عندما علّق مارتن لوثر لوحته المتضمنة95 فقرة على باب الكنيسة في بلدة فيتبرغ الألمانية في تشرين الأول 1517م " لأجل جلاء الحقيقة"، بدأ الإصلاح الديني، الذي حوّل طوال قرون التحالفات السياسية والدينية. وفي حين كانت بعض كتاباته المتأخرة تتّسم بمعاداة اليهود، فإن أعماله الأولى شدّدت على الخلاص بنعمة الله والروحانية المسيحية. وقد ناقش السلطان البابوي في شئون الدول، ولمّا رفض الارتداد، رُمي بالحرم الكنسي من قبل الكنيسة الكاثوليكية سنة 1521م، وهو عمل أدّى إلى إنشاء جميع الكنائس البروتستانتية. كان مارتن لوثر، الواعظ الألماني، والعالم التوراتي الذي فضح مفاسد الكنيسة الكاثوليكية الاكليريكية، والمعجّل في الحركة البروتستانتية، ابن عامل منجم أراد له أن يغدو محامياً. ودخل جامعة إرفورت حيث نال شهادة البكالوريوس في سنة 1502م، وشهادة الماجستير 1505م. وفي السنة هذه أنضمّ إلى رهبانية النسّاك الأوغسطينيين، ومن ثم كاهناً سنة 1507م. مارس التعليم من سنة 1508م إلى سنة 1546م في الجامعة المنشأة حديثاً في فيتنبرغ، وكان نال شهادة الدكتوراة في اللاهوت سنة 1512م، فعُيّن في كرسي اللاهوت التوراتي في فيتنبرغ في تلك السنة نفسها. وكان شرح الكتاب المقدس لطلابه عملاً يتطلب منه أفضل مواهبه وطاقاته. وفي ما بين المحاضرات، يمكن القول انه شرع في إصلاحه الديني (البروتستانتي). وفي بحثه عن الخلاص، حاول لوثر بكل دقة واهتمام تحقيق إرادة رهبانيته. ومع ذلك، سرعان ما ألف نفسه مصارعاً الإرتيابات والشكوك. وأنبثقت معضلته الروحية من المصاعب المتزايدة مع لاهوت الكنيسة الكاثوليكية في القرون الوسطى. وكانت نقطة التحوّل بالنسبة إليه عندما اكتشف رسالة الغفران، التي يخلّص الله بموجبها الخاطئ بإيمانه وحده وليس بأعماله الشخصية. وفقراته الخمس والتسعين التي علّقها مارتن لوثر على باب الكنيسة في فيتنبرغ، سرعان ما وزّعها على زملائه في الجامعة، وتُرجمت إلى الألمانية مباشرة بحيث اتسع النقاش حولها في أوساط أكبر وأعرض. وجاءت الطباعة، فمكّنت من توزيع نسخ منها على نطاق أوسع، بحيث أنه ما كان يمكن أن يكون مسألة محلية قد أمسى موضع جدل جماهيري وعام، راح يتوسع أكثر فأكثر. وأنتشر الإصلاح الديني سريعاً في شمال أوروبا بأسرها، وراحت الكنائس البروتستانتية تقوم هنا وهناك.