الكشف عن مبلغ الوديعة السعودية الجديدة للبنك المركزي اليمني في عدن    عداء "ياسين نعمان" لشعب الجنوب...    عيد الأضحى يأتي بفرحة مزدوجة: تحرير 62 صياد يمني من السجون الإريترية    الحوثيون يفرضون جمارك جديدة على طريق مأرب - البيضاء لابتزاز المواطنين    في اليوم 215 لحرب الإبادة على غزة.. 37232 شهيدا و 85037 جريحا والمجاعة تفتك بالأطفال    "عبدالملك الحوثي" يكشف هدف اعلان خلية التجسس الأمريكية الإسرائيلية في هذا التوقيت    شاهد: إقبال فتيات أوكرانيات حسناوات على الانضمام للجيش الأوكراني.. والكشف عن عددهن ضمن القوات العسكرية    عرض سعودي ضخم لتيبو كورتوا    النائب العليمي: سيظل صمود تعز درساً لكل الأجيال وحصارها وصمة عار في جبين مليشيا الحوثي    المعارض السعودي في مأزق: كاتب صحفي يحذر علي هاشم من البقاء في اليمن    إصابات خطيرة لثلاثة ضباط إماراتيين في اليمن.. وإجراءات أمنية مشددة في هذه المحافظة    كاتب كويتي يشن هجوماً حاداً على المتحدث العسكري للحوثيين يحيى سريع    إصابة ثلاثة مدنيين بانفجار لغم حوثي في جولة القصر شرقي تعز    تهامة المنسية: مفتاح استقرار اليمن ومستقبله السياسي    فتح الطرقات.. تبادل أوراق خلف الغرف المغلقة    القرعة تضع منتخب الشباب الوطني في مواجهة إندونيسيا والمالديف وتيمور    نقابة الصحفيين الجنوبيين تدين إعتقال جريح الحرب المصور الصحفي صالح العبيدي    فضيحة دولية: آثار يمنية تباع في مزاد علني بلندن دون رقيب أو حسيب!    وزير الأوقاف يطلع رئاسة الجمهورية على كافة وسائل الرعاية للحجاج اليمنيين    الحجاج يتوجهون إلى منى استعدادًا ليوم عرفة ووزير الأوقاف يدعو لتظافر الجهود    مودريتش يعيق طموحات مبابي    وزير الصحة يشدد على أهمية تقديم افضل الخدمات الصحية لحجاج بلادنا في المشاعر المقدسة    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 37,232 شهيدا و 85,037 مصابا    البعداني: نؤمن بحظودنا في التأهل إلى نهائيات آسيا للشباب    اختتام دورة تقييم الأداء الوظيفي لمدراء الإدارات ورؤساء الاقسام في «كاك بنك»    أبطال "مصر" جاهزون للتحدي في صالات "الرياض" الخضراء    أزمة المياه مدينة عتق يتحملها من اوصل مؤسسة المياه إلى الإفلاس وعدم صرف مرتبات الموظفين    تقرير ميداني عن الإنهيارات الصخرية الخطيرة في وادي دوعن بحضرموت    واشنطن:اعتقال المليشيا لموظفي الأمم المتحدة والمنظمات استخفاف صارخ بكرامة الشعب اليمني    رحلة الحج القلبية    اختطاف إعلامي ومصور صحفي من قبل قوات الانتقالي في عدن بعد ضربه وتكسير كاميرته    منتخب الناشئين في المجموعة التاسعة بجانب فيتنام وقرغيزستان وميانمار    رأى الموت بعينيه.. مقتل مغترب يمني في أمريكا بطريقة مروعة .. وكاميرا المراقبة توثق المشهد    ''رماية ليلية'' في اتجاه اليمن    الكوليرا تجتاح محافظة حجة وخمس محافظات أخرى والمليشيا الحوثية تلتزم الصمت    ميسي يُعلن عن وجهته الأخيرة في مشواره الكروي    هل صيام يوم عرفة فرض؟ ومتى يكون مكروهًا؟    غضب شعبي في ذمار بعد منع الحوثيين حفلات التخرج!    لا ابن الوزير ولا بن عديو أوجد دفاع مدني لمحافظة النفط والغاز شبوة    قاتلوا سوريا والعراق وليبيا... السلفيين يمتنعون عن قتال اسرائيل    غريفيث: نصف سكان غزة يواجهون المجاعة والموت بحلول منتصف يوليو    سانشيز قد يعود لفريقه السابق    وفاة مواطن بصاعقة رعدية بمديرية القبيطة بلحج    أعينوا الهنود الحمر في عتق.. أعينوهم بقوة.. يعينوكم بإخلاص    احتضنها على المسرح وقبّلها.. موقف محرج ل''عمرو دياب'' وفنانة شهيرة.. وليلى علوي تخرج عن صمتها (فيديو)    إصلاح صعدة يعزي رئيس تنفيذي الإصلاح بمحافظة عمران بوفاة والده    مستشار الرئيس الزُبيدي يكشف عن تحركات لانتشال عدن والجنوب من الأزمات المتراكمة    اليونيسف: نحو 3 آلاف طفل في غزة معرضون لخطر الموت    السمسرة والبيع لكل شيء في اليمن: 6 ألف جواز يمني ضائع؟؟    20 محافظة يمنية في مرمى الخطر و أطباء بلا حدود تطلق تحذيراتها    بكر غبش... !!!    مليشيات الحوثي تسيطر على أكبر شركتي تصنيع أدوية في اليمن    منظمة حقوقية: سيطرة المليشيا على شركات دوائية ابتزاز ونهب منظم وينذر بتداعيات كارثية    إتلاف كميات هائلة من الأدوية الممنوعة والمهربة في محافظة المهرة    افتتاح جاليري صنعاء للفنون التشكيلية    وفاة واصابة 4 من عمال الترميم في قبة المهدي بصنعاء (الأسماء)    عالم آثار مصري شهير يطالب بإغلاق متحف إنجليزي    ما حد يبادل ابنه بجنّي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أربعون زيارة وألف حكاية ورواية الحلق1
اليمن وأهل اليمن
نشر في الجمهورية يوم 20 - 06 - 2008

اليمن وأهل اليمن أربعون زيارة وألف حكاية ورواية كتاب نعيد نشره للفائدة لكن .. لماذا هذا الكتاب ؟ ...رغم الكم المشهود من الكتب والمقالات والدراسات او الندوات التي تناولت بالرصد والتقييم سيرة الثورة التي اندلعت في شمال اليمن يوم 26 سبتمبر عام 1962 ، ثم تداعت لها الثورة في الشطر الجنوبي من اليمن يوم 14 أكتوبر عام 1963 ، ظل العطاء المصري وسط هذا الزخم الثقافي والتاريخي قاصرا معيبا رغم ان الدور المصري على الصعيد السياسي والعسكري او الحضاري كان العامل الحاسم في دعم الثورتين ، والتمكين لهما من اسدال الستار الى الأبد على اسطورة الحكم الكهنوتي في صنعاء الذي امتد زهاء 300 عام ، ونهاية الاستعمار البريطاني الذي احتل عدن عام 1839 .
وإذا كانت مصر قد عبأت مواردها وحشدت امكاناتها ودفعت بقواتها واسلحتها وعتادها عبر جسرين “بحري وجوي” للقتال الى جانب ثوار اليمن حيث امتزجت الدماء وتعانقت ارواح الشهداء اليمنيين والمصريين ، فلا شك ان هذه الملحمة النضالية سابقة سياسية وشعبية مقدرة في سجل التاريخ العربي المعاصر ، وانتصار مشهود لدعوة القومية العربية، بالنظر الى الانتصار الذي تحقق للثورتين ثم تتويج ذلك الانتصار المؤزر باعلان الوحدة بين شطري اليمن يوم 22 مايو عام 1990 !.
