تحركت الدبلوماسية السعودية على مستويات متعددة، وأفلحت في تحقيق نجاحات غير منكورة، وأعتقد أن السبب الرئيس يكمن في مكانة المملكة وقوتها الاقتصادية وقدرتها على تقديم بدائل وخيارات داعمة لبلدان المتاهات والاحترابات العربية، وهذا أمر مشهود في تاريخ المملكة العربية السعودية المعاصر، فقد كان للمملكة دور معروف في تسوية البيت اليمني بعد حروب الملكيين والجمهوريين، ولعبت أدواراً مشابهة في لبنان، وتعمل الآن على القيام بفعل ما في الملف العراقي الأكثر تعقيداً ، والواضح أن منهج الدبلوماسية السعودية يعتمد على تطوير العوامل المتاحة، وحقنها بأسباب تجاوز الاحتقان، وعدم التقدم بنماذج بديلة للتوازنات التاريخية القائمة، والمثالان اليماني واللبناني يُظهران تماماً هذا المنهج . هذه الروحية المبادرة في الدبلوماسية السعودية لن تكتمل ملامحها وآثارها المطلوبة إلا بترتيب مشاركة عربية أساسية ، وخاصة من بلدان العمقين الجغرافي والديغرافي وخاصة مصر وسوريا، وأعتقد أنه إذا ما توافرت إرادة التوافق البيني عربيًا سيكون الطريق سالكاً للتفاهمات الإقليمية والدولية، وسيكون للعرب أدوار مؤثرة في الملفات الساخنة بالمنطقة، وسيمكن لنا العالم بلغة المصالح والمشاركة بدلاً من الصداقة المجردة التي تخدم طرفاً على حساب طرف آخر. يمكن استثمارالحراك الدبلوماسي العربي لتنفيس العديد من الاحتقانات النابعة من المشكلة العراقية، وخاصة بوادر الفتنة الطائفية المقيتة ، وحالة الريبة المتبادلة بين الأنظمة العربية والنظام الإيراني، فلابأس من مخاطبة إيران بلغة الحقائق التاريخية والجغرافية التي تظل نقطة ارتكاز كبرى في أية تسويات تطال المنطقة العربية والعمق الإقليمي المجاور.