أعتقد أن اللحظات الجميلة بالنسبة للشباب قليلة،والمتعمق في جزئيات حياتهم اليومية سيدرك ذلك جيداً،سيدرك أن اللحظات مدى قلة هذه اللحظات،التي قد يتوهمها البعض كثيرة،ومن الصعب حصرها أو تعدادها..وليس بعيداً أن يستدل بالآية”وإن تعدو نعمة الله لا تحصوها”.. ليس هناك شريحة أكثر تقبلاً للعنف،وقابلية للعطاء سوى شريحة الشباب،لذا سنجدهم يفترشون الأرصفة،ويأكلون عليها،ويمرون تحت قيظ الشمس،ويعبأون أكياس أحلامهم من أشعتها..! الشباب اليمني على وجه التحديد يعد أكثر الشباب قدرة على التعاطي مع مختلف الظروف،والتأقلم معها،والعيش على الكثير من الأمل..والاستنزاف..!ويظلون حتى آخر رمق يعيشون ذات الرتابة،وذات النمط الحياتي الممل..ولا بعيد أن يضربوا لك تعظيم سلام..! نحن مسالمون بطبعنا..وأكثر تحملاً..للكثير من البؤس المرسل باتجاهنا..ولن يزعجنا التجاهل..أو النسيان..أو حتى غض الطرف..ننزعج فقط حين تهدر طاقاتنا دون نتيجة..أو بالأحرى دون عوائد..سواءً معنوية أو مادية..!عدم الاعتراف بالإنجاز هو ما يقلق سكينتنا..ويسلب منا ما قد يلوح في الأفق من بوادر فرح قادم..هو في الأساس منتظر..! الحاجة لأن نرتقي ربما هي من تجعلنا نمارس الأعمال الشاقة..والحاجة بحد ذاتها مشروع جواز للعبور إلى حيث الإشباع..لاسيما الإشباع المادي..من يفرز طاقات مذهلة..وينتج إبداعات مغايرة ذات قدرة على الديمومة..والحياة أكبر قدرٍ من الزمن..! يحتاج الشباب هنا..وأعتقد أن الإستراتيجية الوطنية للطفولة والشباب كانت قد تنبهت لذلك في العام 2006،يحتاج الشباب وهم الأكثر عدداً..إلى اعتراااااااااااف فقط..اعتراف بالوجود..فحين نشعر كشباب بأن ثمة من يعترف بنا..سيتضاعف إنتاجنا.. فقط نريد لفتة اعتراف حقيقية..تعيد إلينا ما ضاع من سنوات تحت ظلال الموات..وعلى قارعة الضياع..! الشعور بالوجود يهيئنا للإبداع.. الشعور بالوجود قد يعد نسبياً..ولكنه حقيقة يجب أن تهب لنا..قد يقول قائل بأنه يجب علينا أن نعترف بوجودنا أولاً..لا بل نصنع وجودنا ذاتياً..قد يكون ذلك إلى حدٍ بعيد صحيحاً إن لم يكون صحيحاً بشكل كلي..ولكن المسألة ليست بهذه البساطة،وإنما هي معقدة كما يبدو لي..أو على الأقل كما يتراءى لي..فالاعتراف يعطي شرعية لنا للتحرك بكل حرية..ويجعلنا أكثر قدرة على التواجد المستمر..والولوج إلى أعماقنا..وأعماق الآخرين..! شرعية وجود الدول..تُكتسب من اعتراف الدول الأخرى..تماماً نحن كذلك..سنكتسب شرعيتنا من الاعتراف بنا..وبالمناسبة تبدو الانتخابات البرلمانية قريبة..لذا يجب أن نعد العدة نحن الشباب لنخوض المعترك بفاعلية ليس كناخبين “مقترعين”،وإنما كمرشحين..يجب أن تكون هذه الانتخابات فرصة لفرض أنفسنا..وللتواجد في السلطة التشريعية على الأقل لنلتفت إلى أنفسنا قليلاً..! وهي فرصة أدعو من خلالها كل الشباب إلى التفكير جدياً في خوض معترك الانتخابات القادمة..وأشكر زميل الشاب الذي بادر بالتفكير في جزئية مهمة كهذه..والتي ستمثل إن خاضها،وفاز دفعة غير عادية لنا كشباب..على الأقل لكوننا لم نتجاوز سن ال”30”..الذي أعده سن العجز الأول.! حين نفكر فقط..في ذلك..سنبدو قادرين على خوض التجربة..والخوض بحد ذاته إنجاز..يجب أن نكسر حاجز الخوف..ونخترق صفوف المشائخ..عندها ربما ستكثر اللحظات الجميلة في حياتنا..! [email protected]