في اللقاء السنوي للعالم العربي المصري أحمد زويل والذي يقيمه صالون الأوبرا الثقافي والمقام هذه المرة استثناءً في الإسكندرية، ويعد أكبر صالون ثقافي في العالم العربي وواحداً من أهم الصالونات الثقافية في العالم.. ويعتبر اللقاء مع زويل من أهم اللقاءات على الإطلاق.. وقد حضر الصالون آلاف من الناس الذين يهمهم الحدث، حيث بقي معظمهم خارج الصالون يتابعون عبر شاشات عملاقة وسط البرد الشديد، وكان العالم زويل قد اختار التحدث حول تقريره الذي رفعه بناءً على طلب أحد العلماء الأمريكان من أجل إصدار كتاب في الأيام القليلة القادمة يحوي آراء ستين عالماً ومفكراً من العالم حول توقعاتهم للعالم للخمسين سنة القادمة. وقال زويل علينا كعرب أن نكون مشاركين في صنع المستقبل أو أن نكون بعيدين عن اللعبة تماماً.. وقال مشاكل الخمسين عاماً القادمة أهمها الطاقة والماء والتعليم والصحة، وتوقع أن تكون هناك حروب بين الشعوب بسبب نقص الطاقة والماء، وقال أيضاً يتضح لي وضوح الشمس أن من سيحكم العالم ويتحكم به خلال الخمسين سنة القادمة هو من يملك العلم والمعرفة في كل مجالاتها، وقال الأقوى يفرض ثقافته على الآخر.. ضارباً مثالاً بأن الجينز هو ثقافة أمريكية فرضتها علينا وسيطرت بها علينا، وقال إن الموضة هي العلم والعلوم وإذا لم يكن لدينا أية سيطرة على العلم واتجاهاته فلن نشكل أية قوة في المستقبل، وقال أيضاً في سياق طرحه إن التركيبة الجينية للإنسان المسماة «دي إن إيه» هي نفس التركيبة لدى كل البشر بنسبة 9.99%، وأن الفرق الوحيد هو واحد من عشرة في المائة على الحبل الجيني، وهذا هو السبب في أن فلاناً من الناس مصاب بالسرطان والآخر صحيح، وكذلك مرض القلب وغيره من الأمراض الأخرى. وقال إن هذا الجين لايزال غامضاً ولا يمكن معرفة دواخله حتى الآن، ولكن خلال الخمسين سنة القادمة ستكون الشفرة الجينية لكل إنسان معروفة رغم أن ذلك يكلف مبالغ خيالية للفرد الواحد وللعالم كله.. وقال سيكون ذلك أشبه بشريحة الهاتف وربما تكون هناك شريحة مركبة في الإنسان تحدد كل ما بداخله وما يعانيه، وكذلك بالنسبة للزهايمر حيث قال المتوقع أن تكون هناك بدائل سيلكونية لتعويض الذاكرة وأن يصل متوسط عمر الإنسان إلى أكثر من مائة عام شريطة توفر المناخ الملائم والسليم، وقال نحن الآن نشاهد علامات من هذا القبيل في اسكندنافيا وأمريكا وغيرها، وقال أيضاً إنها ستكون هناك ثورة في عالم الدواء وستكون هناك أدوية تدخل على الخلايا المقصود علاجها دون الإضرار بغيرها.. وأكد أيضاً أن هناك تفكيراً في تطوير الخلايا الجذعية وبذلك نستطيع السيطرة على أي مرض.. قائلاً نحن نحاول عمل رصد للخلية حتى الزمان والمكان وقد أخذنا على ذلك براءة اختراع، وأكد أن عمله في هذا المجال ممول من مليونير امريكي اسمه «جولدن مور» وتصل ثروته إلى حوالي عشرين مليار دولار وهو من ملاك شركات الكمبيوتر.. وقال مهمتنا أن نفهم التركيبة الحيوية للمرض وكيف نتعامل مع الجزيء والخلية. وفي جانب الطاقة قال إن الصين تحاول أن تتربع على عرش الطاقة لأنها دولة تزيد بمعدل 1012% وأن الغاز والزيت كطاقة لم تعد كافية وهناك حاجة لطاقة بديلة كالطاقة الشمسية والرياح رغم التكاليف الكبيرة، وقال أيضاً إن هناك في البرازيل جرى العمل على تحويل بعض الحبوب والمحاصيل الزراعية بالإضافة إلى خميرة تضاف إليها تركيبة جينية تحول بذلك المادة النباتية إلى كحول «ايثانون»، وامريكا الآن بدأت تفكر في هذا الأمر كطاقة بديلة وهذا سبب رئيسي في ارتفاع الأسعار في الأغذية. وأكد زويل أننا كعرب إذا لم نلم بالهندسة الجينية ولم نستطع التعامل معها فإننا في الخمسين سنة القادمة سنكون بدون شك خارج اللعبة. وأضاف زويل إن عمر الكون 7.13 بليون سنة وما نعرفه عنه حتى الآن هو ما نسبته 4% فقط ومنه جزء مادي يسمى المادة المظلمة ونسبته 22% لا نعرف تركيبتها و74% الأخرى هي عبارة عن طاقة مظلمة لا نعرف من أين أتت تركيبتها وهذا ما نسعى إليه في الخمسين سنة القادمة لنفهم ما في الكون من مادة وطاقة، وذلك له علاقة كبيرة بحياة الإنسان وبقائه، والموضوع كبير وله علاقة بالجاذبية وبالثقوب السوداء، وقال لا أعلم هل سنصل إلى هذا العلم في الخمسين سنة القادمة أم لا، ولكننا ساعون إلى ذلك. مؤكداً أنها ستكون هناك مستعمرات على سطح القمر وحياة على المريخ وثورة معلومات كبيرة ومن سيسيطر على القمر والمريخ لا شك هو المسيطر الفعلي على العالم في الأرض. وقال أيضاً لن نخاف مستقبلاً من الحكومات لأنها سوف تنشأ مجموعات من عشرة أشخاص أو أكثر تستطيع أن تصنع بكتيريا قاتلة تهدد بها بلايين البشر، وربما تسبب في حروب عالمية جديدة وتدخل فيها طاقات نووية، وقال أنا لست مع العولمة لشعوبنا لأنها لا تخدم إلا القادر عليها وهي تحتاج إلى علم وفكر وإمكانات، ومن لا يملك ذلك لن يستطيع الاشتراك في العولمة لأنه بذلك سيزداد الفارق وتظهر الفجوة وتكبر. وقال أيضاً إنه لا يثق فيما يسمى بصراع الثقافات أو صراع الحضارات وإنما هناك مستقبلاً توقع صراع العلم مع الدين والدين مع السياسة حتى في الشعوب المتقدمة.وختم حديثه بالقول إن الدول نفسها هي التي تقرر هل تكون مشاركة في صناعة المستقبل من عدمه، لذلك علينا أن نرعى ونعزز الإيجابيات وأن نقلل تدريجياً من السلبيات قبل أن يفوتنا قطار العلم والتكنولوجيا.