وأنت تسير في أزقة وحواري صنعاء القديمة يخيّل إليك أنك تعيش في زمن غير هذا الزمن، في زمن يذكرك بماضٍ جميل وشعب أصيل مبدع، صاغ وشكّل معالم هذه المدينة العريقة وتركها كمتحف مفتوح يضم بين جوانبه كل ما له علاقة بتراثه وحضارته الأصيلة .. ومن معالم ومكونات هذه المدينة التي تستحق الزيارة والمشاهدة: سور المدينة: وهو أقدم وأشهر معالم المدينة، ويرجع تاريخه إلى القرن الأول الميلادي تقريباً.. وبحسب موقع «رؤيه» لم يتبقَ منه حالياً سوى الجزء الجنوبي المجاور لباب اليمن والحزء الشرقي وبعض أجزاء من السور الشمالي. أبواب المدينة: كان للمدينة القديمة سبعة أبوب هي: باب اليمن، باب شعوب، باب السبحة، باب ستران (القصر)، باب الشقاديف، باب الروم، وباب خزيمة (الجنائز). ولم يبقَ منها حالياً سوى باب اليمن الذي يتميز بفن معماري جميل، وظل رمزاً ومعلماً هاماً للمدينة القديمة. النوبة (البرج): عبارة عن مبنى دائري جميل من الطين (اللبن)، تقع ضمن السور وتستخدم كموقع لحراسة.. وتوجد أكثر من نوبة على سور المدينة القديمة. الصرحات (المساحات): مساحات صغيرة ذات أشكال متعددة قد تكون دائرية أو مربعة أو مستطيلة، ونادراً ما تجد حارة من الحارات لا توجد فيها الصرحة التي تستخدم لإقامة المناسبات ولعب الأطفال، وتتواجد منها ما يقرب من (20مساحة). البساتين: تعتبر متنفسات لسكان المدينة لأطلال المساكن عليها، بالإضافة إلى وظيفتها الهامة في تزويد السكان بالخضروات والفواكه، ويوجد منها في المدينة حوالي (40 بستاناً). الجوامع: كانت صنعاء القديمة تحتوي على أكثر من (100جامع)، يعود تاريخ بعضها إلى العقد الأول للهجرة، ولم يتبقَ منها سوى (40جامعاً) وأشهرها وأقدمها على الإطلاق جامعها الكبير الذي يعتبر من روائع فن العمارة الإسلامية بما يحتويه من مكوناته من أعمال فنية رائعة.. كما يعد منارة ثقافية ودينية هامة في اليمن، وقد بناه في السنة السادسة للهجرة (وبر بن يحنس الأنصاري) بأمر من النبي "صلى الله عليه وسلم"، ومن ملحقاته مكتبته العامرة بأهم الكتب والمخطوطات النادرة في مجال الفقه واللغة والتاريخ والتراث. ومن الجوامع المشهورة أيضاً التي يعود تاريخها إلى العقدين الأولين للهجرة "جامع الشهيدين"، الذي يعود تسميته إلى الشهيدين أولاد والي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه على صنعاء اللذين قتلهما بطريقة بشعة بشر بن أبي أرطأة والي بني أمية عند دخوله صنعاء، وكذلك جامع علي بن أبي طالب، وجامع الطاووس عقيل، بالإضافة إلى جامع البكيرية الذي يعتبر من أجمل الجوامع التي بنيت أثناء الحقبة العثمانية. المباني: من أقدم مكونات المدينة وأهمها، وهي مبانٍ متعددة الأدوار قد تصل إلى سبعة أدوار تعتمد على التوسع الرأسي تتميز بفن معماري فريد ورائع، تستخدم الأدوار الأرضية كمخازن، وغرف أدوارها الأولى الواسعة للمناسبات ثم غرف خاصة بالنساء والأطفال، وينفرد الرجال بالأدوار العليا حيث يقع المفرج أعلى المنزل وهي غرفة مستطيلة تسمح نوافذها للجالسين بالرؤية لما حولها وهو أكثر غرف المنزل جمالاً وزخرفة. الحمامات التقليدية (البخارية): اشتهرت صنعاء بتوفر الحمامات البخارية منذ زمن بعيد، ويتواجد فيها حالياً (11حماماً) تقليدياً يعود معظمها إلى العصور الإسلامية الأولى على أن بعض