لا تبتهجوا .. الأمر ليس كما تتصورون.. ليست هناك امرأة متعطشةٌ لسيل من القبلات الساخنة.. حتماً وقعتم في الفخ إن أنتم نظرتم للمسألة بهذه العين الضيقة التي لا تتسع إلا لمناظر الشفاه المرتوية, المهتزة شغفاً، ثمة سوء فهم بسيط، لكنه معقد،لعله جنون، وقد يكون انزعاج وضيق في آن واحد. هو ليس استهانة بحقوق المرأة التي( أزعجونا)بها ..لكننا نعرف مكر هؤلاء المطالبين .. يريدون إشعالنا داخليا أيضا .. حتى على أسرة نومنا..لم تكفيهم إجهاض أحلامنا كرجال, ومصادرة حقوقنا, مرة دون قصد, وأخرى متعمدين المهانة, جاءونا ليضعونا على أبواب الانتهاك . هذا الإعلان غير قابل للتصديق .. يحمل في ثناياه الإغراء ..لكنه ليس كذلك.. إنما أراد صاحبه مسايرة الموضة .. والوقوف على عتباتِها, شاهد الكثير من الإعلانات الداعية لتقبيل المحلات أو الورش )لعدم التفرغ) .. يعني الإخلاء مقابل مبلغ مادي محدد )فهمتوا ولا أزيد) .. يكذبون نعلم ذلك جيداً..لكنه الكساد الذي استشرى في البلاد ..ففزع العباد .. إلى صفحات الجرايد, يعلنون التقبيل.. أما هو فحالة تشعر بحاجة لتجديد دمائه, عشرون عاماً من قيد الزواج , أصيب بحالة ملل, تحولت إلى انزعاج و(قرف) في بعض الأحيان, الروتين لم يتغير, يرى أن زوجته تقطن في عالم أخر, لا تهتم إلا بوظيفتها فقط, تعامله كسائق لديها, بعض الأحيان يتحول إلى خادمة إن تغيبت لأسباب صحية, أوقفها عند حدها مرات عديدة , ثم كشف حقيقته أنه لا يجيد إلا طهي( شوربة الاندومي)! !.. لم تتوقف عن تعاليها .. مارس هو أيضاً تعالٍ من نوع أخر. سمع في خطبة الجمعة الأخيرة عن أساليب التعامل مع المرأة المتمردة الخارجة عن قيادة الرجل, قال الخطيب(الهجر في المضاجع ..( أنه الأسلوب الأمثل, الجنس يؤثر في المرأة, لن تستطيع الصمود دونه, بدت عليه ابتسامة الظافر بالحل الذي يخرجه من وضعه الممل ولامبالاة زوجته .طبق النصيحة لأسبوعين, لكنها صامدة أمامها, ثمة شئ أقلقه, كيف تستطيع, هو المراود عن نفسه دائماً, شعر أنه المتضرر من هجر المضاجعة, بدأ يتحسس رجولته ليتأكد من وجودها, لعلها فقدت في فترة الهجر, لمس أنه لم يعد يفكر بأي رغبة جنسية(سأرفع عليها قضية ضياع رجولة رجل..( راقبها بأطراف عينه المشمئزة .. كسرت نفسه حاجز الصمت, أثارت بداخله العديد من الأسئلة : - ما هذه الملابس التي ترتديها ؟ ! ! - أنها جاهلة بكل تقنيات الموضة .! ! -لا أطيق تأمل شعرها الذي يعيش حلة خصام هو الأخر.. أخذ إحدى الوسائد وأفترش الأرض ونام, يريد أن ينسى تفاصيل القبح. عاد من عمله اليوم باكراً, تناول الجريدة, شارد الذهن, متحسراً على عمره الضائع مع هذه المرأة الناسية لمباهج الحياة, اكتفت بالوظيفة .. حتى )صالح(.. إبننا الوحيد, غادر للخارج لإكمال دراسته الجامعة, كأنه كان ينتظر عدم قبوله في إحدى الجامعات الحكومية, تشبث بالفرصة وركب طائرة الهرب من هذا الجو الكئيب . لمح إعلاناً يفيد ب هروب سائق, تذكر أنه يمارس هذه الوظيفة, طبعاً قبل بدء عمله وأثنائه وعقبه وفي أوقات راحتة, مجبرٌ على(مشاوير( لا تنتهي . فكر بالهرب من أمام هذا الوجه المعكر لحياته, حاول تجميع أفكاره ,عاد ليحادث نفسه مجداً, هذه المرة طرح قرارات أعتبرها مصيرية, قد تعالج الموقف المتأزم : - لن أهرب أو أستسلم, أو أبحث عن جحر يؤويني.. - لا أتصور أنني أفعلها, لأصبح أضحوكة للآخرين.. - سأقهرها حتماً ..(وأجلس على قلبها).. عادت الأسئلة إليه, حاملة قرارات أخرى : - لماذا لا أطلقها(وأرتاح) (أنفذ بجلدك( كما يقولون .. - لن يشفي ذلك غليلي )ولتذهب جمعية حقوق المرأة للجحيم).. جاءته فكرة التقبيل لعدم التفرغ .. يعرف أنه جنون, ليس لها مكان ليس في حيز الصحف فقط, بل في أرض الواقع أيضاً, لكنه يصر على هذا الطرح الجنوني, وليكن في إعلان منزلي, لتشعر بإهانة, سيختار إحدى الواجهات داخل منزله ليضع الإعلان بخط واضح, أسفل صورتها.. سأفعل بعد عن أن أعبر لها علنياً.. فتحت الباب عادت من الوظيفة, نزعت حجابها, بدت مختلفة عن الأيام الماضية, ملامحها زاهية, شفتاها مكتنزة باحمرار شهي, أحس بشيء يعود إليه بعد غياب, أصر على إعلان وصوله, اقتربت منه, تمالك نفسه, طرح قراره : - سأقبّلك .. لم تع ما يرمي إليه .. ابتسمت فرحة في عينيها, تؤكد شوقه إليها, وولعها به بعد هذا الهجر, لااقتربت أكثر, تعانقت الأنفاس, فكانت الشفاه الممهدة لإعلان أخر في غرفة النوم.