هذه الفوهة الصدئة تبدو كأنف مهرج لم يعد أحد يبالي به. مجسم المدفعية المصنوع من الحديد قبالة ميدان الشهداء بتعز، وضع هنا في إشارة لضرب قصر الإمام «أحمد حميد الدين» كما يبدو من اتجاه الفوهة. لكن الفوهة صدئة وتبدو كما لو أنها أنف مهرج عجوز ، لم يعد يبالي به أحد ، حتى جدار السور نفسه إذ هو الآخر سقط مؤخراً. ما من معركة حدثت هنا في «العُرضي» منطقة الجحملية، غير رؤوس شهداء ضربها سيف الوشاح.. ثم بنفس السيف مات! وهل هذا كل مافي الأمر؟..لا.. قبل المدفعية التعيسة الجالسة هنا كمجسم لم يعد يحكي غير معركة الإهمال .. كان ثمة مجسم ل«الجندي المجهول».. كان يرتدي بزة «ميري» أنيقة، وخوذة فوق الرأس وبندقية «مصوبة ناحية قصر العرضي» في يديه. وفي أرضية المكان حيث يقف الجندي كانت الإضاءة من الأربعة الجوانب تصعد بافتتان مريح للعين، ثم أصابتنا العين.. على مايبدو ليصبح كل ماكان أنيقاً ليس أكثر من تنهيدة. المجهول عموماً هو أكثر الأشياء وضوحاً في تعز. كل صباح أو لنقل في الغالب يمر مسؤولو المدينة من هنا.. حيث ملعب الشهداء وحيث مبنى القيادة وإلى الجانب قصر العرضي هو الآپخر أكثر إهمالاً.. وأسفل الخط في الواجهة مبنى إدارة الأمن، وبينهم جميعآً في محاذاة سور القيادة تجلس المدفعية الصدئة تحيي الجميع.. بماسورتها الممتدة كما لو أنها يد «هتلر» حين يؤدي تحيته النازية. غير أن ذلك لم يعد أكثر من مجسم.. إهمال! مجسم لما يمكن اعتباره رسمياً فقدان الذائقة وربما انحسار مشاعر الإحساس بالجمال لدى بعض مسؤولي المحافظة. بمزيد من الغوص كانت شوارع تعز المدينة، رغم ضيقها ، معززة «بكام» نافورة ثم طمست. ولا بأس أن تتوسع الشوارع غير أن مشاعر الوجع تضرب قلب المرء هنا حينما يكتشف أن مدينة ل«الثقافة» كتعز، لايوجد فيها مجسم واحد، غير ذاك اليتيم والمتآكل في عرضي «الجحملية».. سنعلن قريباً عن مسابقة لعمل مجسمات في أكثر من جولة وشارع وسنختار أفضل الأشكال الموجودة أو الفائزة لبدء التنفيذ.. قال وكيل المحافظة للشؤون الفنية المهندس عبدالقادر حاتم.. إلى ذلك قال «علي منصور» وهو أحد السائقين في ميدان التاكسي «الجحملية الباب الكبير» سابقاً هي لم تعد موجودة الآن .. قال بما معناه : لم يعد أحد يخرج رأسه من النافذة لمشاهدة شيء. الجدير ذكره فيما يتعلق بالمجسم اليتيم في المدينة أن أحد جدران السور المتآكل سقط ويظهر مجسم المدفعية بماسورة صدئة ،.. ماسورة لو أمكن لها نطق شيء الآن لسمعناها تقول «نزّلوني،لقد تعبت».