عمان - سبأ وصف رئيس مجلس الوزراء الدكتور علي محمد مجور إعادة توحيد اليمن في 22 مايو 1990م بأنها الثورة الثالثة في اليمن الحديث والمعاصر، بعد ثورتَي سبتمبر 1962م، وأكتوبر 1963م الخالدتين.. وقال، في مقابلة صحافية مع صحيفة الدستور الأردنية ومجلة الأهرام العربي، نُشرت بالتزامن، أمس: الوحدة اليمنية استعيدت في الثاني والعشرين من مايو 1990 بإرادة شعبية حقيقية، تلك الوحدة تمثل واحدة من أكبر وأهم هدف من أهداف ثورة الشعب ضد نظام الإمامة والاستعمار البريطاني... وفيما يلي نص المقابلة: تزامنت جولة الرئيس علي عبدالله صالح، التي شملت حتى الآن الأردن ومصر مع أحداث القرصنة التي جرت أخيراً في البحر الأحمر من قبل قراصنة صوماليين، مما أثار المخاوف على الملاحة في باب المندب وقناة السويس، وتكثف معه الوجود العسكري الأمريكي - الغربي في البحر الأحمر... هل يمكن أن يمثّل ذلك توطئة لتنفيذ المشروع الإسرائيلي الداعي لتدويل البحر الأحمر؟ إن زيارة الرئيس علي عبدالله صالح إلى الأردن، تأتي في إطار التنسيق في القضايا العربية والدولية، ولقد تباحث مع جلالة الملك عبدالله بن الحسين في المستجدات على الساحة الفلسطينية والعراقية، والعلاقات الثنائية، وزيارة فخامة الرئيس لمصر بالرغم من كونها زيارة خاصة، إلا أن الرئيس حرص على لقاء أخيه الرئيس محمد حسني مبارك لتبادل الرأي في القضايا العربية والدولية، والبحث في سبل تعزيز وتعميق العلاقات الثنائية، وتنشيط اللجنة العليا اليمنية - المصرية... والقيادة السياسية في مصر والأردن شاركتا اليمن قلقه بخصوص ما يحصل في البحر الأحمر، وكانت رؤاهما متطابقة في ضرورة التنسيق العربي لمواجهة ما يتهدد البحر الأحمر من أخطار، والتأكيد على أن أمن البحر الأحمر يأتي ضمن الأمن القومي العربي. ونحن مقبلون على احتفالات الذكرى الخامسة والأربعين لثورة الرابع عشر من أكتوبر... كيف ترون تلك الذكرى في ظل ما يواجهه اليمن ووحدته من تحديات؟ نحن نعيش هذه الأيام الذكرى الخامسة والأربعين لثورة الرابع عشر من أكتوبر، لتلك الثورة التي حسمت معارك الحرية والهوية، وهي الامتداد الطبيعي لثورة السادس والعشرين من سبتمبر التي فتحت لليمن آفاقاً رحبة في اتجاه الوحدة والازدهار وتحريره وتحقيق وحدته الجيوسياسة... إن شعبنا اليمني يحتفل بعيد الثورة في بيئة سياسية وطنية مفعمة بإنجازات وتحولات عميقة تشير إلى عظمة كفاح شعبنا، والوفاء لتلك الثورة يكون بالدفاع عن وحدته التي تعمدت بالدم... إن الشعب اليمني موحد رغم التشطير. هل يوجد خطر حقيقي على الوحدة اليمنية؟ الوحدة اليمنية استعيدت في الثاني والعشرين من مايو 1990 بإرادة شعبية حقيقية... إن تلك الوحدة تمثل واحدة من أكبر وأهم هدف من أهداف ثورته ضد نظام الإمامة والاستعمار البريطاني... بل يمكن القول: إنها بمثابة الثورة الثالثة في اليمن الحديث والمعاصر بعد ثورتَي سبتمبر 1962م، وأكتوبر 1963م. كانت تلك الوحدة بمثابة حالة حديثة أو جديدة في اليمن، وهي إعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي، بعدما انشطر اليمن وتشطر لفترة زمنية طويلة بعد توحده لفترات تاريخية أطول وأكبر من زمن التشطير. لقد مرّ أكثر من ثمانية عشر عاماً على استعادة الوحدة، وهي مصونة ومحمية بإرادة شعبنا، الذي دافع عنها دفاعاً مستميتاً، ولا ولن يلتفت إلى تلك الأصوات النشاز المشبوهة، والتي تدعو إلى التشطير الذي ذهب بلا عودة. كانت لليمن مبادرة لحل الأزمة الفلسطينية وتنسيق الحوار بين حركتَي فتح وحماس... إلى أين وصلت؟ عندما تصاعدت الأزمة بين حركتَي فتح وحماس بادر فخامة الرئيس علي عبدالله صالح بطرح مبادرة لرأب الصدع تقوم على سبع نقاط، تتمثل في العودة بالأوضاع في غزة إلى ما كانت عليه قبل استيلاء حماس على مؤسسات السلطة، وإجراء انتخابات مبكرة، واستئناف الحوار على قاعدة اتفاق القاهرة 2005 واتفاق مكة 2007 ، على أساس أن الشعب الفلسطيني كل لا يتجزأ، وأن السلطة الفلسطينية تتكون من سلطة الرئاسة المنتخبة والبرلمان المنتخب والسلطة التنفيذية ممثلة بحكومة وحدة وطنية والالتزام بالشرعية الفلسطينية بكل مكوناتها، وتنص أيضاً على احترام الدستور والقانون الفلسطيني، والالتزام به من قبل الجميع، وإعادة بناء الأجهزة الأمنية على أسس وطنية بحيث تتبع السلطة العليا وحكومة الوحدة الوطنية، ولا علاقة لأي فصيل بها، كما تكون المؤسسات الفلسطينية بكل تكويناتها دون تمييز فصائلي، وتخضع للسلطة العليا وحكومة الوحدة الوطنية... وتم الإعداد للمبادرة بشكل جيد، حيث التقى فخامة الرئيس كلاً من «أبو مازن» وخالد مشعل، وتباحث معهما في المبادرة، التي لاقت ترحيباً من كل الأطراف الفلسطينية، وشهدت صنعاء التوقيع بالأحرف الأولى عليها من جانب ممثلي حركتَي فتح وحماس، ونحن ننتظر حواراً جاداً وحقيقياً بين الأطراف الفلسطينية للوصول إلى حل جذري لكل القضايا الخلافية للوصول إلى وحدة فلسطينية وطنية لمجابهة المشروع الإسرائيلي داخل فلسطين وخارجها. ولكن المتحدث باسم السفارة الفلسطينية في صنعاء فايز جواد صرّح بأن السفارة أُغلقت احتجاجاً على ما أسماه ازدواجية التمثيل الفلسطيني في اليمن، حيث يوجد مكتب لحركة حماس له صلاحيات دبلوماسية... هل من أثر لتلك الأزمة على المبادرة اليمنية؟ إن مكتب حماس موجود منذ سنين طويلة، ونشاطه يقتصر على الجمعيات الخيرية، بينما السفارة هي الجهة الرسمية الفلسطينية التي نتعامل معها، وهذا ما عاد وأكده السفير الفلسطيني أحمد الديك... والمشكلة التي جرت في أحد مكاتب السفارة في عدن، ليست لها أبعاد سياسية، وتمت معالجة تلك المشكلة الطارئة. وماذا عن مكاتب الفصائل الفلسطينية في صنعاء، والتي يراها البعض ازدواجية في التمثيل الفلسطيني تتنافى مع كون منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني؟ إن المبدأ في اليمن مع حق الفصائل الفلسطينية في فتح مكاتب تمثيل لها في صنعاء، ويأتي ذلك في إطار الموقف المبدئي لليمن لمساندة الشعب الفلسطيني لتحقيق أهدافه الوطنية المشروعة في إقامة دولته الوطنية المستقلة، وذلك لا يتعارض مع علاقتنا العميقة والوثيقة مع منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الممثلة في السفارة الفلسطينية القناة الشرعية الدبلوماسية للشعب الفلسطيني. هل من تعارض مع مبادرة اليمن لحل الأزمة الفلسطينية والتحرك المصري الناشط في اتجاه الحوار الفلسطيني؟ نحن لا نرى أي تعارض بين الدور اليمني والمصري، بل إنهما متكاملان... وفخامة الرئيس علي عبدالله صالح دعا قادة كل الدول العربية إلى المشاركة في حل تلك الأزمة التي تنعكس بالسلب على قضية العرب الأولى، ونحن نرى أن أي تدخل عربي يصب في خانة الحوار الفلسطيني هو ضرورة قومية واجبة للوصول إلى الوحدة الوطنية الفلسطينية... ونحن نتابع الجهود المصرية الحثيثة والمخلصة للحوار الفلسطيني وندعمها. إلى أي مدى يمثل الإرهاب خطراً على اليمن؟ لقد عانى اليمن الإرهاب سواء من تنظيم القاعدة أم غيره من التنظيمات الإرهابية التي ترفع شعارات دينية، ولقد نبّه اليمن مبكراً من خطورة تلك التنظيمات، وطالبنا بضرورة قيام تحالف دولي لمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله... إن هذا العمل الجبان يثير مجدداً إشكالية الإرهاب وكيفية مواجهته بأسلوب يقضي بالقضاء عليه تماماً... إن أجهزة الأمن اليمنية تقوم بدورها على أكمل وجه، وحققت نجاحات مبهرة في هذا الصدد، لكن غياب التنسيق الأمني العربي والغربي في هذا المجال يفتح ثغرات يدخل معها بعض فلول الإرهاب للقيام بعملية هنا أو هناك. لقد لحقت باليمن أضرار باهظة اقتصادية واجتماعية جراء الإرهاب، فقد أثرت بدرجة كبيرة على السياحة أحد الموارد الاقتصادية المهمة والحساسة تجاه الأوضاع الأمنية، وكان لها أثر سلبي على دخول العديد من اليمنيين، مما ترك آثاراً اجتماعية سلبية، وعمليات مثل الهجوم الإرهابي على المدمرة (يو. إس. إس. كول) الأمريكية أثناء تزودها بالوقود في ميناء عدن، مما أدى إلى ارتفاع قيمة التأمينات على البواخر التي تجوب الموانئ اليمنية، وكذا الشركات الأجنبية التي تعمل في اليمن. إن اليمن حكومة وشعباً في حرب مستمرة مع الإرهاب بكل الوسائل الأمنية منها والفكرية للوصول إلى اجتثاث ذلك الخطر السرطاني الذي يتهدد الأمة العربية والإسلامية... ونحن لا ندخر جهداً في مواجهة هذا الوباء السرطاني الذي يتخفّى تحت شعارات دينية، والدين منهم براء... ونحن نعزز علاقتنا مع الولايات المتحدة في مواجهة الإرهاب على قاعدة الوعي بخطورته على السلام والأمن الدوليين. كيف يمكن تحصين الشباب اليمني ضد التطرف في ظل بيئة ملائمة لنمو التطرف، حيث الفقر والبطالة؟ نحن ندرك أن التطرف ينمو بوتيرة أسرع وأوسع في بيئة الفقر والبطالة والجهل، وأيضاً في ظل نظام تعليمي متخلّف يحض على الغلو والتطرف... ونحن نسعى لتحصين شبابنا ضد الأفكار الدخيلة التي لا تمتُّ للدين والقيم الوطنية بأية صلة، وندعوهم إلى ضرورة تجسيد مبدأ الوسطية والاعتدال والمحبة والتآخي، وتنمية الوعي الوطني، وتعزيز مفاهيم الثورة والوحدة وقيم الإسلام الحنيف، ونسعى لبناء شبابٍ واعٍ ومحصنٍ وقويٍ ومتماسكٍ... وإدراكاً منّا لأهمية التنمية في مواجهة ظاهرة التطرف والإرهاب، نحن في اليمن نولي اهتماماً كبيراً لبرامج التنمية، ونسعى جاهدين لمكافحة الفقر والحد من ظاهرة البطالة، ونتعاون في ذلك مع القوى الإقليمية والعالمية. اليمن يعيش تجربة ديمقراطية، وشهدت الانتخابات الرئاسية شكلاً من حرية الاقتراع المباشر غير شائعة في الخليج... هل ذلك أحد معوقات انضمامكم بشكل كامل إلى مجلس التعاون الخليجي؟ إن اليمن جزءٌ لا يتجزأ من النسيج الخليجي، شاء من شاء وأبى من أبى، طبيعياً وجغرافياً وتاريخياً، واليمن يسعى للانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي، باعتباره المكان الطبيعي لليمن، ولقد حققنا خطوات مهمة في هذا الاتجاه بدءاً من المساهمة الفعّالة في الكثير من اللجان المشتركة، إلى غيرها من الخطوات التي تحقق الانضمام الكامل لمجلس التعاون، ونحن نلاحظ أن كل قمة تخرج بتوصية تؤكد ضرورة انضمام اليمن. هل من المتوقع أن يشارك اليمن في القمة المقبلة المقررة في مسقط؟ إذا ما تسلّمنا دعوة فلن نتردد في تلبيتها، وينبغي أن نتعرف على شروط الانضمام، ولقد قطعنا شوطاً كبيراً للمواءمة مع قوانين المجلس، ونتحاور فيما تبقّى من قوانين، وننسق في ذلك مع الإخوة في قيادة المجلس والأمانة العامة، ونحن سائرون في طريق استكمال الشروط الواجبة للانضمام الكلي للمجلس. سبق وسمعنا من رئيس الوزراء السابق عن اكتشافات بترولية هائلة في اليمن، ولكننا لم نعد نقرأ أو نسمع عن تلك الاكتشافات... لماذا؟ نحن سائرون في برنامج الاستكشافات، وهناك مؤشرات إيجابية، وسيشهد العام 2010 نتائج مبهرة تمثل طفرة حقيقية في هذا الاتجاه. لقد طلبتم من الدول المانحة أن تحول قروض اليمن إلى منح... هل من استجابة جرت لطلبكم؟ إن الحكومة استطاعت توقيع اتفاقات بتخصيص 47 بالمائة من دعم المانحين إلى منح، وتجدر الإشادة في هذا الإطار بالمملكة العربية السعودية، حيث إنها أكثر الجهات المانحة وفاءً بتعهداتها. إن الاستثمار يتطلب توافر جملة من العوامل، أهمها الجانب الأمني، والبيئة الاستثمارية المناسبة، وإجراءات إدارية واضحة، ولقد تمت إصلاحات متعددة في هذا الجانب، أبرزها تعديل قانون الاستثمار، والأخذ بنظام النافذة الواحدة، بالإضافة إلى إيجاد حلول لمشكلة الأرض، وبرغم عدم تحقيق الطموح في هذا الجانب إلا أن هذه التسهيلات أسهمت في جذب كثير من المشاريع الاستثمارية، خصوصاً في مجال صناعة الأسمنت، حيث يوجد حوالي خمسة مصانع للأسمنت قيد الإنشاء، بالإضافة إلى الكثير من المشاريع الاستثمارية والعقارية. إلى أين وصلت مشاريع التنمية في اليمن، وماذا عن الخطة الخمسية 2011 - 2015؟ إن التنمية تتطلب حشد موارد كبيرة لتحقيقها، ولولا المانحون ما استطاع اليمن أن يخطو تلك الخطوات الكبيرة، والمؤسسات الدولية وفي مقدمتها البنك الدولي، تشيد بالإصلاحات التي تحققت في اليمن... مشيرة إلى تسارع وتيرتها مما أدى إلى تنامي المنح وتحويل بعض القروض إلى منح... والإصلاحات تسير في اليمن على قدم وساق، ونحن نأخذ ما يفيدنا من اقتراحات البنك الدولي الإصلاحية... وأنا أرى في البنك الدولي طبيباً معالجاً، ومن ثم يجب الالتزام بإرشاداته التي توفر البيئة الملائمة للتنمية، ولقد شرعت الحكومة بتشكيل لجنة تعمل على حشد الموارد اللازمة للخطة الخمسية والإعداد الجيد لها. ما تعليقك على انتقادات المعارضة لأداء الحكومة على الصعيد الاقتصادي والسياسي، واتهامها للحكومة بتجاهل الجنوب تنموياً؟ أحزاب المعارضة في اليمن لم ترقَ إلى مستوى الحوار الموضوعي والبنّاء، ونحن نتساءل، ماذا قدّم حزب الإصلاح والحزب الاشتراكي عندما كانا ضمن الائتلاف الحكومي؟ نأمل أن يجيبوا عن ذلك السؤال قبل أن يدعونا ليل نهار بنقد بعيد عن الموضوعية لحزب المؤتمر وحكومته... ونحن في الحزب والحكومة لدينا من الشجاعة للاعتراف بقصور في الأداء وأخطاء نسعى لتجاوزها بكل الوسائل الممكنة، بينما المعارضة لا تمتلك شجاعة الاعتراف بالحقائق الساطعة... ينبغي أن تترفّع تلك القوى عن الكذب والدجل كوسيلة للوصول إلى السلطة، ونأمل أن يشاركوا في انتخابات 2009 على أسس وبرامج هادفة. هل ستشارك المعارضة اليمنية الممثلة في (اللقاء المشترك) في الانتخابات البرلمانية، أم ستقاطعها... وفي حال المقاطعة كيف سيكون موقف حزب المؤتمر الحاكم؟ نحن ندعو أحزاب (اللقاء المشترك) للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، ونطالبها بأن تخطو خطوة في سبيل المشاركة عبر الاشتراك بفاعلية في اللجان الخاصة بالانتخابات. وفي حالة عدم مبادرة اللقاء المشترك إلى تسمية أعضائه للمشاركة في أعضاء اللجان الانتخابية والفرعية التي ستتولّى إدارة العملية الانتخابية، فإنه سيتم اللجوء إلى تشكيل اللجان الانتخابية من بين المتقدمين للخدمة العامة لديوان وزارة الخدمة المدنية والتأمينات أو من القضاء. وبالرغم من أننا لا نتمنى أن تقاطع الانتخابات ليتسنى لها الاقتراب أكثر من نبض الشارع، ولكن إذا ما قاطعت فإن ذلك يعني أنها تخشى الاحتكام لصناديق الاقتراع الوسيلة الديمقراطية الأكثر تحضراً.