- أحمد قائد الأسودي .. «إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم» حين يصادف التميز الذاتي لدى إنسان ما..التخصص العلمي أو الوظيفة أو الموقع الاجتماعي أو السياسي أو الاقتصادي أو الأداء المهاري أو الحرفي.. الخ.. فإن ذلك سوف يعكس أثره المدهش..ويضيف على الأداء والممارسة نتائج مذهلة في الغالب..وقد يحقق نقلة متميزة متقدمة تختصر الزمن لتحقق النهوض..وليس مبالغة القول..إنها حالة قد تحقق منجزات تفوق التصور والحسابات والخطط المرسومة..والواقع الإسلامي والإنساني يزخر تاريخه بالأمثلة التي تعزز هذا القول..وبالمقابل ففي كثير من الأحيان قد يكون العكس حين لايصادف التميز الذاتي ذلك الحال المطابق والملائم له..وفي بعض الأحيان قد تكون النتائج جيدة ولكنها مكلفة باهظة..جهداً..مالاً ووقتاً..وأحياناً قد تكون حقيقة المنجز بلا فائدة بالحجم الذي كان مرجواً..من مثل ذلك الموقع أو التخصص أو الإمكانات المهدرة لذلك..وهكذا ففي غياب الوعي بأهمية المشروع الخاص المتميز لدى الأفراد يترتب عليه كثير من السلبيات الحقيقية التي تمس الجماعية. ويمكن القول هنا.. أن المشروع الخاص المتميز..يعني فيما يعني تلك الثورة على الذاتية الخاملة العاجزة عن تجاوز قيودها وفشلها..تلك الثورة على الذاتية التي تندب حظها وهي قاعدة تلقي عجزها على غيرها وذلك لأن المشروع الخاص في حد ذاته يعكس الذاتية التغييرية..تبدأ من أصغر وحدة في الكيان الإنساني..هو الفرد..يغير ذاته أولاً..بتفعيلها فيما تميزت به من خلال أداء متميز تجير له تراكماته في الغالب بتلقائية ويستهدف التخلف في جانب من الجوانب..والمشروع الخاص يعتمد أساساً على صاحبه الذي يغذيه بكل عوامل النجاح المادية والأساسية والمساعدة ويحشد له الامكانات والقدرات والمتاحات حوله..لأنه من الأهمية بدرجة الابن..فلذة الكبد وقرة العين..والابن بطبعه يحمل اسم أبيه..ولكل مشروع متميز أب يعرف به..فكأن من لا مشروع له أشبه بمن لا ابن له يحمل اسمه..فما أكثر تلك المشروعات والمنجزات الخيرة..وحتى أحياناً الشريرة منها تحمل أسماء أصحابها على مر القرون والعصور وتتالي الأمم. ولأن ذاكرة التاريخ..بل وذاكرة البشر..لايغيب عنها إلا تلك الأسماء التي لاتقترن بمشاريع ومنجزات فهل حان الوقت أن يسأل المثقف المسلم نفسه؟؟ عن طبيعة تميزه؟! عن مشروعه الذاتي المتميز؟؟ عن مشاركاته المتميزة؟؟ عن علم قدمه لينتفع به؟؟ عن صدقة جارية شيدها؟؟ عن ولد صالح يدعو له من بعد موته؟؟ عن سنة حسنة سنها؟؟ أنه لايكفي أن يظفر المثقف المسلم..بشهادات.. مواقع عليا..الخ. في معزل عن مشروع يترجم تميزه الخير وفاعليته الحضارية في جانب من الجوانب المادية والفكرية..إذا لم تكن الشهادات والمواقع تبلور مشروعاته. لقد فعل البخاري رضي الله عنه تميزه الذاتي فكان مشروعه الأبدي العظيم.. صحيح البخاري..وهكذا فعل الشافعي وغيرهما على مدار التاريخ الإسلامي تميزاتهم الخاصة فكانت منجزاتهم الخيرة التي عرفوا بها في مجال.. الدعوة.. والشهادة.. والفكر..والعلم. .والسياسة.. والاقتصاد.. والاجتماع.. والاختراع.. والطب.. والتاريخ..واللغة.. والقتال..والقيادة..والاقتحام.. والحرب..والسلام..والفلك..والبحار..والصناعة..وهكذا..كانت تميزاتهم بما تمثله من مشروعات بلا حصر هي أرضية المشروع الحضاري لأمة الإسلام والإنسانية ولايظن أحد أن الثورة على الذات وبلورة المشروع الخاص ستخلوا من العراقيل والمتاعب والتكاليف فلكل أداء ثمن وتضحية وبذل مكافئ. «ولكل درجات مماعملوا وليوفيهم أعمالهم وهم لايظلمون» الأحقاف:19 «ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون» يونس:1