لأننا نعيش في عصر السوق العالمي الحر المفتوح على مصراعيه لكل المنتجات الاستهلاكية الوافدة من كل حدب وصوب من الشرق والغرب ، علينا ألاّ نستغرب إذا تحولت بلداننا النامية المغرمة بالاستهلاك إلى حد الهوس إلى ما يشبه مجمعاً للنفايات لمواد استهلاكية ، إما منتهية الصلاحية أو مجهولة المنشأ ، والتي قد تتحول مع مرور الوقت إلى قنابل سامة تصيب المواطن في مقتل ، ليتفرق دمه بين «قبائل» الدول المنتجة متعددة الجنسيات.. لكن في الوقت نفسه هناك من يرى بأن الأمر برمته مبالغ فيه ولا يستدعي كل هذا الخوف ، فالأمر في النهاية خاضع لسوق العرض والطلب وهناك قوانين تحكمه وفي النهاية البقاء للسلعة ذات الجودة الأفضل وعلى المستهلك أن يختار ما يناسبه حسب امكانياته المادية فهو الأدرى بمصلحته ، لكن لابد من وجود رقابة على هذه السلع حفاظاً على صحة المواطن .. فأين تكمن الحقيقة يا ترى .. عند التاجر أم عند الجهات الرسمية المختصة ؟! عقوبة رادعة في البداية كانت وجهتنا نحو مكتب الصناعة والتجارة بمحافظة تعز ، وهناك التقينا بالأخ عدنان الحكيمي نائب مدير عام المكتب، حيث سألناه عن الدور الذي يقوم به المكتب حيال المنتجات الاستهلاكية المنتهية الصلاحية ومجهولة المنشأ ، وكذلك حول التفاوت في أسعار بعض السلع من محل إلى آخر داخل المحافظة فقال : }} لقد قمنا بتشكيل لجنة من الوزارة ولجنة أخرى من المكتب لمراقبة المنتجات المنتهية والمجهولة المنشأ ومن ثم تحريزها في محاضر ضبط بالتعاون مع الإخوة في صحة البيئة ليتم أخذ الاجراءات القانونية حيالها ، وكل ما نرجوه من المواطن هو الإبلاغ عن أية منتجات منتهية ، فهناك عقوبات رادعة طبقاً للقانون بعد إحالة أية مخالفة الينا .. أما بالنسبة للتفاوت في الأسعار بين محل وآخر فلا يمكن ضبط عملية الأسعار ولكننا نتدخل للحد من المغالاة ونلزم التجار بإشهار أسعارهم ونحن نراقب حركة الأسعار العالمية وانعكاساتها على السوق المحلية، فقد صدر قرار الأخ محافظ المحافظة رئيس المجلس المحلي في الشهر الأخير من عام 2008م بشأن توحيد وزن وحجم الرغيف والروتي ، حيث حدد سعر الكيلو جرام ب(150) ريالاً ، وأوزان قرص الرغيف والروتي ب(65) جراماً وبسعر عشرة ريالات ، وتم تعميم ذلك بالفعل على كل الأفران والمخابز كي يكون السعر موحداً. ويضيف : نائب مدير عام مكتب الصناعة والتجارة بتعز قائلاً: لقد تم بعد ذلك تشكيل لجنة للنزول إلى الأسواق من أجل تحديد أسعار السلع الاستهلاكية مثل القمح والدقيق والسكر والأرز والزيوت إلى جانب أسعار الخضروات والفواكه وعمل محاضر ضبط لهم ، فنحن لدينا تنسيق مع الجهات الأمنية من أجل ضبط المخالفين آملاً أن يكون عام 2009م هو الإنطلاقة الحقيقية لضبط الأسعار بما يتواكب مع الأسعار العالمية ، فنحن مواطنون بالدرجة الأولى ويهمنا مثل هذا الأمر جميعاً. سوق مفتوح على مصراعيه للغرفة الصناعية والتجارية بتعز رأي مغاير حول هذا الأمر.. مديرها العام مفيد عبده سيف يشير. إلى أن السوق اليمنية تزخر بمختلف السلع الاستهلاكية من كل حدب وصوب ، فهو سوق مفتوح على كل منتجات العالم منها المنتجات المعروفة بتدني مستوى جودتها.. ويضيف : للأسف التهريب في بلادنا لم يعد ظاهرة بل تحول إلي ثقافة لدى الكثير من الناس ، والمطلوب من السلطات المعنية أن تفعل دور أجهزة مكافحة التهريب من أجل حماية أسواقنا ومواطنينا من الأضرار الكبيرة التي تسببها المنتجات المهربة البعيدة عن أجهزة رقابة الجودة . أما بالنسبة للسلع قريبة الانتهاء فلا ضرر من بيعها في الأسواق قبل انتهائها ولو حتى بيوم واحد.. - وعن دور الغرفة التجارية والصناعية حيال هذا الأمر قال : }} في الواقع الغرفة التجارية تتواصل مع الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس