يُعرف الذكاء الاجتماعي بأنه قدرة الشخص على فهم مشاعر وأفكار الآخرين والتعامل مع البيئة بنجاح، والاستجابة بطريقة ذكية في المواقف الاجتماعية، وتقدير لخصائص الموقف تقديراً صحيحاً والاستجابة له بطريقة ملائمة بناءً على وعيه الاجتماعي، أي إنه يتضمن القدرة على التصرّف في المواقف الاجتماعية الصعبة، ومعرفة المبادئ والواجبات الاجتماعية، والمشاركة الوجدانية للآخرين في المجتمع، أي هو باختصار قدرات تؤدي إلى تعلم المعلومات الواقعية والمهارات الاجتماعية في حل المشكلات، وينمو الذكاء الاجتماعي من خلال الأخلاق. والذكاء الاجتماعي وفقاً للتعريف الأصلي ل(ادوارد ثورنديكي)، هو: “القدرة على الفهم والتعامل مع الرجال والنساء والصبيان والبنات، والتصرّف بحكمة في العلاقات الإنسانية”. والذكاء الاجتماعي، أو الذكاء التفاعلى هو أيضاً مكافئ للتصرّف بذكاء في العلاقات ما بين الأشخاص، وهو نوع واحد من أنواع الذكاء المحدد في نظرية (هوارد غاردنر) حول الذكاء المتعدد، والتي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بنظرية العقل، ولذلك يقيد بعض المنظرين التعريف بالتعامل فقط مع المعرفة بالأوضاع الاجتماعية، وربما يُدعى بشكل أصح الإدراك الاجتماعي أو ذكاء التسويق الاجتماعي والذي يختص بالتوجه في الإعلان النفسي - الاجتماعي، وإستراتيجية تسويقه وتكتيكاته. ووفقا ل(شون فولينو)، فإن الذكاء الاجتماعي هو قدرة الشخص على فهم بيئته تماماً والتصرف بشكل ملائم لسلوك ناجح اجتماعياً، وأنه بدون الذكاء الاجتماعي يتعب الإنسان غاية التعب، ويفقد ثقته في نفسه وفي الناس، فالذكاء الاجتماعي يتطلب العمل والصبر والمجاملة، ويتمثّل هذا الذكاء في إمكانية الفرد على التخلّص والتملّص من المواقف الحياتية المحرجة وفي إمكانية الشخص على إقناع من حوله والتكيف معهم و في التخطيط للوصول إلى أهداف الفرد الذاتية. وللذكاء الاجتماعي معانٍ متعددة، فيقال أحياناً: إن هذا الشخص دبلوماسي أو صاحب اتكيت، أي أنه يحاول أن لا يصطدم بالأشخاص ولا يواجههم بما يكرهون، وبذلك لا يفقد أحداً من الأطراف، ويبقى الذكاء الاجتماعي نسبياً بعيداً عن الحقيقة وقولها، وفي أحيان كثيرة يقترب بصاحبه من التملق والعيب قطعاً ليس بالذكاء الاجتماعي ولكن بصاحبه، حيث إن الذكاء الاجتماعي يعتبر كأية وسيلة من وسائل الحياة يمكن استخدامها بالطرق الإيجابية، ويمكن أن تُستغل بالطرق السلبية. ولذلك فإن ما يكون حقيقة الإنسان ليس كمية الذكاء لدى الإنسان، بل إن الذكاء الاجتماعي أو ثراء نوعية حياتنا هما ما يكونان حقيقة الإنسان، وعلى سبيل المثال: ماذا يعني لك كونك إنساناً تعيش في وسط الحاضر الواعي، محاط بالروائح والأذواق والمشاعر، ومن حقيقة كونك كياناً مجرداً، استثنائياً، ولديه خصائص يبدو انتماؤها صعباً للعالم الفيزيائي، فهذا هو الذكاء الاجتماعي الذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمعرفة وبالذكاء العاطفي الذي يعبّر بدوره عن القدرة على التعرف على شعورنا الشخصي وشعور الآخرين، وذلك لتحفيز أنفسنا، ولإدارة عاطفتنا بشكل سليم في علاقتنا مع الآخرين. وهناك علاقة وطيدة بين الذكاء الاجتماعي والانفعال الجماعي الذي يشير إلى الأمزجة، والمشاعر والتأثيرات المزاجية لجماعة من الناس، حيث تشير