حفل تراثنا الحضرمي بالعديد من النصوص الشعرية الغنائية التي حملت رمضان معنى ، وسمات روحية - استقبالاً وتوديعاً - فكان أن سبحت في معانيه وأيامه ، وحلقت في لياليه وسحائبه الربانية ، فذهبت إلى الترحيب به والاستبشار بمقدمه ، كخير الشهور ، التي خصها الرحمن بالمغفرة ، والرحمة ، والعتق من النار. والشاعر الغنائي الراحل سعيد يمين عبدالله أحد هذه الأعلام التي احتفت بمقدم رمضان المبارك ، وقد تجلى ذلك في نصه الذي يبدأ مطلعه مرحباً: هل يا شهر السعادة بالهناء ** ربنا عدنا إليه في كل عام في سعادة ولطف وأمان ** مرحباً يا مرحباً يا رمضان ففي هذا المطلع المليء بالأماني والأمنيات التي تطفو على صدر المؤمن ودواخله مع ضياء هلال الشهر الفضيل ، وبدايته الأولى . والشاعر الرقيق سعيد يمين عبدالله - كغيره من الشعراء - نظر بشفافية ورقة العاشق لهذه المعاني والقيم الروحانية لهذا العزيز الكريم ، كاشفاً عن فضائله الجمّة ، إذا ما صدق الصائم مع مشاعره وطقوسه ، والتزم بحقوقه ، وامتنع عن نواهيه ، فالقصور ليس بمحمود ، ومن اجتهد وثابر نال رضا الرحمن وفاز بالخير عند الامتحان ، مؤملاً رحمة المولى التي هي المرتجى للعبد ، وضمانة في الدنيا والآخرة ، وهذه المعاني - لاشك - تتسرب إلى النفس الإنسانية الصادقة فتأتي بأثر إيجابي هو ما رغب فيه الشاعر يمين من حبكة لهذا النص الشعري ، وفي ذلك يقول : جد بفضلك وبلغنا المنى ** واهدنا مسلك الناس الكرام رحمتك مرتجانا والضمان ** مرحباً يا مرحباً يا رمضان من صدق في شروطه واعتنى ** واجتهد في صلاته والمقام فاز بالخير عند الامتحان ** مرحباً يا مرحباً يا رمضان وفي رؤية إنسانية شمولية يذهب إلى طلب الأماني بالخير لكل الأوطان ، ويهدف إلى نيل القصد والمأرب لكل إنسان ، متلفحاً برداء الحب للجميع ، راجياً من ربه جلت قدرته أن يمنّ عليهم بلطفه ورحمته ، وهنا نلمس ذلك التماهي العاطفي في المجموع، إذ يقول : عمّ بالخير في أوطاننا ** حقق القصد في كل المرام واشرح الصدر واصلح كل شان ** مرحبا ًيا مرحباً يا رمضان يا عظيم الرجاء ألطف بنا ** واعف عنا بحق شهر الصيام وفق العبد إذا حان الأوان ** مرحباً يا مرحباً يا رمضان وعلى الرغم من ترحيب الشاعر سعيد يمين عبدالله بهذا الشهر الفضيل في مطلع نصه إلا أنه احتضن فيه كل أماني الناس ، ورغباتهم ، ورسم صورة قوية جلّية عن تعلقه بالمولى العلي القدير ، مستغلاً هذا النص الشعري لإرسال الكثير من الإشارات الدالة على ضرورة التمسك بتعاليم السماء ، وبث روح التواد والتراحم بين أفراد المجتمع في معان شعرية رقيقة غير جافة تمس شغاف القلب مساً شفيفاً ، وهي من أهم رسائل الفن عامة ، والشعر خاصة ، لذا نجده في نهاية هذا النص الشعري الخاص بالترحيب بشهر الصوم ، يختم باللوذ برب العباد ، فهو حسبنا ، وهو الذي نطلبه ونرتجيه : حسبنا الله دايم حسبنا ** نطلبه في ركوعنا والقيام ربنا واسكن بنا أعلى الجنان ** مرحباً يا مرحباً يا رمضان والصلاة على المشفع سيدنا ** خاتم الأنبياء خير الأنام والصحابة ومن للخير كان ** مرحباً يا مرحباً يا رمضان ونلمح هنا كيف ترك الشاعر سعيد يمين عبدالله باب العطاء والتسامح وتقديم الخيرات مفتوحاً ( ومن للخير كان) هذه اللفتة النبيلة هي التي تعطي للنص الشعري الرمضاني روحه الهائمة في فضاء أيامه ولياليه. وبذلك نجح الشاعر في توصيل المعاني والقيم التي رغب في نثرها على مجتمعه ، مستغلاً هذا الحدث الربانيالذي يعاودنا كل عام.