قد يتساءل البعض لماذا نحن العرب مازلنا فقراء العلم والمعرفة وعلى الرغم من معانقتنا لكائن زمني يسمى بالقرن الواحد والعشرين.. هذا القرن الذي وصل فيه العلم إلى أعلى مراتب التطور والحداثة العلمية؟!! وطبعاً هذا الوصول لم يحدث هكذا ومن تلقاء نفسه وبشكل عشوائي وإنما حدث هذا الوصول وبطريقة منظمة ودقيقة والتي شكلتها ببراعة علمية فائقة تلك العقول الغربية والتي جعلت من شعوبها من أغنى وأقوى شعوب العالم في مجال العلم والمعرفة.. ولتوضيح الإجابة أكثر على هذا التساؤل الاستغرابي فأن العرب لن يصلون أبداً إلى نفس المستوى المتطور التي وصلت إليه معظم الدول الغربية في مجال العلم والمعرفة إلا «وهنا أستثني» إذا أدرك العرب مدى أهمية العمل على تطوير النظام التعليمي وتحديث وسائله وأساليبه وطرقه وعملوا على تأهيل المدرسين العاملين في مختلف السلم التعليمي تأهيلاً جيداً ويتناسب ويتوافق مع تلك المواصفات التي أصبح يتميز بها مدرس القرن الواحد والعشرين والعمل أيضاً على تحسين وضع المدرس المعيشي وذلك من خلال منحه راتباً شهرياً مرتفع تصل نسبته إلى مافوق 002% حتى يقيه من شر الاحتياج ومنغصات الحياة اليومية وكذا العمل على رفع مكانة مهنة التدريس ومن يعمل في حقولها الإنسانية النبيلة وأصدرت الأحكام والضوابط واللوائح العقابية والتأديبية الرادعة لكل من يعظم قدسية مهنة التدريس ولا يبجل العاملين فيها باعتبار أن مهنة التدريس من أولى المهن الإنسانية التي لايجب التقليل من شأنها ومكانتها كونها من المهن الفريدة والتي تتعامل مباشرة مع العقل البشري.. كذلك يجب على العرب اتباع هذه الخطوات بخطوات شبه تكميلية أهمها العمل على رفد المدارس والمعاهد والجامعات بكل ماتحتاجه من المدرسين وإمدادها بكافة المستلزمات والأدوات والأجهزة التقنية التعليمية الحديثة وربط مناهج التدريس بها حتى يكون هناك قليل من التعليم النظري والكثير من التعليم التطبيقي العملي وفيه تكون مهنة المدرس إشرافية إرشادية أكثر منها تلقائية وتقليدية نظرية والقيام بمعالجة مشكلة إزدحام الفصول الدراسية بالطلبة وذلك عن طريق بناء الكثير من المدارس والمعاهد والجامعات وتحديد عدد معين من الطلبة في كل فصل دراسي حتى يكون طالب العلم أكثر فهماً وإستيعاباً للدروس خاصةٍ وأن ظاهرة الازدحام تعد من أبرز الظواهر السلبية التي تصيب طالب العلم بداء البلادة وعدم التركيز.. كما يجب على قيادات العملية التعليمية في الدول العربية العمل على تطبيق سياسة «انتقاء الإدارات المدرسية الجيدة» والمؤهلة إدارياً وتربوياً ونفسياً مع ضرورة منع منعاً باتاً أي تدخل في أثناء تنفيذ هذه السياسة والمعتمدة على الاختيار المتقن والصائب وليس على الاختيار العشوائي الهش والعمل على تخصيص ميزانية مالية لمسألة تأهيل وتدريب الكوادر التربوية والإدارية وبصورة دائمة وليست موسمية والتركيز بصورة خاصة على تأهيل كوادرها في الدول الأجنبية ستفادة من خبراتها في الجانب التعليمي الحديث والمتطور والتعرف على أحدث الأساليب والطرق التدريسية وغير ذلك من الخطوات التعليمية والتي ساهمت فعلاً في دفع عجلة التعليم خطوة خطوة نحو الدخول إلى عالم الحداثة والتطور وذلك بعد الوقوف الجاد على أبرز المشاكل المعيقة لعملية تطور النظام التعليمي والإصرار على مكافحتها والبدء بمناقشة أهمها وبشكل تنازلي ومن ثم العمل على تنفيذ السبل الكفيلة بمعالجتها فإن قامت قيادات التعليم في الدول العربية بتنفيذ خطوات السياسة الغربية المنفذة في مجال العلم والتعليم لربما أصبحت دولنا العربية غنية جداً في مجال العلم والمعرفة الشاملة.