د- أحمد غالب المغلس : إن الحديث عن الإصلاحات العضوية والضرورية للعمق الإجرائي والمنهجي لنظامنا الديمقراطي ليس عيباً أو مزايدة أو مكايدة لطرف من الأطراف، بل إحساسنا جميعاً بالمسؤولية الوطنية.. كون النظام الديمقراطي في اليمن خياراً وقناعة وطريقاً لكل اليمنيين وليست قناعة وخيار القيادة وحدها، ولذلك لابد من أن نكون على الدوام قادرين على المراجعة والمكاشفة والحوار في ظل شفافية واحترام وقبول مطلق للآخر. ثمة ما يجعلنا «سلطة، معارضة، مجتمعاً مدنياً» في المحك مع تطورات الواقع الاجتماعي، ولزوم فتح الآفاق والفضاءات الحوارية بما يخدم الوعي الاجتماعي ويساعد في خلق تراكمات جوهرية وحقوقية لإحداث تغييرات وتحسينات مستمرة في الممارسة الفردية والمؤسسية المعملية الديمقراطية بعيداً عن ضيق الصدور والمماحكات الهامشية، أو الشعور الكاذب بالكمال والتفرد الذي يأتي نتيجة الوعي القاصر وانتفاخ مرضي ضار، لأن المعالجات الصحية والمدروسة للنجاحات أو الإخفاقات تجعل نظامنا الديمقراطي قادراً على استيعاب عناصر التجديد والتغيير ونتائج الحوار، وتطلعات الجماهير اليمنية وفق نسق التطور الإنساني المتسارع. لدينا جميعاً طموح لإصلاح الآليات والأساليب والأفكار المرتبطة بالنهج والتنظير والممارسة الواقعية للديمقراطية؛ وصولاً إلى الأفضل ومن ثم البحث عمّا يطور وينمي شراكة المجتمع المدني بمؤسسات وبرامج ومشاريع الدولة وقابلية الحوار من كل الأطراف حتى نصل جميعاً إلى مستويات محترمة من الإصلاحات والتماسك الوطني. المنعطفات الصعبة في مشوارنا الديمقراطي تجعلنا جميعاً في حرص كبير على حماية الحريات والإبداع الثقافي والحضاري، وإعلاء شأن الحقوق باعتبارها أعظم المنجزات اليمنية على الإطلاق، الأمر الذي يحقق تجدداً عضوياً وحيوياً في الوعي الاجتماعي ويلامس حاجات ومتطلبات التنمية الشاملة بعيداً عن تصلب وعنف الفرقاء أياً كانوا وحتى لا نقع في شراك الاستبداد والقمع ومصادرة حق الآخرين والاستقواء عليهم؛ لأننا سنكون في هذه الحالة في نفس المستوى والعقلية التي كان عليها القائمون على شئون المملكة المتوكلية، وقد قطعنا ولله الحمد شوطاً كبيراً للتخلص من تلك العقلية التي أقعدت وطننا وشعبنا قروناً من الزمن. إن الديمقراطية باعتبارها نظاماً مرناً قابلاً للتشكيل ومعالجة التباينات التي تفرزها الممارسة وتمكن كل القوى في الساحة اليمنية من الإسهام والإضافة دون اللجوء إلى العنف والعنف المضاد، والتداول السلمي للسلطة المحلية والسياسية يساعدنا في التخلص أيضاً من عادة فرض النفس بالقوة أو الانقلاب أو الخروج على الشرعية أو الاستقواء بالأجنبي، مما يؤدي إلى الدمار الاجتماعي والضياع، لذلك كانت ومازالت وستظل الإصلاحات الديمقراطية المستمرة صمام حماية للديمقراطية نفسها. المجتمع المدني إفراز طبيعي للوعي والفهم والممارسة الديمقراطية ونتيجة ضرورية ومتوقعة للتوازن الحاصل بين الحقوق والواجبات وحصيلة للحراك الجماهيري وتفاعلها مع الديمقراطية نهجاً وخياراً وممارسة، وهي في المقابل عملية طبيعية لتنامي حرية الاختيار والمشاركة السياسية، وتشكل الحماية الشعبية للمنظومة الدستورية والقانونية والأخلاقية والإنسانية وضمان القوة والقدرة الذاتية للجماهير اليمنية في الحفاظ على الديمقراطية من المتربصين بها.