ولعلي من هنا اباهي وأفخر حين اتاحت لي ظروف العمل الصحفي مواكبة التحولات السياسية الكبري على ارض اليمن على مدى اربعين زيارة أمل أو أكثر وعبر 44 عاما متصلاً منذ اندلاع الثورة السبتمبرية ، ومتابعة وقائعها ، وانعكاساتها المباشرة كما الزلازل والبراكين على محيطها الاقليمي في الجزيرة العربية ، حيث نظمها الاتوقراطية العتيدة ، وكذا النفوذ والمصالح البريطانية والأمريكية التي ظلت ترنو ولا تزال الى الهيمنة الاستراتيجية على هذه المنطقة الحيوية من العالم ، سواء لموقعها الفريد علي أهم الممرات البحرية في العالم، أو من حيث مخزونها الاحتياطي الهائل من الثروات النفطية .
على أنه ، وعلى غير المتوقع في ضوء حسابات المكاسب والخسارة للدور المصري في اليمن ، عندما تراخى المصريون حكومات وشعبا في جني الثمرات ، لا على النمط الاستعماري وانما على النحو الذي يعزر من تمتين اللحمة السياسية والشعبية ، وتكامل المصالح المشتركة ، والتنسيق في اطار منظومة الامن القومي العربي ، بالنظر لمواقع البلدين الحاكم لمدخلي البحر الأحمر الشمالي والجنوبي .
المبادرة الوحيدة على هذا الصعيد ، حين كان على مصر اغلاق باب المندب في وجه الملاحة الاسرائيلية إبان حرب أكتوبر 1973 ، من دون إذن او تشاور مع السلطات اليمنية لدواعي المفاجأة الاستراتيجية ، ولم يكن ليتحقق ذلك فيما لو كانت الإمامة المتوكلية على سدة الحكم في صنعاء ، وبريطانيا متمترسة في قاعدتها العسكرية في عدن !.
وبينما ظل الجيل اليمني الذي عاصر وقائع الدعم المصري يتغنى في المناسبات الوطنية وعلى لسان نخبته السياسية والثقافية والإعلامية بدوره الجسور ، وبدونه كان على الثورة ان تتجرع مرارات الفشل المحتوم الذي واجهته الثورة الأم بزعامة حركة الاحرار عام 1948 ، والى حد انتهاز مناسبتي اعياد الفطر والأضحى للاعتراف بالفضل وتأكيد الاعتزاز بهذا الدور ، عبر التوجه مبكرا لزيارة مثوى الشهداء المصريين وقراءة الفاتحة على أرواحهم الطاهرة قبل زيارة قبور الشهداء اليمنيين ، وبعدها تتوجه العائلات اليمنية لزيارة النصب التذكاري للشهداء المصريين على مشارف صنعاء !.
في المقابل كانت هجمة كتاب الردة في مصر أثر رحيل الرئيس جمال عبد الناصر الى التنديد المسعور بالدور المصري في اليمن ، لكونه سبب خراب مصر اقتصاديا ونكستها عسكريا في يونيو 1967 على حد زعمهم ، والي حد اغتيال شخصية وسمعة جمال عبد الناصر ضمنيا ، عبر التكفير بكل ما تبناه ودعا له من مبادئ التضامن القومي وسعيه الى دعم حركات التحرر العربي ، ولم تكن رموز الثورة المضادة تمارس نشاطها السياسي والفكري والدعائي المشبوه بامكاناتها الذاتية ، ولكنها وجدت السند والدعم من الرجعية العربية وخزائنها ، ومن اعداء حركة التحرر العربي بدون حساب .
