استرخاء صيفي شتوي يليهما خريف كروي بلا ربيع.. والمحصلة تطور وهمي! يفصل بين«6» نوفمبر المقبل وبين الأندية أسبوعان، ولايبدو أن الجاهزية للفرق ال«41» التي ستتنافس خلال «62» اسبوعاً رياضياً في الملاعب الكروية على اللقب للبطولة والوصيف الأول والوصيف الثاني، كما سيشهد الدوري القادم منافسة في أندية الوسط والذيل بحثاً عن البقاء في صفوف الكبار موسماً كروياً ثانياً. ورغم اقتراب موعد انطلاق قطار دوري المحترفين، إلا أن المناخات في معظم الأندية غائمة جافة من الاستعداد المناسب لبطولة بحجم دوري النخبة.. فالأخبار تنبئ عن ضعف الجاهزية البدنية لكبار الأندية ومنها الهلال الساحلي الذي كان الأفضل استعداداً سقط في أول اختبار له أمام شعب صنعاء الصاعد إلى الدرجة الأولى، وفاز على اليرموك لكنه وقع في فكي كماشة فريق الكويت الكويتي الأسبوع الفائت بثالثة أهداف نظيفة ضمن التصفيات التمهيدية بكأس أبطال العرب للأندية أبطال الدوري. ووصيفه أهلي صنعاء استعد في معسكر داخلي وأجرى مباراة تجريبية واحدة كانت محصلتها نتيجة سلبية أمام المنتخب الوطني الأول. أما الشعلة فلاتوجد أنباء عن إجراء مباريات تجريبية وأحواله الاعدادية ليست على مايرام حتى الآن، أي أنها أدنى مما كان ينبغي على فريق ناضل حتى الأنفاس الأخيرة من الموسم الفائت. وماذا عن الصقر والرشيد وإذا عدنا إلى تعز وجدنا ممثليه الصقر والرشيد متباينين من حيث برامج وخطط اعدادهما لخوض بطولة الدوري، وبإيجاز فإن الأصفر الحالمي الذي احتل المركز الرابع في البطولة الماضية كان قديراً على بلوغ القمة لكنه فقدها وتراجع إلى أبعد من الوصيف الثاني.. وشعرت إدارة شوقي أحمد هائل بالخطر فأحسنت باتخاذها خطوة التعاقد مع المدرب الوطني أمين السنيني الذي ربما يُعد الأفضل«وطنياً» في الساحة، لكنه كما يبدو يعاني مشكلة عدم التجانس في خطوط فريقة حتى الآن بالنظر إلى نتائج المباريات التجريبية التي خاضها مع الرشيد وخسرها بهدف على ملعب الصقر، وخرج خالي الوفاض من لقائه مع شمسان عدن بركلات الترجيح بعد التعادل معه بهدف لكل منهما، مايعني أن الجاهزية في خط الهجوم تفتقد إلى القوة الضاربة، وأن استقدام عناصر جددٍ للفريق أخر عملية الانسجام الفكري والفني بين جميع اللاعبين،ويعتمد ذلك على عامل الزمن، ويمكن القول: إن السنيني ربما منح بعض اللاعبين الفرصة ليقدموا ماعندهم ليقف على قدراتهم واختيار أفضلهم، ولم يكن يركز على النتائج بقدر مايختبر لاعبيه، وهذا جزء من الإعداد. والرشيد بإمكاناته المادية المتواضعة يكافح ليكون جاهزاً لدخول معترك الدوري العام فتعاقد مع مجذور كمدرب كونه الأقرب إلى اللاعبين، والأكثر معرفةً بقدراتهم واطلاعاً بمستويات الأندية المنافسة ولدى الرشيديين مباراتان حققا فيها الفوز على الصقر بهدف وتعادل مع العائد اتحاد إب بهدف لكل منهما.. وتبدو جاهزية الفريق البدنية جيدة، فيما لايزال التكتيك غير واضح على أدائه. وإذا استعرضنا بقية الأندية ومدى استعدادها ليوم 6 نوفمبر المقبل لوصلنا إلى نتيجة سلبية يمكن تعميمها على الأندية جميعها بنسب متفاوتة.. فالذي اهتمت به فقط البحث عن تطبيق بند اللائحة الاتحادية المعدلة بالتعاقد مع لاعبين محترفين سواءً محليين أم