لا أظنني أذيع سراً عندما أعترف أنني قد ابتعدت كثيراً عن الحياة الرياضية؛ ولكن ذلك لم يمنعني من متابعة أخبارها، المفرح منها والمحزن على حدٍ سواء كلما أتيحت لي الفرصة لذلك. ذات يوم وقفت على باب ملعب الشهداء أنتظر صديقاً، ففوجئت بخروج بعض الناس من الملعب، أدرك يقيناً أنهم من «المخضرمين» في تناول القات، فسألت أحدهم عن طرفي اللقاء الذي كان يتابعه في الملعب، فنظر إليَّ مندهشاً؛ وكأني بسؤالي هذا قد اقترفت ذنباً، وقال متوتراً: أهلي تعز طبعاً، ثم انخفض صوته وهو يقول: تعادل مع شعب صنعاء، وانصرف دون أن ينتظر سؤالي التالي. وقفت أراقب وجوه الجماهير المغادرة للملعب، وشعرت حينها أن جماهيرية الأهلي التعزي لم تنتهِ كما كنت أعتقد خطأً.. وسألت نفسي: كيف سيكون لقاء الأهلي والصقر بعد أيام قليلة، فطرفا اللقاء يتربعان على عرش الجماهيرية السابقة، والبطولات اللاحقة. كنت حريصاً على حضور اللقاء، لكن مشاغل الحياة »سامحها الله« لم تمكني من ذلك حتى جاءت الأخبار والروايات من هنا وهناك، من هذا وذاك، فشعرت بالألم على تلك النهاية المأساوية للقاء، وأترقب بلهفة قرار لجنة المسابقات في الاتحاد العام اليمني لكرة القدم. جاء القرار، وجاءت معه ردات الفعل، وبتقديري الشخصي «المتواضع» أعتقد أن القرار كان حكيماً، كونه قد حرص على عدم تعميق «الفجوة» بين الفريقين، و«الجفوة» بين الجمهورين، فلم يأتِ ضد أحدهما لحساب الفريق الآخر، فالأمور «مش ناقصة» !!. لكن يمكننا أن نقول إن الخاسر من هذا القرار هو جمهور الفريقين الذي خسر فرصة الاستمتاع بالجماهيرية الأهلاوية، والعروض الكروية الصقراوية، وجميعها ملامح متعة «تعزاوية»!!. إنني أعترف، وبكل فخر واعتزاز أنني كنت مشجعاً متفاعلاً في لقاءات الصقر حيث أتيحت لي الفرصة لحضورها، خصوصاً عندما يكون »الخصم« إذا جازت تسميته خصماً من خارج تعز، رغم أنه ضيف عزيز؛ ولكن هذا هو حال الكرة المستديرة!!. ولكن عندما يكون الطرف الآخر في اللقاء هو أهلي تعز، فلا شك أن الأمور تختلف جذرياً، حيث أصبح أهلاوياً حتى النخاع، ولا أظن في ذلك عيباً أو انتقاصاً من دعمي ومساندتي للصقر، حتى إن ألوان «كرة القدم» التقليدية لم تعد موجودة، الأبيض والأسود، بل أصبحت تتخذ ألواناً أخرى، وليس ذلك سوى دليل على أن كرة القدم ليس فيها أبيض وأسود فقط!!. إنما كيف ينبغي أن يكون التحول بين الأهلاوية والصقراوية؟!.. أظن أنه ينبغي أن يكون تحولاً معتدلاً، لا «إفراط ولاتفريط» فالوسطية محمودة ديناً ومجتمعاً؛ حيث لا أجد نفسي مضطراً لمدح أحد إلى حد »التطبيل« ولا إلى شتمه إلى حد «التنكيل» لأن المسألة ببساطة كرة قدم، وليست كرة «مخ» أو «أعصاب»!!. من هنا أتمنى أن تجد كلماتي هذه آذاناً صاغية لدى محبي تعز أولاً وأخيراً، الذين يتنقلون بين «منصات» التشجيع الأهلاوية والصقراوية بكل روح رياضية رائعة لأقول لهم: من العيب والمؤسف أن ينظر إلى جمهور تعز الرائع بأنه جمهور شغب وأحداث عنف، خصوصاً أن سنوات طويلة مرت، ولم تسجل فيها هكذا حادثة ضد جمهور تعز الوفي حقاً.. وآمل أن يكون اللقاءان القادمان بين الأهلي والصقر عنوانين للروح الرياضية التعزاوية الراقية دوماً. وللأعزاء من زملاء الحرف والكلمة والرأي في الإعلام الرياضي، أتمنى ألاَّ تتحول أقلامنا إلى أقلام صفراء، لا تجيد سوى «التطبيل» أو «التنكيل» لأن الخاسر في الحالتين هما «المطبِّل» و«المُنّكل»،أما «المطبل له» أو «المنكل به» فلن يزيده ذلك أو ينقص منه شيئاً، والكلمة أمانة!!. وللكريم/شوقي هائل، أقول: لقد اخترت أن تحب «الصقر» واخترت أن تعبر عن حبكِ له من خلال الدعم المادي «السخي» وكذلك جماهير الأهلي أحبّت فريقها ولكنها لم تملك الدعم المادي، فاختارت لنفسها الدعم المعنوي بالهتافات، وطالما الأمر ليس سوى تعبير عن العواطف والمشاعر، فمن المنطقي أن يكون هناك خطأ في التعبير، طالما كان العقل غائباً، ولكن ذلك لا يعني نهاية الكون، ولننطلق من أن الخلاف في «لغة المشاعر» لا يفسد للود قضية!!. أما العزيز/زيد النهاري، فله أقول: إن كنت قد اتجهت إلى جماهير الأهلي مهدئاً فتلك مصيبة، لأنك تعرف جيداً ألا أحد يقف في وجه السيل، وإن كنت قد ذهبت مستفزاً فالمصيبة أعظم، وأنا على يقين من أنك أقدر على التحكم بأعصابك، كما عهدتك، وعهدي بك قريب. رسالتي الأخيرة هي إلى لاعبي الفريقين «الأهلي والصقر» حيث أتمنى عليهم أن يكون لقاؤهما لقاءً «صقلاويا» .. «تعزاوياً» لأننا نحمل لهما كل الحب، فكلاهما أهدى تعز درع بطولة، وكلاهما أخرج الجماهير من «محراب القات» وبعث في رياضة تعز الروح، في أزمنة متفاوتة. فلكم جميعاً كل الحب والتقدير، آملاً أن تقبلوا كاتب هذه السطور «العبدلله» صقلاوياً تعزاوياً حتى الثمالة، ودون «تعصب»!! [email protected]