وعلينا ان نعترف بصدق وموضوعية ان دعاة الردة خاب فألهم وفشل مخططهم المشبوه الرامي الى تشويه الدور المصري في اليمن او تقزيمه ، لان الذاكرة التاريخية راحت تفضح كل ما روجوه من افتراءات واكاذيب عبر الندوات الحوارية الدورية التي تجمع بين النخب الثقافية والسياسية في مصر واليمن تحت شعار تمتين وترشيد ودعم العلاقات بين البلدين وشهادات الشهود والاحياء على ملحمة النضال اليمني المصري المشترك .
وأشهد ان الجانب اليمني كان له دوما فضل السبق والمبادرة على هذا الصعيد ، وكم وكيف ما تناوله العديد من المرجعيات السياسية والباحثين اليمنيين للعلاقات المشتركة وتأصيلها يجل عن الوصف والحصر ، فيما كان للرئيس علي عبدالله صالح اسهاماته الكبيرة في التنويه بهذه العلاقات ، والتنوير بضرورات تفعيلها ، إضافة الى مبادرته الرائعة لتكريم القيادات العسكرية والمدنية المصرية التي شاركت في دعم الثورة اليمنية عسكريا وسياسيا او حضاريا ، وأحمد الله وأشكر الرئيس اليمني الذي أنعم على بوسامي الثورة والوحدة اليمنية تقديرا لدوري المتواضع في هذا الصعيد مما ألقى على كاهلي مسئولية التحشد وأهبة الاستعداد لوضع هذا الكتاب .
واستدرك لاشير الي اعتمادي الأغلب في مادة هذا الكتاب ..”أولا” على تجربتي ورؤاي الشخصية للتطورات والوقائع التي عايشتها .. و”ثانيا” خياري لأسلوب بسيط في الكتابة عنها واختيار ما يؤكد مصداقيتها عبر الحكايات والروايات المتاحة وأملها الأحرى بالمتابعة والاسهام في استيعاب مضمونها ، “ثالثا” ويكمن في حرصي على تجنب الكتابة للصفوة فحسب ، وانما للسواد الأعظم من العامة والمهتمين وغير المهتمين باليمن وخصوصياته ..ورابعا العبور سريعا على المعروف والمتداول سلفا من المعلومات والولوج الى ما وراء “الكواليس” من الدلالات والأسرار ، مع الوضع في الاعتبار ان كل قضية او اشكالية تناولتها في كتابي تستحق وبلا شك ان يتناولها أكثر من كتاب او دراسة متخصصة ، دون ان اغفل لحظة لما قد ينالني من نقد او اتهامات..والله من وراء القصد !
نظرية “الأواني المستطرقة”
لم يمض سوى عام واحد على انفصام الوحدة بين مصر وسوريا في سبتمبر عام 1961 ، حتى كان الشعب اليمني على أهبة تفجير الثورة في سبتمبر عام 1962 ، ولا تقتصر دلالات ذلك الحدث العظيم على توافر الدوافع السياسية المحركة لتيار التحرر القومي الصاعد انذاك وامكاناته البشرية والمادية الزاخرة في رد الاعتبار لكرامة الأمة العربية وتجاوز اخفاقاتها – رغم موروثات الجهل والتخلف والاستبداد – وانما في مصداقيته الإرادة السياسية القومية والتوقيت الصحيح والموقع المناسب للرد على المؤامرة وعصبة المتآمرين على الوحدة المصرية السورية كما لو انه القدر المحتوم !.
والشاهد ان العلاقة بين مصر واليمن ذات سمات قدرية حاكمة ، ولعلها اشبه بالنظرية العلمية المعروفة ب”الأواني المستطرقة” ، فما من انتصارات ونجاحات وفسحة من الأمن والاستقرار تحظى به مصر ، وما من اخفاقات وتحديات ومظاهر الاستبداد تبتلى به ، الا وكان لكل هذه العوامل الايجابية والسلبية انعكاساتها المباشرة او الضمنية على الاوضاع في اليمن بشكل او بآخر و..العكس كذلك صحيح !.