أجانب، أما الإعداد البدني والفني فلم يدخل أجندة الأندية إلا بعد صيام الشهر الكريم وانقضاء سبلة عيد الفطر المبارك.. والفاصل الزمني بين الدوري وبينها لم يكن يتجاوز الشهر فقط، وهو غير كافٍ للإعداد المثالي. تطور وهمي!! ولو سألت أعظم الخبراء المتابعين لدوري كرة القدم في بلادنا عن تقييمه للمستوى الفني للأندية الكبيرة المتواجدة بصورة شبه دائمة في البطولة المحلية.. لما تردد في اجابتك بأن الدوري اليمني لايمكن قياسه إلا بعد انقضاء رحلة الذهاب، وخوض الأندية على الأقل«31» مباراةً لكي يستعيد اللاعبون «العظام» بعض حيويتهم ويتأقلموا مع الوضع الجديد، ويتخلصوا من روماتيزم«الأقدام»، ويتعافوا من هشاشة «الإقدام» فالدوري اليمني نصفه إعداد فني وبدني في استراتيجية الأجهزة الفنية التي تقود الأندية خلاله.. والنصف الثاني هو مايمكن أن نطلق عليه بطولة كرة القدم، كون المباريات الأخيرة تتضح فيها التكتيكات والخطط والعمل للمدربين،وتظهر أيضاً قدرات اللاعبين المحترفين على تنفيذ المهام، وبالمحصلة يمكن تقييم الأداء العام للأندية، وقياس المستوى الفني لكل نادٍ، ومن ثم بالتأكيد يستطيع المراقبون والخبراء والمتابعون لدوري المحترفين اليمنيين إن جاز لنا وصفه بذلك اعطاءك اجابة متكاملة عن المستوى الفني، هل يتقدم وينمو ويتطور، أم أن الأمر برمته ليس سوى تطور وهمي، أو نمو موسمي ثم يعود الحال البائس للأندية إلى ماهي عليه منذ ثلاثة أشهر، اجازة طويلة الأمد للاعبين، واسترخاء صيفي تارةً، وشتوي تارةً أخرى بينهما خريف كروي لايستطيع الربيع الرياضي حماية ذلك التطور.. وفي اعتقاد العديد من أهل الخبرة وراصدي مسيرة الدوريات الكروية في بلادنا أن المشكلة التي تتحول إلى معضلة قاتلة للهمم، ولها تأثيرها السلبي الأعظم على رياضة كرة القدم تتمثل في القصور الواضح في منظومة الإدارة الكروية ابتداءً بالاتحاد العام الذي تسود معظم مسئوليه الارتجالية في التخطيط مع وجود نسبة من الايجابية تظهر أحياناً لكنها لاقدرة لها على إيقاف سلطان المزاجية التي تتعامل بها بعض لجانه ذات الصلة بلعبة كرة القدم. المرض الأخطر اداري ومع الإقرار بوجود معوقات تكبح طموح الاتحاديين في ارساء نظام ثابت لبطولة الدوري، وتحديد موعدٍ لانطلاقه، بحيث تبدأ المباريات متزامنةً مع انطلاق الدوريات في دول قارة آسيا. ومع علمنا أن المخصصات المالية المرصودة من وزارة الشباب والرياضة هي عامل من عوامل المعوقات التي يعلنها اتحاد القدم بين فترة وأخرى، إلا أن الحقيقة أيضاً أن هناك ثقافة سائدة وطاغية على النهج الذي تتبعه لجان اتحاد الكرة المعنية بالمسابقة الكروية الأولى في بلادنا.. ومتى تخلص هؤلاء من المزاجية والعشوائية فإن الدوري لن يتأخر عن موعده كثيراً، والأندية لن يتراجع مستواها،واللاعبون سيحافظون على حياتهم الكروية، وصحتهم الرياضية، حتى خلال إجازتهم.. ولسنا بحاجة إلى أن نسوق أمثلة تؤيد ماذهبنا إليه أن الكرة اليمنية لاتعاني قلة الإمكانات المادية فقط، أو شحة الموارد المالية هي الداء العضال، بل إن المرض الأخطر إداري، «فالمواهب على قفا من يشيل» واللاعبون سينضبطون عندما توجد الإدارة الكفؤة ، سواءً في اتحاد القدم اليمني وفروعه أم في إدارات