- تحقيق/عادل أحمد القحوم .. جنوح الأحداث ظاهرة اجتماعية خطيرة أصبحت تعاني منها جميع المجتمعات بما تنتجه من سلبيات بحيث أصبحت في تزايد مستمر وبلادنا إحدى الدول التي تعاني من هذه الظاهرة التي تشكل تهديداً خطيراً للمجتمع بما أن فئتى الأطفال والشباب تشكلان أغلبية في مجتمعنا اليمني، وهذه الفئات بلا شك هي البنية الأساسية للمجتمع وعماد مستقبله. زيادة في أعداد القضايا - يقر قانون الأحداث اليمني الذي صدر في العام 1992م وعدل في العام 1997م بأن الحدث هو الطفل الذي يبلغ الخامسة عشرة من العمر وبالتالي لا تنطبق عليه القوانين والعقوبات الجنائية وعند ارتكابه أي فعل أو سلوك مناف للقوانين يطبق عليه قانون الأحداث وهي مجموعة من الإجراءات القانونية والأمنية الخاصة. وعند إجراء قراءة سريعة على أهم قضايا الأحداث بمحافظة حضرموت يلاحظ تزايد في عدد القضايا عاماً بعد عام حيث بلغت عدد قضايا العام 2005م احدى وعشرين قضية بينما بلغت العام الماضي 2006م وحتى نوفمبر منه ثمان وعشرين قضية وعند الخوض في أنواع هذه القضايا نجد أن الأكثر انتشاراً بين الأحداث بالمحافظة هي قضايا السرقة، الايذاء العمدي، الإضراربالمال العام، هتك العرض. وهذه القضايا لها جهة مختصة تتولى البت فيها وهذه الجهة هي محكمة الاحداث، وتعد محكمة أحداث حضرموت من محاكم الاحداث المختصة دون غيرها بالنظر في أمر الحدث الجانح عند اتهامه بإحدى الجرائم أو تعرضه للانحراف وتتبع المحكمة مجموعة من القواعد الاجرائية الخاصة عند محاكمة الحدث مرتكب الفعل المخالف للقانون كالسرية مثلاً وذلك من أجل توفير حماية أكبر للحدث وحرصاً على مستقبله وقضايا الأحداث من القضايا المستعجلة التي يجب البت فيها بأسرع وقت ممكن حيث تؤدي المحكمة مهاماً علاجية ووقائية عند اتخاذها للتدابير التي تقي وتؤهل الحدث وتبعده عن الوقوع في براثن الجريمة والانحراف. اللواط : القضية الأبرز وتعتبر قضايا اللواط أو كما تسمى «الجنسية المثلية» من القضايا الشائكة التي نادراً ما يتم التطرق إلى تفاصيلها في الندوات وورش العمل التي تعقد في اليمن عامة وفي حضرموت خاصة ونحن من منطلق المسئولية في رعايتنا للأحداث بحضرموت استنتجنا ان هذا النوع من القضايا في تزايد غير عادي فقد بلغت قضايا اللواط العام 2006م خمس قضايا في حين كانت قضية واحدة في العام 2005م وهذا يستدعي الانتباه إلى أن نعرف أسبابها ودوافعها بالاضافة إلى الأسباب السابق ذكرها بما أن هذه الزيادة كبيرة وصولاً إلى حلها. نماذج - النموذج الأول قضية حدث محكوم عليه في قضية لواط ومودع بدار التوجيه الاجتماعي بحضرموت يدعى «ل . س. ب» هذا الحدث يبلغ من العمر 12 سنة يعيش وسط أسرة كبيرة بين والدين مهملين أب يتعاطى القات بشكل يومي وأم مشغولة بأعمال البيت، وبسبب تردده على محلات ألعاب الكمبيوتر «بلاي استيشن» أصبح ينفق كثيراً من المال على هذه الألعاب ونتيجة لانتهاء المال الذي معه استغلت بعض الذئاب البشرية من الشباب ذلك فأعطوه المال مقابل ممارسة الفاحشة معه، وشاع صيته بين سكان المنطقة فلم ير والده حلاً أفضل غير التبليغ عن هؤلاء الشباب وإيداع ابنه في دار الأحداث من أجل حفظه وابعاده عن هذا الجو.. واتضح ان من أسباب ذلك بالاضافة إلى السبب السابق ذكره ان هذا الجانح قد شاهد أفلاماً وصور عري في هذه المحلات وأجهزة DVD . CD وقيام هذا الطفل بالهرب من المدرسة بشكل متكرر لممارسة هذه السلوكيات واقترانه بأصدقاء السوء نتيجة ضعف مراقبة الوالدين له. النموذج الثاني لطفل يبلغ من العمر 13 سنة «س.