لم يكن السلوك المضاد للمجتمع ضمن الأمراض العقلية حيث كان المجرمون والجانحون يوضعون في السجون أو الإصلاحيات ،يوصفون بالعتة أو الجنون الأخلاقي ،وفي القرن التاسع عشر ظهر اصطلاح الشخصية السيكوباتية على يد " كوك" الذي أشار به إلى الأشخاص الذين لا يمكن وضعهم ضمن فئة من فئات المرض العقلي.. وساد هذا الاصطلاح حتى عهد"كريبلين" في عام 1915م حيث ميز سبعة أنواع من هذه الشخصية السيكوباتية لتعني حالة تقع بين السواء والمرض العقلي . وفي عام 1930م وضع "السكندر" اصطلاح الشخصية العصابية لتحل محل السيكوباتية ، وخلال ذلك الحين تقريباً اقترح " باتريدج " اصطلاح الشخصية المضادة للمجتمع ليؤكد أن هذا الاضطراب عبارة عن سوء تكيف اجتماعي أكثر منه سوء تكيف سيكولوجي أو نفسي واستمرت هذه الرؤية إلى الحين الذي آن لقيادة السلام العالمي إطلاق مصطلح أكثر حداثة على صعيد المواكبة يتماشى وأهداف الاستراتيجية الأكثر تشعباً كماً وكيفا ً.. زماناً ومكاناً فكان مصطلح (الإرهاب) ما تمخضت عنه أحدث تقنيات الحاضر وإن تبدو معالمه واضحة لدى المتفرج إلا أنه لا يدرك تركيبه المعقد إذ يعمل وفق أُطر ذرية شديدة الحساسية تجاه المتغيرات المناهضة لإشعاعات الأنا الأعلى المنبعثة من حنايا الكونجرس لتملأ الدنيا بالأمن والأمان الموشى بعناقيد الكرم المعدنية المثخنة بالدمار ، وبهذا تحققت قفزة هائلة في علوم الطب العقلي أدحضت كل رؤى المتقولين الأنف ذكرهم، حيث أصبح من الممكن التعرف على ساحات الجريمة في أي مكان من العالم بتمرير الضوء الأخضر ولمرةٍ واحدة على سطح الكرة الأرضية حيث يظهر " بن لادن " بالصوت والصورة مراراً تحت المجهر على اختلاف عينات التحاليل وهذا ما تؤكده نتائج المسوحات في العراق وفلسطين وأفغانستان ودارفور ومما لا مجال لذكره إضافةً إلى مناطق متفرقة على أطراف مذنب هالي ... أما نحن المسلمون وبحكم اعتمادنا على الحواس الخمس في التعاطي مع التقلبات الناجمة فإن نتائجنا قد لا ترقى لأكثر من التعبير بالشخصية المضادة للمجتمع تلك التي تعكس عدم قدرة صاحبها على فهم القيم والمثل والقواعد والقوانين الأخلاقية السائدة ، فهو إنسان يصوغ القواعد بدون عاطفة ، يفتقر إلى الشعور بالقلق والإحساس بالذنب فلا يلوم ذاته ولا يؤنبها أو يُعنفها على ما ارتكبه ويرتكبه من المخالفات والجرائم بحق الأبرياء ، إذ تدفعه أنانيته صوب تحقيق مصالحه الذاتية وإن كان على حساب النسل والزمان ، فهو نفعي يمتص دماء كل من يعاشره أو يقترب منه دون العبء بخرق القانون أو الاهتمام بالنتائج وما عداه ... كل ما سبق من الصفاة وغيرها الكثير مما ندرك ولكن المعضلة بما لا ندرك إذ لا يخفى علينا التسارع القائم ومستجداته المرفقة طياً تلك التي من شانها أن تخلق ضغوطات مختلفةً أشكالها متباينةً ألوانها وكل منها يسفر عن انفجار من نوع ما تبعاً لطبيعة الخواص وطبيعة التفاعل. فإن كان من الوارد بأن الحاجة أُم الاختراع فإن الضغط أدم الانفجار وإن كان منه من يتجلى عن عظيم أمة فأضعاف بالمقابل من هواة ومحتفي القلاقل والإبادة ، وتبرز أعلى نسبة للخطورة عند الفئة العمرية من 15 إلى 45 عام وإن كان من بينهم من يبني مجداً فثمة من يهدم حضارة ، وبالوقوف على مصطلحي الإرهاب والشباب فمن الصعوبة أن يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود إذ أن هناك مساحة من النسبية المفرطة بالمرونة تتمدد حيناً إلى حد التماهي فهي أدق من الشعرة واحد من السيف ، وتقترب أخرى فهي موشكة على الالتصاق ويعود ذلك إلى تفاوت الحجم المعرفي وتعدد الوجهات التي يتشكل منها الشخص القائم على الدراسة ، ومن جانب آخر فإن المحددات التي تحكم أو تحصر أو ترسم سلوكيات الشباب أو الإنسان بشكل عاماً متقلبة من حين إلى اخر كما هي محددات مصطلح الإرهاب لم تبدو جليةً وذات معايير واضحة . ومن ثم فإني أرى استخدام أسلوب الملاحظة والمشاهدة في عملية جمع المعلومات من الأساليب التي لا بأس بها في اختبار صحة الفرضيات والوصول إلى النتائج التي نهتدي من خلالها إلى وضع الحلول المعالجة التي تكفل القضاء على ومضات الجسر الرابط بين عالم الشباب وقوقعة الإرهاب والتي يلوذ نحوها القليلون على اعتبارها إحدى سبل الهرب أو من وسائل التعبير التي ينتهجها مهوسو الإرهاب القهري لسبب أو لآخر. [email protected]