الأندية أم في الإدارتين معاً. كما أن الحديث عن قلة الموارد من الادارات هو دليل إدانة على عبثها وسوء استغلال إدارتها، وضعف الكوادر الإدارية التي معظمها إما جاء عبر قرار تعيين راعى فيه مكتب الشباب العلاقات والوجاهة، وإما عبر الانتخابات التي تغيب فيها النزاهة التامة، ويغيب بعدها دور الجمعيات العمومية، ولا رقابة حقيقية على أداء هذه الادارات، فهي انعكاس غير صادق لطموح جماهير الأندية المغلوبة على أمرها. أحوال الأندية ومادمنا قد ولجنا باب الموارد المالية والدعم وأنديته.. فلنسأل السؤال الذي احترنا خلال سنوات مضت في الإجابة عنه، وهو: في ظل تدفق دعم رجال المال والأعمال إلى الأندية كرؤساء لها، أو كأعضاء مجلس الشرف الأعلى فيها، لماذا يخفق العديد منهم ويحقق الأقل جزءاً يسيراً من الألقاب والكؤوس؟! وسؤال يتولد من السؤال الأول: ماذا وكيف يمكننا فهم تراجع أندية المال عن تقديم الأفضل وهي الأكثر قدرة فنياً واستقراراً إدارياً ومالياً، فيما تؤثر أندية أخرى تتناوشها الأزمات المالية على المشهد الرياضي والخارطة العامة لبطولة الدوري؟! وباستقراء مسارات الأندية في دوري النخبة، وتتبع ماقدمته في مباريات البطولة سنجدها تعتمد كثيراً على مدخرات لاعبيها الفنية والروح المعنوية والحماس والشعور بأنهم أفضل وأجدر بالفوز لاعتبارات رياضية.. وأن منافسيهم في الميدان الكروي يستقوون بالدعم المالي وازدحام النجوم وترسانة من المحترفين، الذين تسبقهم الشهرة وتنقصهم الخبرة، ويلعبون تحت الضغط الجماهيري والإداري والجهاز الفني، لأنهم انضموا إلى نادٍ يمكنه أن يأتي ببديلٍ عنه بالمال أيضاً، فالجانب النفسي للاعبي أندية المال مضطرب، ويرون في وجودهم مع تلك الأندية أنهم موظفون ليس إلا.. فالإدارات تعطيهم أجور كبيرة وتطلب منهم تسجيل الأهداف، وتنفيذ ماعليهم وإلا فالعقوبة إقصاؤهم بعيداً عن المشهد الرياضي كله، وضمهم إلى القلافد، ورميهم في المحراق، والأمثلة عديدة لمن أراد أن يبحث عنها، فلينظر نجوم الكرة اليمنية ابتداءً من الموسم الكروي 0002م أين ذهب معظمهم؟! والأسماء كثيرة جداً يمكنني ايراد بعضهم مع رجاء أن لايتم فهم ذلك بالمقلوب.. خذوا مثلاً«الشبح» جياب باشافعي، «الاعصار» عصام عبدالغني، رفيق الصرابي عيدروس أحمد حسن طارق سالم والقافلة تتخطى هذا العدد من الأسماء للاعبين طحنتهم أندية الشهرة وللانصاف فمن هؤلاء من اتخذوا تلك الأندية محطات يعبرون منها إلى تحسين أجورهم فابتلعتهم واندثروا، وغابوا في الحياة اليومية وارتضوا بالتوقف واكتفوا بالوميض الذي نالوه من خلال انضمامهم لأندية المال والشهرة التي تعاملت باحترافية، وتعاقدت مع لاعبين آخرين، لأن الأهداف المرسومة لم يتحقق منها المأمول الذي يوازي الملايين التي تم ضخها للحصول على درع البطولة!! الحذر والتوجس غالب وهكذا فإن بطولة دوري المحترفين ستكون حسب توقعاتنا متواضعة المستوى الفني ولايمكن التنبؤ بنتائج مباريات الصغار مع الكبار، لأن البداية ستكون حذرة والتوجس غالب عليها، وستلعب الجاهزية النفسية دورها في ترجيح كفة الفائز مع الجاهزية البدنية الأفضل التي ستكون متوافرة أكبر في العناصر التي استفادت من التحاقها بمعسكرات منتخبات الناشئين والشباب والأول.