الدراسات إلى أن قائد الفريق يؤدي دوراً مهماً في تحديد أمزجة أعضاء فريقه، أي أن أعضاء الفريق يكونون أكثر سلبية إذا كان قائدهم في حالة عاطفية سلبية، مقارنة بأعضاء الفريق الذي يتمتع قائدهم بمزاج إيجابي، ومع ذلك، فإن أي عضو من أعضاء الجماعة قد يؤثر على انفعالات الأعضاء الآخرين، وقد يحدث ذلك إما عن طريق العدوى ضمنياً، أو تلقائياً، أو عاطفياً أو عن طريق التأثير العاطفي الواضح، والمتعمد من أجل تعزيز مصالحه، ومن العوامل الأخرى التي تؤثر على تشكيل الحالة الانفعالية للجماعة، التاريخ الانفعالي، وأعراف التعبير عن المشاعر والقواعد التنظيمية الأوسع فيما يتعلق بالمشاعر، وتؤثر الحالة الانفعالية للمجموعة على أداء الفريق ونتائجه، فعلى سبيل المثال، تبدو الجماعة التي تتمتع بمزاج إيجابي في تنسيق أكبر يجمع بين أعضائها، على الرغم من أن الجهد الذي تبذله يكون في بعض الأحيان ليس بمستوى الجهد الذي تبذله الجماعة ذات المزاج السلبي، ومن الأدوار الأخرى التي تؤديها المشاعر في ديناميكيات الجماعة وأدائها هي العلاقة بين الجماعة (أعضائها والمهام - النزعات والعلاقة - والنزاعات). ومن المفترض أن تكون النزاعات المرتبطة بالمهمة مفيدة لتحقيق الهدف، إذا لم تؤد نزاعات المهمة إلى نزاعات في العلاقة بين أعضاء الفريق، وفي هذه الحالة يتعرّض الأداء للإعاقة، أما السمات التي تفصل المهمة من نزاعات العلاقة فهي سمات انفعالية مثل الذكاء العاطفي، والروابط العلائقية داخل الجماعة، وقواعد الحد من الانفعالية السلبية أو منعها، وبالتالي يكون لجوانب عاطفة المجموعة تأثير إيجابي على النتائج. نخلص إلى القول: إن للذكاء الاجتماعي أربعة أبعاد، فالبعد الأول خاص بالقدرة على مواجهة وحل المواقف الاجتماعية الصعبة، ويختص الثاني بالقدرة على فهم الجوانب النفسية للمواقف الاجتماعية، بينما يختص الثالث بالقدرة على بثّ روح الدعابة والمرح والنكتة، وأخيراً يختص الرابع بالقدرة على فهم السلوك الاجتماعي بالأمثلة الشعبية والحِكم النفسية، ويصف الذكاء الاجتماعي القدرة البشرية الحصرية على التنقل والتفاوض في العلاقات الاجتماعية المعقدة والبيئات المختلفة بفعالية. ويؤدي الذكاء العاطفي إلى زيادة المزاج الإيجابي الذي قد يؤدي بدوره إلى تعاون أكبر ونزاعات أقل. وختاماً، نؤكد على إن الذكاء الاجتماعي المحمود، والذي نحبذه وندعو إليه، ليس هو الوصولية أو التسلّق أو النفاق، فهذه الصفات كاسدة بمقياس الذكاء الاجتماعي نفسه قبل المقياس الأخلاقي والذي هو أساس في الذكاء الاجتماعي الحقيقي، فليس ذكيّاً من يكسب أشياءً، وقد خسر نفسه، مهما كسب، فأولئك هم الخاسرون، ولعلنا لا نجانب الحقيقة إذا قلنا: إن الذكاء الاجتماعي لو استخدم بطريقة صحيحة وفي وقته المناسب فإننا سنحصل على نتائج جيدة من العلاقات الودية، ونتجنّب العلاقات التي قد تثير الحساسية، ولو تمعنا في أساليب هذا الذكاء، لوجدنا أن هناك خيطاً رفيعاً بينه وبين الكذب، وهو ما يجب علينا الانتباه إليه لكي لا نقع في شراك الكذب، وهناك حديث روي عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) يمثّل قمة الذكاء الاجتماعي، يتضمن أنه: «لا يجوز الكذب إلا في ثلاثة مواضع: في الحرب، وحديث الرجل للمرأة، وإصلاح ذات البين». [email protected]