صور ومشاهد حضارية راقية تجسدت في الممارسة الديمقراطية التي تبلورت في سلوك حضاري متقدم لتصبح مشروعاً حقيقياً وممارسة فعلية لكل الأفراد.. في بلادنا برزت الكثير من الصور والمشاهد الحضارية التي تشير في مجملها إلى نهج ديمقراطي وحقوقي يتمتع به كافة الأفراد.. عن الوعي الحضاري لمفهوم الديمقراطية لدى الأفراد وممارستها سلوكاً وثقافة.. في ظل بروز أطياف سياسية عديدة وطوائف حزبية مختلفة الرؤى والتوجهات وفي ظل الزخم الديمقراطي الواسع هل وصلنا إلى مفهوم الديمقراطية التي تعتمد منطق الحوار؟! صحيفة «الجمهورية» بحثت هذا الموضوع مع عددٍ من المثقفين والمهتمين في هذا الجانب فإلى الحصيلة، البداية مع الأخ غانم مرشد قاسم «ناشط حزبي» التنظيم الوحدوي الناصري والذي قال:. في الحقيقة هناك ظواهر مشرقة برزت من خلال الممارسة الاستحقاقية في الانتخابات إذ إن التجربة الديمقراطية في بلادنا مازالت مبكرة في ولادتها ورغم ذلك فهناك مستوى عال من الفهم والوعي الديمقراطي الذي جعل نجاح التجربة مفروضاً على الجميع لمن يريد ومن لا يريد وبالتالي فهناك وعي لا بأس به يتمتع به الكثير من الأفراد في مجتمعنا ولكن الممارسة الحقيقية لمعنى الديمقراطية ضالة يفقدها بعض الأفراد الذين لا يجيدون فهمها ولايستسيغون معناها في حين يفسرها البعض باتجاه عكسي ورجعي وذلك لأنها ربما تتعارض مع مايحمله من أفكار تعبوية راسخة في ذهنه وهناك من يجعل من الديمقراطية شعاراً يرفعه عند الحاجة ويود في الداخل تعطيل العملية الديمقراطية وتسخير ما أمكنه للإطاحة بها وتسفيه مناصريها.. وبالتالي وبعد أن أضحت الديمقراطية شرعية مطلقة فلم يعد هناك قلق على مبدأ الحوار والتفاهم والاقناع وكيف يمكننا غرس القيم الديمقراطية في أذهان الجميع لتصبح الممارسة من مقتضى الحكمة ومنطقاً عقلانياً.. وهذا الأمر باعتقادي يتطلب اهتماماً جيداً يبدأ من التنشئة في الأسرة حيث يصدر القرار وفق رأي الجميع إذ لابد من إشراك الزوجة وطرح الرأي على الأولاد في سبيل الحوار والاقناع بالأصلح ليكون القرار عن اختيار الجميع وبالتالي يترسخ مبدأ الاختيار الحر بعيداً عن فرض القرار وهنا تتخذ الديمقراطية منهجاً سلوكياً وثقافياً لتأخذ مكانها كضرورة يقتضي الأخذ بها في كل الأحوال.. وبما أن الديمقراطية لم تكن شيئاً مضافاً أو لم تكن بجديد على مجتمعنا اليمني فقد عرفها اليمنيون منذ القدم فهناك التشاور والحكمة في اتخاذ القرارات خصوصاً التي تهم العامة وهذا إرشاد حضاري ثقافي وبالتالي فقد ترسخت اليوم كفعل حضاري متقدم وراقٍ ينهجه الكثير. وإذا كانت هناك مؤثرات سلبية قد تسيء إلى العملية الديمقراطية في بلادنا فهذا لا يعيب في الديمقراطية ذاتها وإنما هناك عوامل أو معوقات قد تعترض العمل الديمقراطي ومنها مايأتي من القائمين على تنظيمها ووضع اللوائح التي تعطي الحق لهذا وتمنعه عن ذاك كذلك الفهم المغلوط والمنعدم غالباً لدى البعض في تفسير الهدف المنشود والحقيقي ، أيضاً فرضها