ربما خلقت الأزمة المالية العالمية التي عصفت بأكبر الاقتصاديات الدولية ومؤسساتها المالية ، حالة من الخوف والذعر لدى الشعوب على المستوى الاقليمي والدولي ومن ذلك بلادنا ، ولمعرفة مدى تأثير هذه الأزمة على الاقتصاد اليمني وماهي الحلول التي وضعتها الحكومة لتجنب ذلك إلى جانب قضايا تمت إثارتها في هذا اللقاء الذي استضفنا من خلاله د. عبدالله غالب المخلافي وكيل وزارة المالية لقطاع الشؤون المالية والإدارية والذي أجاب بكل صراحة وشفافية كاملة فإلى اللقاء .. تأثير الأزمة المالية {.. ما مدى تأثير الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد اليمني ؟ }} أنا قلت في السابق لصحف محلية رسمية أن الأزمة المالية العالمية لن تؤثر أبداً على الاقتصاد اليمني لأن الاقتصاد اليمني ليس مندمجاً إندماجاً كبيراً بالاقتصاد العالمي ، ومن هذا المنطلق نحن بعيدون عن تأثيرات الأزمة العالمية على اقتصادنا المحلي إلاّ من جانب واحد هو النفط ،فالصادرات اليمنية متعددة كالخضار والفواكه والأسماك إلى جانب النفط المتأثر الأكبر من هذه الأزمة التي ستؤدي إلى انخفاض عائداته المالية التي تمول الخزينة العامة للدولة وبالتالي التأثير سيكون من هذا الجانب فقط. أضف إلى ذلك أن المستثمرين الأجانب في اليمن تواجدهم ضعيف جداً وكذلك الاستثمارات اليمنية في هذه البلدان ، إلى جانب الأهم من ذلك وهي البنوك والمصارف اليمنية لديها ما يكفي وما يغطي احتياجات السوق اللازمة فنحن لدينا كتلة رقمية ما قيمته ترليون وأربعمائة مليار ريال لم تستخدم وموجودة، فهذه تعطي للسوق وللمؤسسات البنكية والمصرفية في بلادنا السيولة الكاملة في الوقت الذي تعاني فيه بنوك ومصارف العالم من انعدام هذه السيولة ولدينا احتياطي في البنك المركزي اليمني من العملة النقدية المحلية والأجنبية ما يكفي لتغطية احتياجات السوق والسلع والخدمات الأساسية وما يضمن السيطرة والتحكم بسوق العملات، لذلك تأثيرات الأزمة على اقتصادنا طفيف جداً وبحدود النفط فقط. الأوراق المالية {.. ما أهمية فتح سوق الأوراق المالية في بلادنا وما مدى تأثير الأزمة العالمية عليها ؟ }} فيما يتعلق بإنشاء سوق الأوراق المالية أو تنشيط الجوانب أو المشروعات والمؤسسات المالية التي يمكن أن تساعد في إنشاء سوق الأوراق المالية في اليمن ، خاصة وأننا دولة نامية تعاني من فجوة تنموية ونحس بأننا في أمس الحاجة إلى انشاء سوق الأوراق المالية حتى يعمل على حشد وتعبئة المدخرات المالية لتغطية الفجوة المالية أو التموينية في بلادنا. وأما فيما يتعلق في تأثير الأزمة المالية العالمية على هذا المشروع فأنا أعيد وأكرر وكما قلت في السابق إلى جانب العديد من الأكاديميين في جامعات صنعاء وعدن وتعز بالصوت العالي إن هذه الأزمة لن تؤثر على الاقتصاد اليمني ، نعود ونقول : أن عندنا في اليمن الادخار أقل من الاستثمار فمن أين نمول الاستثمار فأفضل وسيلة لذلك في بلادنا والدول النامية هو أن تقترض من الجمهور عن طريق إصدار أوراق مالية نقدية تباع للجمهور ومن هنا نحن في أمس الحاجة لمثل هذه السوق ولا ضير من انشاء سوق للأوراق المالية في بلادنا ولا تأثير على ذلك لاقبل الأزمة المالية العالمية ولا بعدها. تأثيرها على الصادرات {.. هل تؤثر الأزمة المالية على القوة الشرائية للصادرات اليمنية ؟ }} لن تؤثر لأن الصادرات اليمنية صادرات أساسية كالخضار والفواكه والأسماك وكل هذه سلع أساسية فالمستورد لها مضطر أن يشتريها لأنها سلع استهلاكية لا غنى عنها فهو يستهلك الأسماك أكثر من اللحوم الحمراء ، وحقيقة الأمر أن هذه الأزمة لصالحنا كدولة نامية أكثر سلعها الاستهلاكية مستوردة ومن المعروف أن أسعار هذه المستوردات انخفضت أسعارها بسبب الأزمة المالية وبالتالي نحن المستفيدين من هذه الأزمة. {.. من المعروف أن الاحتياطات النقدية الأجنبية لليمن موجودة في البنوك الأمريكية بشكل خاص والأوروبية بشكل عام فهل تتضرر بتضرر هذه البنوك من الأزمة ؟ }} تتضرر إذا كانت احتياطات البنك المركزي اليمني في تلك البنوك التي فلست لكن احتياطات البنك المركزي موزعة على أكثر من بنك موزعة على بلدان عربية وأوروبية وأمريكية وموزعة على استثمارات مضمونة من قبل الحكومات ، وطالما أن الاستثمارات أوراق مالية مضمونة من قبل الحكومات وفي سندات خزانات هذه الدول فمعنى ذلك أن الاستثمارات الاحتياطية للبنك المركزي في الخارج هي استثمارات آمنة وفي منأى عن المخاطر لأن هذه الدول ملزمة بإعادة هذه الاحتياطات. الحلول والمعالجات {.. ماهي الحلول والمعالجات التي يجب أن توضعها الحكومة لمنع أي ضرر سيلحق بالاقتصاد اليمني ؟ }} استبعد أن يكون هناك ضرر ولن يصاب الاقتصاد اليمني بأي أضرار ، فأنا أعتقد أن الدول التي ترتبط بالاقتصاد الأمريكي والغربي ارتباطاً كبيراً هي من سيتضرر كدول الخليج العربي مثلاً لكن الاحتياطات واجبه فلابد من وضع الحلول والمعالجات لأي طارئ ونحن نطالب أولاً البنوك المصرفية والمؤسسات المالية بأن عليها أن تقوم بعمليات اندماجية لأن المراكز المالية للبنوك والمؤسسات المالية الحالية مراكز متواضعة وسواء كنا أمام الأزمة الحالية أو دخول اليمن ضمن منظمة التجارة العالمية نحن بحاجة إلى إعادة النظر في المراكز المالية للبنوك من أجل خلق بنوك تستطيع الصمود أمام مؤسسات وبنوك نظيرة في العالم إلى جانب أن البنك المركزي عليه مسؤولية كبيرة جداً سواء بما يتعلق بالإدارة النقدية ثم عليه أن يعمل على تشجيع الاستثمارات بالتنسيق مع وزارة المالية. العلاقة اليمنية الخليجية {.. دول الخليج من أكبر المتضررين من هذه الأزمة فهل يؤثر ذلك على العلاقات اليمنية الخليجية ؟ }} لا لأن لدينا ما يغطي النقص الذي تخلقه أسعار النفط كذلك دول الخليج لديها ما يغطي احتياجاتها الضرورية والتمويلية لكل الاستثمارات ، يقول البعض أن ذلك أيضاً يؤثر على العمالة اليمنية في الخليج ونحن نقول لا لأن الآن العمال اليمنيين يعملون لدى أرباب العمل وهم ملزمون الزاماً قانونياً وأدبياً وإخلاقياً بإعطاء ما عندهم مقابل الخدمات التي يحصلون عليها. {.. الاقتصاد الإسلامي كبديل ؟ }} هناك من يقول بأن الاقتصاد الناجح هو الاقتصاد الإسلامي لكن هذا الاقتصاد لم يتبلور كنظام أو اقتصاد إسلامي شامل لكل مجالات الحياة لكن لا يمنع من وجود بنوك إسلامية تشارك في بناء الاقتصاد المحلي بشكل فاعل. الطاقة الاستيعابية {.. هل تعتقد ان اقتصادنا لديه الطاقة الاستيعابية الكافية للاستثمارات الخارجية ؟ }} بالنسبة للطاقة الاستيعابية فهي محدودة لكن على صانعي القرار الاقتصادي أن يوجهوا الجزء الأكبر مما حصلوا عليه في مؤتمر المانحين لتوسيع الطاقة الاستيعابية للاقتصاد المحلي للاستثمارات القادمة ، وحسب علمي أن الحكومة لديها هذا التوجه حتى يستطيع الاقتصاد اليمني أن يستوعب الاستثمارات الحالية والمحتملة ومن أي بلد كانت. {.. هل أنتم راضون عما تحقق خلال العام 2008م ؟ }} في عام 2008م سواء على مستوى الجانب المالي والمصرفي والاقتصادي عموماً كانت النتائج التي حققها هذا العام كانت أكثر مما توقعنا ولعلنا قرأنا تقرير اللجنة المهتمة بتقييم انجازات برنامج فخامة رئيس الجمهورية التي قالت أنه تم انجاز %75 من هذا البرنامج في المجالات الاقتصادية وعلى مستوى الجانب المالي والمصرفي لولا النجاحات التي حققناها في هذا العام لما كان القطاع المصرفي صمد أمام الأزمة المالية العالمية بالذات في الاستقرار النقدي وهذا يعود للاصلاحات المالية التي قامت بها بلادنا في هذا العام. إلى جانب مؤسسة الألفية التي قررت أن تعود اليمن إليها كعضو بعد المشاكل التي تجاوزناها بعد عام 2007م وهذه بحد ذاتها شهادة حسن سيرة وسلوك للسياسات المالية اليمنية في هذا العام والانجازات كثيرة لكن لا يجب الوقوف عليها ولكن تحقيق المزيد منها فكان ينبغي أن تحقق نمواً بنسبة 7 % وهذا لا يأتي إلا بتضافر جهود كل القوى السياسية في اليمن والقطاعات المختلفة وكل مؤسسات المجتمع اليمني والأفراد والجماعات في اليمن فالكل يحمل مسؤولية تطوير بلاده حتى تصل إلى مصاف الدول المتقدمة.