- نقل المريض من محافظة إلى أخرى يهدد صحته - انعدام الثقة في الأطباء تدفع المريض إلى التنقل بين المستشفيات- كتب/المحرر .. من يدري قد تكون الرحلة من تعز إلى صنعاء أكثر مشقة من السفر إلى القاهرة..ذلك مؤكد فالأولى تستغرق مايزيد عن ست ساعات، في طرق ملتوية ،أما الثانية فلا تتجاوز ساعة ونصف، على وضعية واحدة لاتؤثر في المريض أثناء نقله..ماالذي يحدث في الرحلات الداخلية للمرض بين مدينة وأخرى، مايسببه ذلك من متاعب؟ وكيف لنا أن نتخلص من هذا؟ من محافظات مختلفة من محافظات مختلفة تجدهم متراصين في صفوف على الكراسي وعلى بلاط المستشفى لم يقنعوا بالعلاج إلا في العاصمة..بعضهم وصل للتو من مدينة بعد رحلة ليلية وأثر الإرهاق بارز في ملامحه.. من سيئون جاء «عائض أبوبكر كشميم» رجل تجاوز الخمسين من عمره وربما أكثر يمكننا الحصول بدقة على عدد شعرات رأسه السوداء..يقول: أنه جاء للتداوي من ألم يحيط عموده الفقري منذ سنتين..وعندما سألناه عن وجود أطباء عظام في مدينته قال: أن هناك من نصحه بالقدوم إلى العاصمة فلا فائدة ممن هم في سيئون. مالم يعرفه كشميم هو أن رجل أعمال قام بتأثيث مستشفى سيئون بما يزيد عن مليون دولار بأحدث الأجهزة الطبية وكوادر عالية التأهيل. الإرهاق في الوجه محمد الحامد ووالدته قادميين من تعز ليلة البارحة كما كان واضحاً في وجه والدته التي لم تنم منذ يومين وهو ماأكدته وتتمنى أن تتمكن اليوم من مقابلة اختصاصية النساء في المستشفى لتشرح معاناتها فهي تريد العلاج وتعود في ذات اليوم إن أمكن إلى تعز. يقول الدكتور/أحمد العنسي مدير عام مستشفى الثورة العام بالعاصمة إن ذلك يشكل إرهاقاً للمستشفى الذي لايقدر على تلبية جميع الطلبات، فالمرضى قادمون من أنحاء البلاد ولأسباب عديدة قد يكون علاجها ممكن حتى في القرى التي جاءوا منها لكن الثقة تكون مفقودة وهو مايجعلهم يقدمون إلينا. هو أيضاً رأي جميع من قابلناهم من الأطباء..الدكتور/حسين الكرشي اختصاصي الأطفال في المستشفى الجمهوري يقول: إن الثقة منعدمة في الأماكن البعيدة وأنه يومياً يستقبل أكثر من عشرين طفلاًَ ثلثين منهم قادمين من مدن ومناطق بعيدة لاتفتقر إلى الخدمات الصحية لكنها تفتقر إلى الثقة بين المرضى والأطباء. بلا حجز طلال الشرعبي سكرتيراً لأحد الأطباء المعروفين في الجراحة في العاصمة مامن يوم يمر ولا ساعة من دون إرباك، فالمرضى قادمون من أماكن بعيدة ويريدون العودة خلال أيام حتى أنهم يأتون دون حجز مسبق وينتظرون دورهم ليتمكنوا من مقابلة الطبيب و يتراكم الكثير من المرضى في غرف الانتظار وقد لايتمكنوا من ذلك يجلسون لساعات طوال يروون خلالها معاناتهم في الرحلة وتركهم لأسر وأطفال يريدون العودة إليهم لعل ذلك يجعل قلب «طلال» يحن عليهم لكنه أصبح خشناً كما يصفوه. نحاول جاهدين وكيل وزارة الصحة الدكتور/عبدالمجيد الخليدي يقول: أن الوزارة تحاول جاهدة ارساء العدل في توزيع الخدمات الصحية والكوادر في انحاء البلاد كي لايضطر المريض للترحال لكنهم يصرون على الترحال مايضر بالحالات التي لاتحتمل التأخير أو التنقل من مدينة إلى أخرى.. يضيف الخليدي/أن ذلك يسبب ازدحاماً للمستشفيات العامة المتواجدة في المدن الرئيسية كالعاصمة فالناس لايجدون أنفسهم واثقين في المشافي القريبة منهم كحالة نفسية يعيشونها ويعتقدون أن العلاج بعيداً أفضل. ويمكن حل ذلك الإشكال بزرع المزيد من الثقة بين الناس والأطباء وأن يحاول الأطباء جاهدين كسب القلوب والعقول وهي مهمة صعبة لكنها ليست مستحيلة. المعاناة التي يحملها المرضى أنهم لايجدون الوقت الكافي وبقاؤهم في مدن بعيدة يكلفهم أموال أكثر،كما أن نقل المريض بواسطة السيارة يؤدي إلى تدهور في صحته وظهور مضاعفات كثيرة..وينبه الدكتور/أحمد العنسي إلى الأمر الخطير وهو خروج المريض من المستشفى بعد إجراء العملية في العاصمة أو غيرها قبل أن تكتمل الفترة لذلك والعودة إلى المدينة أو القرية التي جاء منها قد يؤدي إلى انفتاح العملية وحدوث مضاعفات في الطريق على الجميع أن يفكر في هؤلاء.