لمسوغ قانوني يحاسب الخارجين عن النص المحدد.. وبالتالي فهناك أحزاب سياسية مازالت تعيش أزمة الديمقراطية في هيكلها التنظيمي في حين أن هذه الأحزاب تشيد وتزيد من برامجها التي تشير إلى الحرية في الكلمة والرأي بعيداً عن ضغوطات أو أية مضايقات سياسية.. والصواب أن ما يمارس داخل هذا الحزب أو ذاك يظهر غير ذلك فالعضو لابد أن يتقيد برأي القادة وأصحاب القرار دون أن يناقش أو حتى مجرد ملاحظات يود طرحها وهذا باعتقادي انعدام للديمقراطية ولحرية الرأي وبالتالي نظل بحاجة إلى معرفة الممارسة الحقيقية وهو أن نوجد العلاقة الأكيدة بين الفكر والممارسة بين القول والعمل لا أن نتشدق بالقول وننسى الفعل الذي يجعلنا نؤمن بالتغيير كمبدأ سام وبما أن الديمقراطية هي وسيلة الشفافية والبحث عن الأفضل فلابد من فهم مقاصدها ومعانيها لنحصل على مجتمع ديمقراطي متقدم سلوكاً وفكراً. الأخ عبدالجليل فرحان «علوم سياسية» أشار بالقول: من المعلوم أن أي مجتمع أو شعب بحاجة إلى طريقة أو منهج يمكنه من البحث عن الأفضل ، والديمقراطية هي الأداة الممكنة للتغيير في حياة الناس وتمكينهم من التعبير بحرية عن أفكارهم وآرائهم كما أنها تفتح المجال لآفاق رحبة ومتسعة للكلمة للمشاركة للاختيار لتحكيم المنطق للاستحقاق السياسي الحر للعطاء والتقدم للشعور بوجودك لتقييم ذاتك.. الديمقراطية منهج اختيار بكل المقاييس وهناك العديد من الوسائل التي ترسخ مبدأ الديمقراطية في بلادنا ومنها التوعية من خلال البرامج وتوصيل مفاهيمها إلى الأفراد ببساطة ويسر.. ليتمكن الجميع من استيعاب مقاصدها في الحرية والتغيير وفي اعتقادي الكثير من الأفراد والمهتمين بهذا الشأن وسعوا من دائرة الفهم وهناك بروز مظاهر ديمقراطية مشرقة تتجلى في ميادين كثيرة رسمية وأهلية ، وبالتالي فهناك مجتمع ديمقراطي حر لابد أن يكتمل لتصبح الديمقراطية في بلادنا سلوكاً ثقافياً وحضارياً يؤمن به الجميع في ظل الحرص الشديد من القيادة العليا ممثلة بفخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية على ترسيخ مبادئ الديمقراطية في بلادنا وهذا مايؤكد إيماننا المطلق بأن النهج السليم لحياة أفضل هو أن نسلك طريق الديمقراطية. فيما يؤكد الأخ عبدالجبار غالب عضو قيادي وناشط في المؤتمر الشعبي العام بالقول: إن الديمقراطية في بلادنا قد تجسدت قولاً وفعلاً من خلال التجارب الديمقراطية الاستحقاقية التي خاضها شعبنا اليمني في عملية الاقتراع عن طريق الانتخابات الحرة والمباشرة وبالتالي أصبح مجتمعنا اليمني من شرقه إلى غربه محتضناً بثقافة الديمقراطية كمبدأ أساسي في عملية التغيير والبقاء للأفضل وهناك اشادة دولية بنجاح التجربة الديمقراطية في بلادنا وهذا ما يعكس مدى الوعي الكبير الذي يتمتع به أفراد هذا المجتمع الذي يتطلع إلى غد أفضل.. ولعل ما وصلت إليه المرأة اليمنية في المشاركة السياسية يعد دليلاً واضحاً على أن الديمقراطية في بلادنا أصبحت راسخة رسوخ الجبال.. وأيضاً