيلة وتمجيدها وتغليب مسألة الانتساب إليها على الانتماء للوطن، حتى عادت الألقاب إلى الظهور بشكل ملفت للانتباه، ليس فقط بالنسبة إلى تلك الألقاب التي كادت أن تختفي من قبل، بل ظهرت ألقاب جديدة معظمها كانت مجهولة وغير متداولة، جميعها حاولت أن تثبت انتماء أصحابها للقبائل القوية والمشهورة والغالبة، بغض النظر عن مدى صحتها، المهم أنها بدت بمثابة سمة تمجيدية وأصبحت محل تفاخر بين الكثير.. ومع بروز الحركة الحوثية إلى صدارة المسرح السياسي والاجتماعي والعسكري، وما اتسمت به من سرعة التمدد والانتشار، وما رافقها من تغير طارئ قلب موازين القوى التقليدية، وعلى الأخص بعد ما سقطت معه المكانة القبيلة التقليدية في المجتمع، سرعان ما انقلبت الألقاب بطرفة عين لتتنكر لانتماءاتها المشيخية والقبلية السابقة، وحلت عوضاً عنها ألقاب جديدة، اكتست ثوباً جديداً هو الانتماء لآل البيت، ويحاول كثيرون الآن الاستماتة في الدفاع عن صدق هذا الانتماء والنسب الجديد، إلى الحد الذي يكاد يتحول معه اغلب أفراد وفئات المجتمع اليمني وهماً أو حقيقة إلى النسب الشريف بشكل غير مسبوق.. ولا شك في أن المرونة العالية التي تتصف بها هذه الظاهرة تجعل منها متغيراً تابعاً ذا قابلية سريعة وغير محدودة للتبدل والتحول، تبعاً لأي بوادر في التحول بالنسبة للمتغير المستقل المتمثل في التغير الاجتماعي والسياسي في المجتمع اليمني.. الأمر الذي أصبحت معه هذه الظاهرة المتغيرة بتغير الوضع السياسي والتي تطال التغيير والتبدل في الهوية من السمات الاجتماعية والثقافية بالنسبة لقطاع واسع من المجتمع اليمني بشكل عام، وللفئات الاجتماعية المهمشة والمقهورة بشكل خاص، وأضحت تمثل إشكالية كبيرة تطرح نفسها بصورة جديرة بالاهتمام والتأمل، وهنا تكمن أهمية طرحها، وبلورة النقاش حولها بين أوساط الباحثين، وإخضاعها للدراسة النظرية والاستقصاء الميداني، وآخذة بالاعتبار كأولوية يجب أن تحظى بالبحث العلمي الجاد، وفقاً لأحدث مناهج البحث المتقدمة في العلوم الاجتماعية، للوقوف على العوامل الحقيقية التي تقف وراءها، والدوافع المؤدية إليها، والأهداف التي تسعى إلى تحقيقها، والنتائج المتوخاة من بروزها واستفحال أمرها، ومدى تأثيرها وتأثرها بالظواهر الأخرى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية، والمتغيرات والتحولات في البيئة المحيطة بها، وطبيعة ونوع العلاقات المرتبطة بها، وسبر أغوار جذور العلاقات المباشرة وغير المباشرة التي تدور في فلكها، والتي غدت موضوعاً يستحق التحليل والمقارنة والتفسير. [email protected]