وهكذا على مر التاريخ القديم ظل البلدان يشكلان حلقة تفاعل سياسي وتواصل حضاري ، وان يلعبا معا أدوارا تكاملية خاصة على الصعيد الاقتصادي او كوسيط تجاري، لكونهما يسيطران على اهم طرق التجارة العالمية بين الشرق والغرب وتلك الأهمية الاستراتيجية كانت ولا شك مثار الاطماع والعدوان الخارجي .
وإذا كان فراعنة مصر قد وجهوا اساطيلهم البحرية عبر البحر الأحمر فالمحيط الهندي الى بلاد “بونت” وهي الصومال اليوم ، لجلب البخور لزوم مناسك العبادة والتوابل لزوم جودة الطعام ، فلابد وان المصريين القدماء اقاموا فترات في اليمن وتبادلوا المعارف والمنافع مع اليمنيين ، وهو ما يفسر الوعي المشترك لدى الشعبين بأسرار تحنيط الموتى تأهبا ليوم الحساب في الآخرة ، ولعل ما يؤكد هذا التلامح الحضاري بين مصر واليمن ما اسفرت عنه الاكتشافات الاثرية من التماثيل اليمنية القديمة التي تحاكي قريناتها في العصر الفرعوني ، وبينها تمثال ابو الهول الذي تم اكتشافه في منطقة جبل العود بمحافظة إب ومجموعة أخرى من التماثيل في احد المعابد القديمة ، ويقول أحمد شمسان وكيل الهيئة العامة للآثار باليمن ، ان هذا التشابه بين التمثالين يعود الى التجار اليمنيين الذين كانوا يجلبون التماثيل الفرعونية خلال رحلاتهم التجارية إبان العصر الفرعوني .. فكان اليمنيون يحاكونها، مع بعض الاختلافات وابرزها تمثال ابو الهول اليمني المتوج مما يشير الى احتمال ان يكون لملك يمني !.
والثابت تاريخيا ان الرومان عندما استولوا على مصر ، كان حرصهم على تأمين عمقها الاستراتيجي الجنوبي ، فكانت سيطرتهم الكاملة على البحر الأحمر واحتلال اليمن بالتالي ، وما تزال اسطورة البطل اليمني سيف بن ذي يزن تشي بالدور الذي قام به قبيل ظهور الاسلام لاسترداد “كتاب النيل” من الاحباش خشية ان يغامروا بقطع مجرى النيل الى مصر !.
تأصيل العلاقات المصرية اليمنية
على انه بقدر مشقة البحث في توثيق المعلومات حول الدور الحضاري المشترك للعلاقات المصرية اليمنية في التاريخ القديم ، بقدر ما كانت الفرصة مواتية لاعفائي من هذه المهمة حين دعيت للاستماع والاستمتاع بالمحاضرة القيمة التي القاها الدكتور عبد الحليم نور الدين رئيس هيئة الآثار المصرية ونظمها المركز الاعلامي بالقاهرة بالاشتراك مع منتدى “ساقية الصاوي” ، حيث أبحر بوعي وحب واقتدار في دروب وأعماق هذه العلاقات وتأصيلها علميا وثقافياً ، وهو قد بدأ محاضرته الرائعة قائلا:
“اليمن بلدي الثاني ، بلد أحببتها ونشأت بيني وبينها علاقة حب قوية ستظل الى ان تنتهي الحياة وسعادتي بأن أشارك في كل ما يتعلق باليمن ، التي عملت فيها ست سنوات من أقوى سنوات عمري عطاء كرجل تاريخ وآثار حيث ساهمت في تأسيس قسم الآثار واكتشاف ايضا مومياوات يمنية ، وقد استقبل العالم هذا الخبر الأثري بدهشة شديدة ، إذ كيف يكون هناك تحنيط في أي مكان خارج مصر ، وأحدث هذا الكشف الأثري ضجة كبيرة في منطقة تدعى (شبام الفراس) ، ومن هنا يظل الحنين قويا دوما بيني وبين اليمن ولهذا جئت .