التعددية الحزبية ،بروز المرأة في كل الميادين وظهور العديد من المنظمات الأهلية والحزبية والرسمية والشعبية يبرز لنا ما وصل إليه مجتمعنا من تقدم ورقي في هذا الجانب المهم من الحياة للتغيير ومواكبة المجتمعات المتقدمة في كافة مناحي الحياة. فيما أشار الأخ عنان قاسم سعيد «مثقف» بالقول: مازالت الديمقراطية في بلادنا نصوصاً مكتوبة وعبارات محفوظة بعيدة عن التطبيق الفعلي وبرغم التظاهرات الكبيرة والمحتشدة التي تتجه صوب هذا الأمر إلا أن ذلك لا يجدي شيئاً في ظل غياب المفهوم وانعدام المعنى ، لا أحد ينكر المتغيرات السياسية والفكرية التي أحدثتها الديمقراطية ولكن في النهاية تبقى الديمقراطية فرضاً ،على الجميع الإتيان به ولكن وفق معايير يحددها الكبار وهكذا وهناك أمثلة عديدة على سبيل المثال المرأة هل يمكن أن تعطي صوتها في الانتخابات وفق ما تراه هي أم وفق مايراه زوجها أو ولي أمرها.. كذلك أتباع الشيخ الفلاني هل يمكن أن يدلوا بدلوهم في الانتخابات إلا وفق مايراه شيخهم، في الحزب أيضاً هل يأتي ما يراه العضو مخالفاً لما يراه قادة الحزب أو التوجه السياسي للحزب ..أيضاً الصحيفة هل يمكن للكاتب أن يعبر برأي مخالف لتوجه وسياسة الصحيفة التي يعمل بها؟ اذن مازالت الديمقراطية في بلادنا مجهولة المعنى عديمة التطبيق ومازال هناك معوقات كثيرة فمازالت الوجاهة والقبيلة وسلطة النفوذ تقود إلى عوامل الإرادة المقهورة وتسلب الأفراد حرية الاختيار كذلك تدني مستوى الوعي لدى الكثيرين ممن حرموا التعليم وهناك أعداد هائلة مازالوا بحاجة إلى من يوصل إليهم الفكرة بمضمونها الحقيقي ليصبح الجميع على إدراك ووعي بالديمقراطية. علي ربيع «الإعلام» يقول: كل تجربة لها من الإنجاز مايفرض نفسه بقوة مايجعل الطرف الآخر يعترف له بالحق.. وبالتالي فالعملية الانتخابية التي جرت في بلادنا في الفترات المتتابعة قد فرضت علينا التسليم من أن التوجه العام يتفق وماتهدف إليه الديمقراطية بمفهومها الحضاري الواسع.. وبالتالي فقد تعلمنا من الأوروبيين أن الاحتكام إلى الصندوق هو الأمر الطبيعي والانقياد الصحيح نحو التغيير.. كما أن الديمقراطية ميدان حر للتفاهم والحوار والقبول بالهزيمة بروح رياضية ليبقى الصالح العام هو المهم للارتقاء بحياة العامة الأمر الذي يجعلنا نسلم من أن كرسي السلطة لايمكن أن يبقى بيد طرف سياسي واحد وإلا ماكان هناك من داع لاجراء انتخابات طالما ونحن لا نقبل بالاعتراف والتنازل.. اذاً ربما تجاربنا الانتخابية قد وطدت ورسخت مفاهيم الديمقراطية وقد أثبتت التجارب أننا في المجتمع اليمني قد اكتسبنا من تجاربنا بما فيه الكفاية لأن نقول للجميع إننا مجتمع ديمقراطي حر.. وهاهي العملية الديمقراطية قد وصلت ذروتها من النجاح في ظل إرساء مبادئها في مختلف ميادين الحياة السياسية فمن المركزية إلى اللامركزية إلى المحليات ..إنه التوجه الحكيم المتمثل في حرص القيادة السياسية على ارساء قواعد هذا المنهج الديمقراطي في بلادنا.