أجمعت النظريات التربوية على أن شخصية الطفل تتأثر وتتشكل تبعاً للظروف التي تعيش فيها، ولترتيبه بين أشقائه دور فعال، فغالباً مانلاحظ أن الطفل الأوسط دائماً يكون متوتراً غاضباً، ويسبب بعض المشاكل لوالديه بعكس الطفل الصغير «آخر العنقود» الذي يتمتع عادة بروح الدعابة والمرح، بالمقابل ثمة وسائل جديدة لمساعدة الاطفال على التأقلم مع الحياة وتشكيل شخصياتهم المستقلة بعيداً عن ترتيبهم. يؤكد علماء التربية الأسرية أن ترتيب الطفل بين اشقائه يعد إحدى علامات تحديد الشخصية، وأن الابن البكر غالباً يعامل بقسوة من الاطفال الذين يصغرونه، وهو يعد طبيعياً ليكون بديلاً للأب، يحمي الأسرة ويقضي حاجاتها. ولذا تحتضنه الأم ويلعب الأب دوره بجانبه . أم بالنسبة للطفل الأوسط فثمة مقولة تشير إلى انه يجري في سباق مع من قبله ، فهو لايريد أن يعترف بأن أخاه الكبير يعرف أفضل منه، ويريد دائماً ان يثبت شجاعته وجرأته وتفوقه واجتهاده. ويحظى الطفل الأصغر بعناية كبيرة، خصوصاً إذا جاء بعد فترة انقطاع عن الإنجاب، وهو يحتاج دائماً إلى حماية ورعاية خاصتين فيعامل من قبل إخوته وكأنه «دمية» يرفضونها بعض الأحيان ويستطيبونها أحياناً أخرى. وفي المقابل يربط الاخصائيون في الطب النفسي بين ملامح شخصية الطفل وأسلوب تعامل والديه معه، وأن ولادة الطفل الأول تمثل الأسرة حدثاً هاماً ماينعكس في الرعاية وسرعان ماتتجه هذه الأخيرة إلى الطفل الثاني مايجعل البكر يشعر بالخطر وعدم الأمان والرغبة في العزلة، وفي هذه الحالة ينبغي على الأهل الاستمرار في رعاية الطفل الأول مع الإيحاء له بأن أخاه «الطفل الثاني» هو هدية من الوالدين له وأنه مسئول عنه، فذلك يشعره بأنه ليس خطراً بل سند له في الحياة. وتشير النظريات التربوية إلى أن دخل الأسرة ومستواها الثقافي والتعليمي، كلها عوامل تلعب دوراً في تحديد شخصية الطفل، كما أن نوعية المعاملة ونظرة الوالدين الأولى للطفل منذ ولادته لها تأثير على شخصيته. وثمة سؤال على الأهل الإجابة عنه بموضوعية: هل معاملتنا لابنائنا عادلة وهل نفرق بينهم؟ والطفل البكر هو في العادة «طفل تجارب» يهتم به الوالدان بصورة مفرطة، ويشكل الضيف الذي يحضر ليربط بين الأب والأم برباط روحي انساني، فالطفل الثاني يأتي للأسرة بعد أن تكون قد تعلمت الدرس وأسلوب التربية، فنجده يتعلم أسرع وأكثر من الولدين الأصغر والأكبر، ويملك الاستعداد للتفوق والتنافس. فيما الطفل الثالث لايجد الاهتمام المناسب ويصبح أكثر قابلية لعدم التفوق. تؤكد دراسة انجليزية والتي تم الربط فيها بين ترتيب الطفل في أسرته ومدى تفوقه العلمي في المستقبل، فوجد أن الطفل الأول ينمو ولديه شعور قوي بأنه الأكثر تفوقاً. وهذا الابن غالباً مايصبح من القيادات في مقر عمله فيمابعد، يصدر القرارات الصارمة بسهولة ويتمتع بثقة بالنفس. أما الطفل الأوسط فيتسم بشخصية مميزة، ويعتمد على نفسه كثيراً للخروج من أي مأزق ويعمل على أن يجتهد وحده في حل مشاكله، يتعامل مع الجميع بسهولة، ولهذا فهو يلتحق بالعمل وهو مؤهل ومتمرس للتعامل مع الجميع. أما الأصغر فقد يكون مسبباً للمشاغبات فيما بعد عند الالتحاق بعمله لانه قد تعود الاعتماد على الآخرين ولذا نجده في عمله لايكون من الناجحين بالصورة المطلوبة وإن كان يتميز بخفة الدم والمرح وحب الحياة لكنه يكون من الشخصيات المفضلة في مجالات الصداقة والعمل ويصبح له وضع اجتماعي مميز، وزملاؤه يسعدون بصحبته.