المشاهد تدل على أن بعضها يعود إلى فترة ما قبل الإسلام.. ومن أهم النماذج لهذه الحمامات المميزة تاريخاً وعمراناً حمام الميدان وهو من الحمامات المشهورة ويتميز بفن معماري جميل، وقد أنشأه الوالي العثماني بصنعاء حسن باشا عام1597م، بالإضافة إلى حمامات سبأ وياسر اللذين يمثلان حقبة تاريخية واحدة ربما تعود إلى ما قبل الإسلام. السماسر القديمة خان المسافرين: كانت تستخدم كنزل وبعضها مستودعات للبضائع.. ارتبط إنشاؤها بالتطور التجاري في المدينة، ويوجد حالياً حوالي (21سمسرة) في المدينة القديمة الكثير منها مغلق، لكن أهم نماذجها: سمسرة محمد بن الحسن، التي تعتبر من أرقى السماسر معمارياً وفنياً، وأنشئت كدار للمال وكخزينة للأموال والمدخرات النفيسة، ويعود تاريخ إنشائها إلى عام 1651م.. ومن النماذج الجميلة سمسرة النحاس التي تم تأهيلها لتكون مركزاً للتدريب الحرفي وعرضاً للمنتوجات الحرفية، وكذلك سمسرة المنصورة المستغلة حالياً كمركز للفنون التشكيلية، وسمسرة الذماري المستغلة حالياً كمركز للتدريب الحرفي النسوي. المرانع رافعات مياه قديمة: كانت تستخدم في الماضي لرفع المياه من الآبار بواسطة الشد بالحبال من الأعلى إلى الأسفل في المساجد والمنازل للغسيل والطهي والشرب، ويتواجد في المدينة عدد منها.. ومن أهم نماذجها مرنع الحميدي الواقع في الجزء الجنوبي من سوق الملح وهو من أهم المرانع المتبقية وأجملها تصميماً وإنشاءً وحجماً ولا يزال يحتفظ بمكوناته إلى حدٍ بعيد وكذلك مرنع صلاح الدين الواقع ببستان صلاح الدين والذي يتميز بنمط معماري مشابه لمرنع الحميدي وكذلك المرنع التابع لجامع قبة المهدي الواقع إلى الغرب من السائلة. السبل "السقايات": هي محاسن أوقفها أهل الخير منذ زمن بعيد لري عطش زوار المدينة وأهلها، ويوجد منها حوالي (34 سبيلاً) لكن أجملها عمارة ولفتاً لنظر الزائرين سبيل الأبهر، سبيل وسط السوق، سبيل باب اليمن التي تتميز بفن معماري جميل بالإضافه إلى مواقعها المتميزة. قصر غمدان التاريخي: كان آية في الجمال والفن المعماري وأشهر قصور اليمن على الإطلاق، وقد تم بناؤه على يد الملك (إل شرح يحصب) كما ذكر الهمداني في الجزء الثاني من الإكليل، ولم يعرف تاريخ محدد لإنشائه لكن بعض المصادر تشير إلى القرن الأول الميلادي، كما ذكر أنه كان مكوناً من عشرين طابقاً ومبنياً من الرخام الملون كما تشير بعض الشواهد خصوصاً بعض الأعمدة والأحجار المتوفرة في الجامع الكبير إلا أن موقعه ربما يكون في منطقة السوق أو بالقرب منها. كاتدرائية صنعاء: يطلق عليه غرفة القليس ومعناها الكنيسة وهي المقابل العربي لكلمة (إكليسيا) باللاتينية، وقد بناها أبرهة الحبشي عند سيطرته على صنعاء 532 525م ووصفت بأنها محاطة بفضاء فسيح للتنزه وأن مبناها شيد على بناء مرتفع يزيد طوله على خمسة أمتار، وطليت أبوابها بالفضة والذهب وأن تصميمها مشابه لتصميم كنيسة القيامة في بيت لحم وهي واقعة في الحارة المشهورة بغرفة القليس. قبر باذان: يقع في حارة الحميدي وهو قبر صغير تعلوه قبة محاطة ببناء مستطيل الشكل يقال إنه لباذان أول أمير على اليمن في الإسلام، وأول من أسلم من ملوك العجم وكانت امرأته على اليمن بأمر من الرسول "صلى الله عليه وسلم" وهو من أبناء فارس الذين قدموا مع الملك سيف بن ذي يزن.