بصورة مستمرة للحيلولة دون انتشار السلع المقلدة في الأسواق ، وتحاول أيضاً من خلال هذا التعاون حماية الأسماء التجارية المتجذرة في الأسواق سواء كانت ذات منشأ محلي أو خارجي. ويعتقد الأخ مفيد عبده سيف بأن القطاع التجاري والصناعي في اليمن متضرر جداً من هذا الأمر. سلع تدخل بطرق غير مشروعة بعد ذلك توجهنا إلى فرع الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة وهناك التقينا بالمهندس علي محمد السبئي نائب المدير العام لفرع الهيئة بتعز والذي سألناه عن أسباب انتشار الكثير من السلع غير المطابقة للجودة في أسواقنا اليمنية فأوضح قائلاً : }} بالنسبة لانتشار بعض السلغ غير المطابقة للمواصفات فإن الهيئة لا تتحمل المسئولية ، حيث إن هناك جهات مسئولة على الرقابة في الأسواق ، أما نحن فإن عملنا يتركز بشكل أساس على المنافذ الجمركية والمنشآت داخل البلاد .. مضيفاً : وقد تتساءل : مادام لديكم فروع في جميع المنافذ فكيف تدخل هذه المنتجات أو السلع إلى الأسواق رغم أنها تخضع لعملية الرقابة والفحص من قبلكم ؟! والجواب : هو أن هذه السلع تدخل بطرق غير مشروعة عن طريق التهريب ويتم انتاج بعضها داخل بدرومات في بعض المحافظات ومن ثم يتم تغيير بياناتها .. وفي رأيي أن مثل هذه السلع يجب أن تتخذ ضدها الاجراءات الحازمة لمنع تداولها. وعن الآلية التي تقوم بها الهيئة للحد من ظاهرة التهريب يقول الأخ علي محمد السبئي : }} الهيئة تقوم وبحسب ما هو مخول لها قانوناً وبالتنسيق مع مصلحة الجمارك ، فقد قامت الهيئة بتوسيع قائمة السلع والمنتجات الخاضعة للرقابة من قبل الهيئة لتشمل جميع السلع والمنتجات الداخلة في التصنيع .. كما تقوم الهيئة بتلقي البلاغات حول السلع المهربة وبالتواصل مع الجهات والأطراف ذات العلاقة بضبطها واتخاذ الاجراءات القانونية حيالها .. مضيفاً : كما تقوم الهيئة بشراء عينات عشوائية من الأسواق لإجراء الفحوصات عليها والتأكد من صلاحيتها ومطابقتها للمواصفات المعتمدة ، فالسلع والمنتجات الغذائية والزراعية وغيرها قد شملت أكثر من (60) صنفاً بالإضافة إلى المواد الخام الداخلة في التصنيع .. وعموماً لن يتم مكافحة ظاهرة التهريب أو السلع مجهولة المنشأ كما قال إلا إذا وجدت آلية تربط جميع الجهات الرقابية لأن العمل تكاملي. كل جهة ترمي بالمسئولية على الأخرى ولأننا لانزال نبحث عن الحقيقة وعن الجهة المسئولة مسئولية مباشرة عن ضبط السلع مجهولة المنشأ في الأسواق ، وكذلك المنتهية الصلاحية إن وجدت فقد وجدنا أن كل جهة ترمي بالمسئولية على الجهة الأخرى . انتقلنا بعد ذلك إلى إدارة صحة البيئة وهناك التقينا الأخ منصور الأبيض، مدير إدارة صحة البيئة بمكتب الأشغال بتعز ، والذي طرحنا عليه نفس الموضوع ودور صحة البيئة في ضبط السلع المنتهية الصلاحية أو مجهولة المنشأ ، فتحدث قائلاً : }} نحن في صحة البيئة نقوم بالتفتيش على المواد الاستهلاكية سواء منتهية الصلاحية أو مجهولة المنشأ ، فإذا وجدت سلع تنقصها بعض البيانات مثل تاريح الصلاحية أو نقص المكونات الغذائية فيتم التعامل معها طبقاً للقانون وذلك من خلال التحرز عليها وارسالها إلى فرع الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة ، ومن أجل مطابقة البيانات أو لفحصها مخبرياً وعلى ضوء النتيجة نقوم بالتصرف فوراً. أما فيما يتعلق بالمواد الاستهلاكية قريبة الانتهاء فهي تعتبر سارية الصلاحية طالما أن هناك تاريخاً محدداً للصلاحية .. مضيفاً : نحن في صحة البيئة لا نستطيع أن نحكم على هذه السلعة أو تلك بأنها منتهية إلا إذا انتهت فعلاً في آخر يوم من تاريخ الصلاحية أو إذا ظهرت عليها عيوب صناعية أو تلوث نقوم بإرسالها إلى المختبر للفحص. لا يوجد مختبر معتمد!! ويؤكد