ح.أ» قام صديق الأب بممارسة الفاحشة معه مستغلآً ثقة صديقه، حيث أراد الأب أن يعمل ابنه «الحدث» في قارب صيد يمتلكه أحد أصدقائه فما كان من هذا الصديق إلا أن اعتدى على الطفل أثناء «رحلة البحث عن الرزق» ولم يخبر الطفل والده خوفاً من الفضيحة ومن ردة فعل والده تجاه صديقه.. وعند البحث في الملف الأسري لتلك الحالة نرى الأب دائماً مشغولاً بأعماله من الصباح إلى منتصف الليل والأم طريحة الفراش والأبناء صغار السن حيث اجتمعت كثير من الأسباب في جنوح هذا الطفل الحدث. ويلاحظ ان أغلب قضايا اللواط تقع مابين أحداث وأشخاص أكبر منهم يتم استغلالهم جنسياً ويعيشون وسط بيئة مفككة أسرياً.. ولاشك ان هناك الكثير من القصص الواقعية والحوادث التي لا تعلن ويتم التستر عليها من قبل أولياء الأمور خوفاً من العار والفضيحة. أسباب متعددة ولكل هذه القضايا أسباب يتحدث عن أهمها الأخ ماهر صلاح مقرم الاختصاصي الاجتماعي بمحكمة أحداث حضرموت حيث يقول: تختلف الأسباب من حالة لأخرى غير ان كثيراً منها تعود إلى سبب أساسي يتمثل في الاهمال من قبل الوالدين والتفكك الأسري وتواجد الأطفال في الشارع إلى أوقات متأخرة مما يؤدي إلى استغلالهم من قبل الآخرين في أعمال غير مشروعة ويمكن إيجاز بعض هذه الأسباب في الآتي: مشاهدة القنوات الفضائية وما تعرضه من أفلام ومسلسلات وأغان فاضحة حيث يميل بعض الأطفال عند مشاهدتها إلى تقليدها والقيام ببعض التجارب الجنسية، فيكون الشارع والأصدقاء مجال التجربة ومسرحها. العطف والحنان والرعاية المفقودة داخل الأسرة والبحث عنها لدى الآخرين مما يؤدي بالحدث إلى طلب ذلك والبحث عنه خارج نطاق الأسرة. التلصص من قبل الأطفال على الوالدين ومشاهدتهم وهم يمارسون العلاقة الجنسية. تراجع دور الأسرة وعدم قيام الوالدين بدورهم في توعية أبنائهم بالأمور والمواضيع الجنسية فيحصل الطفل على هذه المعلومات من الشارع وبالتالي الحصول على معلومات خاطئة وفتح قنوات اتصال مع أشخاص أكبر سناً. الحلول والمعالجات وعن كيفية علاج ظاهرة جنوح الأحداث يضيف الأخ ماهر: وبالطبع فإن هناك حلولاً ومعالجات من شأنها أن تقلل أو تحد من انتشار هذه الظاهرة: الوعي الأسري في قضية التربية الجنسية من السنوات الأولى للطفل حيث ان الطفل في هذه المرحلة يحاول الميل إلى الأمور الجنسية والتعرف عليها والعبث بها. الوعي الديني والأخلاقي وتعليم أحكام الدين الإسلامي بفضائله وتبيين ماهو الخطأ والصواب وماهو الحلال والحرام وماهو صحيح وعيب. الوعي التربوي ودور المناهج الدراسية في توضيح مثل هذه الأمور بما يتوافق مع مجتمعنا وعاداتنا وتقاليدنا. وبعد: يجب الاعتماد على المقولة «الوقاية خير من العلاج» وذلك عبر التأكد من وجود أطفالنا على مقاعد الدراسة وعدم تسربهم إلى الشارع وسوق العمل في سن مبكرة والتوعية بمخاطر هذا النوع من القضايا عبر وسائل الإعلام المختلفة وتعاون كل الجهات الرسمية وغير الرسمية.. فالأطفال هم عماد المستقبل والعمود الفقري للمجتمع وأمل الأمة، وجنوحهم ضرر على أنفسهم وعلى مجتمعهم فيصبح المجتمع مسئولآً على حمايتهم والحفاظ علىهم فجنوح الأحداث صناعة وليست ولادة.