بعد هذه المقدمة الحميمة اشار الى ان الحديث عن العلاقات بين مصر القديمة التي تسمى مصر الفرعونية وبين اليمن القديم هو حديث حضارتين رائدتين في زمنهما وفي مكانهما ، وفي اطار العالم المحيط بهما ، علاقات بين حضارتين رغم ان احداهما تنتمي الى قارة افريقيا (مصر) والثانية تنتمي الى قارة آسيا (اليمن) الا انهما تنتميان الى كيان حضاري وجغرافي واحد هو كيان الشرق الأدنى القديم الذي يضم حضارة وادي النيل وبلاد النهرين وسوريا الكبرى والجزيرة العربية والاناضول وايران . ورغم التباعد الزمني والجغرافي بين الحضارتين الا ان موقعهما قد أهلهما للاتصال المباشر من خلال الطرق البرية والبحرية التي ساهمت في الربط بينهما مثل الطريق البري المعروف بطريق “التوبال” والطريق البحري المتمثل في البحر الأحمر الذي لعب دورا كبيرا في الاتصال بين البلدين ، والذي سهل نمو وازدهار العلاقات التجارية ومن ثم ظهر التأثير المتبادل في مجال العقائد والفنون ، واشتركت الحضارتان في مجموعة من الخصائص واختلفت في خصائص أخرى .
مصر تقع في قلب الشرق الادنى القديم ، وفي قلب قارات الدنيا الرئيسية .. هذا الموقع مكنها من تبوؤ موقع الريادة ومكنتها حدودها الطبيعية الآمنة ومناخها المستقر من الانطلاق نحو التقدم اسرع من غيرها بالاضافة الى تمتع مصر بمصدر ثابت للمياه وهو نهر النيل .
وقال:ان الآراء تعددت حول مسمى اليمن ، وهناك من يرى انها سميت نسبة الى اول من قطنها من العرب او لانها تقع يمين الكعبة ، او لانها بلاد اليمن والبركات ، او ليتيمن العرب بها وأخيرا ربما حورت كلمة اليمن عن الكلمة اليمنية القديمة التي وردت في نصوص المسند (يمنات) والتي ترجع الى عهد الملك (شمر يهرعش) ولان اليمن اشتهرت باعتدال مناخها وتنوع محاصيلها فقد سميت باليمن الخضراء ولقد قامت في اليمن مجموعة من الكيانات السياسية اذكر منها معين وحضرموت وقتبان وسبأ اشهر حضارات اليمن وذي ريدان وحضرموت ويمنات التي سيطرت على كل اليمن تقريبا ، ورغم موقعها في جنوب الجزيرة العربية فقد حققت من الانجازات الحضارية ما لا حصر له .
هيأ موقع اليمن لها الاتصال بكل الدول الواقعة على البحر الاحمر وتلك التي تنتمي الي بلاد الشرق الادنى القديم كبلاد النهرين بالاضافة الى حدودها الآمنة التى حمت البلاد من الغزوات الأجنبية ! وقد اختلفت الحضارة اليمنية عن الحضارة المصرية من حيث مصدر المياه فمصر تتمتع بالنيل كمصدر ثابت للمياه ، واليمن اعتمدت ولا تزال على الامطار ، ومن هنا كانت الاجابة الواضحة في بناء السدود ، وأشهرها سد مأرب في محاولة للاستفادة من مياه الامطار . كما اختلفت البلدان في طبيعة الأرض فالارض منبسطة في مصر وجبلية الى حد كبير في اليمن وإذا اردنا ان نشير الى المسميات فقد حملت مصر العشرات من المسميات اهمها مصر وهو الاسم الذي ورد في الكثير من النصوص اليمنية نصوص حضارات الشرق الادنى القديم وهو الاسم المشتق من كلمة مصرية قديمة هي (مشرر) أي المحمية او المحصنة او المكنونة ولهذا سميت بكنانة الله في أرضه .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.