في أفغانستان ولسنوات طوال وخصوصاً بعد دخول القوات السوفيتية أفغانستان في زمن الحرب الباردة بين قطبي العالم الاتحاد السوفيتي والولاياتالمتحدهالأمريكية، وفي أواخر الثمانينيات تم تنصيب نجيب الله رئيساً لأفغانستان، وبالطبع كان موالياً للاتحاد السوفيتي، وحقيقة موالاته للاتحاد السوفيتي آنذاك كان ضرورياً ومنطقياً في نظري حيث يحاذي البلدان، أفغانستان والاتحاد السوفيتي بعضهما البعض، وبالتالي مصالحهما مشتركة، ولا علاقة مطلقاً للولايات المتحدةالأمريكية في تلك المنطقه، لكن هي الحرب الباردة والبحث عن مأزق ووحل يغرق فيه الآخر هو هدف معروف بين قطبي العالم آنذاك. بعد تنصيب نجيب الله ودخول قوات سوفيتية أفغانستان نشطت أميركا وأعوانها في فتح باب القلاقل والاضطرابات بل وجهنم على تلك القوات، وبدأنا نسمع مصطلح الجهاد والمجاهدين في أفغانستان، وهب عشرات الآلاف من الشباب من كل مكان إلى افغانستان وهنا هبتهم حملت راية الجهاد وباسم الجهاد والحقيقه أن مخططي وراسمي تلك الحقبة ليس هدفهم الجهاد مطلقاً بل هدفهم هزيمة الاتحاد السوفيتي وجيشه، وهنا كان المخطط والراسم لكل ذلك هو الولاياتالمتحدةالأمريكية نكاية بالاتحاد السوفيتي. لم لا وهما في معارك في السيطرة على مناطق النفوذ في العالم. استمرت الحرب وما سُمِي بالجهاد سنوات عشر، وبالطبع أخذت منحى آخر ، لايعيه ولايعرفه من ذهب من الشباب باسم الدين الى أفغانستان، وانحرفت البوصلة بعد ذلك إلى إثارة النعرات الطائفية، المذهبية، الدينية بين المسلمين في أفغانستان، وبالطبع وبعد خروج الاتحاد السوفيتي وقواته بالكامل من أفغانستان ذهب الإخوه المسلمون ممن سُمّوا بالمجاهدين في فتح جبهات على بعضهم البعض باسم المذهبية سني، وشيعي، وبدأنا نسمع بتفجيرات واغتيالات بل وتجاوزت كل ذلك إلى أن وصلوا إلى المساجد وتفجيرها على رؤوس المصلين. انتقلت نفس الصورة والنتيجة النهائية للفكر المتشدد والمتطرف من قبل البعض للعبث الذي تم في افغانستان، إلى الدولة المجاورة، الباكستان، ولازالت آثار ذلك نشهدها بين حين وآخر. تفجير مساجد وتفخيخها بتلك الوسائل لم تأتنا إلا من بعد أحداث أفغانستان، والحقيقة هي مرحلة واضحة أن داعمي هذا الفكر والمخططين له والراسمين أهدافه ليسوا إلا نتاج مخطط فتنة يُشعل المنطقة الإسلامية، وينتقل من منطقة إلى أخرى ومن يراقب ذلك سيظهر أمامه بالفعل أن تلك الأعمال الشنيعة والإرهابية ليس لها علاقة بالدين الإسلامي مطلقاً. ولو تابعتم أن هذا الفكر المتطرّف من تفخيخ وتفجير مساجد الله والمصلون فيها قد انتقل بالفعل إلى العراق وسوريا وكان الضحايا مصلين مسالمين وشيوخاً وعلماء دين، وأطفالاً، بل وحتى متسولون أمام أبواب المسجد. ليس هذا الفكر والتوجّه من الإسلام بشيء، ولا يمثّل المسلمين أبداً ، بل لايمثّل أي دين ومذهب وطائفة، والغريب هو أن انتشار هذا الفعل الإرهابي البشع والشنيع يتركز في مناطق إسلامية، بداية من افغانستان والباكستان، وانتقل إلى العراق ولبنان وسوريا ونيجيريا، وأخيراً اليمن هل تتوقعون أن هناك عاقلاً وواعياً بعقله وحواسه يعرف وبكامل حواسه وحتى فكره أنه ذاهب إلى تفجير نفسه ليس في كتيبة عسكرية ولكن في مكان مقدس تتردد فيه كلمات لا إله إلا الله، محمد رسول الله. هل يعرف من هو ذاهب إلى هذا المكان وإلى هذه المهمة والتي قطعاً ستدخله في أعماق جهنم أنه سيقتل ويقطّع بشراً أشلاء أشلاء!؟. من المعروف أن من يُرسل هؤلاء لايستطيع أبداً أن يكلفهم بهذه المهمة الخطيره إلا بعد أن يُذهِبَ بكامل عقل وبصر وبصيرة من يحمل كيلوات المتفجرات لتفجير نفسه وسط بشر ومصلين، وذلك بملء فمه وجوفه من المخدرات والحشيش والذاهبة بالعقل والجسد، وقد رأى كل الناس عبر وسائل التواصل الاجتماعي أحد المقاطع لشخص من داعش في العراق ذاهب يفجّر نفسه وهو يقود السيارة ويتحدث بكامل السكر وضياع العقل وكأنه ذاهب لحفلة رقص مجونة، وهو لايدري أنه أيضاً ذاهب إلى حتف نفسه وتمزيق جسمه أشلاءً. إن من يرسل هؤلاء ويغذّي فكرهم المتطرّف ويدعمهم مادياً وإعلامياً ويخطط لهم ليذهبوا إلى بيوت الله قد خطط لهذا العمل وانتشار هذا الفكر ليحصد نتيجة أهم من عدد القتلى والضحايا في المساجد أو في بيوت الله أو أي مكان آخر. إن هدف هذا الشرير أكبر من كل ذلك وأكبر مما يتصوّره البعض من بسطاء الناس، فالهدف هو إثارة الفعل وردة الفعل، وانتشار ردة الفعل والتي في النهاية ستؤسّس لحرب مدمرة طويلة بين المسلمين أنفسهم، ظاهرها سنّة وشيعة، وحقيقتها حرب على الإسلام من المسلمين أنفسهم، وفي كل مناطقهم لتشتعل بلاد الإسلام والمسلمين في معارك لا نعلم متى ستنتهي، وما تفجير جامعين في صنعاء من قبل إرهابيين قتلة مجرمين إلا بدايتها في اليمن، فهل يعي الناس ذلك ويتصرّفون بحكمة في منع مروّجي وداعمي هذا الفكر والتوجّه أم ينتظرون بصمتهم هذا تفجيراً آخر يصلهم إلى بيوتهم؟، على الجميع أن يدرك أن ماحصل من عمل إرهابي في جامعين في صنعاء ليس إسلاماً بل هو إرهاب وحرب على الإسلام، فهل نعي!؟. [email protected]