منصور الأبيض ، مدير إدارة صحة البيئة بأنه ليس هناك مختبر معتمد لصحة البيئة في محافظة تعز من أجل الكشف عن المنتجات الاستهلاكية، وحتى وإن وجد هذا المختبر فإنه لن يتم أخذ أية عينة إلا إذا كان هناك شك من قبل المفتش في صحة البيئة بأن هذه المادة غير صالحة للاستهلاك .. وأنه يمكن أخذ عينات من كل السلع الاستهلاكية فهذا صعب جداً ، لأن السلع الاستهلاكية يبلغ عددها أو نوعها بالمئات ، ومع ذلك فإنه في حالة الشك مثل وجود تغير في طعم السلعة أو رائحتها ، فإن موظف صحة البيئة يقوم بضبط المخالفة . ونحن في صحة البيئة نطالب قيادة السلطة المحلية في المحافظة وقيادة الوزارة باعتماد مختبر رسمي لصحة البيئة خصوصاً أن هناك مختبراً مركزياً في المستشفى الجمهوري ، والذي أفادنا فيه الدكتور راجح الكليكي ، مدير المختبر بأن لديه كل الاستعداد لفحص الكثير من السلع الاستهلاكية لمعرفة صلاحيتها من عدمها .. وهذا المختبر نأمل أن يتم اعتماده رسمياً من قبل قيادة السلطة المحلية بالمحافظة ، لأن عدم وجود مختبر رسمي لنا يعد سبباً رئيسياً في عرقلة الكثير من أعمالنا بل والتغاضي عن الكثير من العينات من المواد الاستهلاكية بسبب عدم توافر الامكانات اللازمة لنقلها إلى مختبر المواصفات والمقاييس في صنعاء .. وللعلم فإننا قد قمنا عدة مرات بإتلاف الكثير من المواد المنتهية أو المشكوك بصلاحيتها. لا نتعامل مع السلع مجهولة المنشأ بعد ذلك كان لابد من أخذ رأي أصحاب الشأن وهم التجار، حيث التقينا عدداً من تجار الجملة والتجزئة والذين تحدثوا إلينا .. فهاهو عبدالواحد الشرعبي، تاجر جملة يقول : } المنتجات مجهولة المنشأ التي تتحدث عنها لم أصادفها في سوق الجملة لأننا كتجار نتعامل فقط مع مستوردين لهم وكالات رسمية من دول المنشأ وتأخذ صفة الرسمية ، والدول المصنعة لهذه السلع معروفة ، إلى جانب أن تاريخ صلاحيتها واضح تماماً على السلعة .. وإذا كانت هناك سلع مجهولة المنشأ فهي على ما أعتقد قد تأتي عن طريق التهريب ، فربما هناك تساهل أو تواطؤ في هذه المسألة من قبل البعض ممن ليس لديهم ضمير لإدخال هذه السلع إلى السوق. الحكومة تتحمل المسئولية عبدالرقيب سيف يؤكد بأنه كتاجر جملة لم يحدث أن تعامل في حياته مع سلع استهلاكية مجهولة المنشأ ،لأنه حريص كما قال على سمعته كتاجر في السوق ولديه زبائن كثيرون يثقون به وعندما يحاول أن يخدعهم فإنه في المقام الأول يخدع نفسه ويغشها .. ويقول : } لماذا ألجأ إلى بيع سلع مجهولة المنشأ أو مهربة وأنا أعرف جيداً بأن عواقب ذلك وخيمة جداً عليّ كتاجر ، ثم إنني أربح الكثير من المال والحمد لله من تجارتي المشروعة بالحلال. قد يكون هناك من يبيع منتجات من هذا النوع الذي ذكرت لكنهم ليسوا تجار جملة أو تجزئة ، لأنهم لن يبيعوها في العلن ، قد يبيعونها في بعض الأسواق التي تغيب عنها الرقابة ، وقد تباع في بعض الأحياء والحارات على أيدي بائعين متجولين مثلاً وهنا تكمن المشكلة لأن الرقابة في هذه الحالة مستحيلة ، إلا إذا تم معرفة كيف دخلت هذه السلع ومن الذي قام بإدخالها إلى بلادنا، فالمسئولية لا تقع على عاتق التاجر أو المواطن. وضع حد لاستهتار المهربين عبدالكريم قاسم تاجر تجزئة قال إنه لا يتعامل مع المنتجات مجهولة المنشأ ،والمفروض على الجهات المختصة مراقبة منافذ الدولة سواء في الموانئ أو عن طريق التهريب ، والتي قد تضر بصحة المواطن ، أما بالنسبة للمواد التي تباع قريبة الانتهاء فالسبب هو سوء التخزين والمفترض أن تباع السلع المخزنة أولاً فأولاً لكي لا تتراكم البضائع ومن ثم يتفاجأ التاجر بأن المنتجات التي لم يستطع تصريفها قريبة الانتهاء فيضطر إلى بيعها بأقل سعر قبل انتهائها ما لم فسوف يسحبها الوكيل أو الشركة المنتجة لها.