تعاملت دول عربية مع الأزمة المالية العالمية بمنطق مغلوط، وساهمت بعض أجهزة الإعلام في ترويج أن بعض البلدان لن تؤثر عليها الأزمة العالمية. وأكد المدير العام لمنظمة العمل العربية أحمد لقمان، في حوار مع الجزيرة نت أن الأزمة ألقت بظلال قاتمة على سوق العمل وتسببت في تسرح بعض العمالة، ومن المتوقع أن يصل عدد من يتم تسريحهم بسبب الأزمة المالية في العالم العربي إلى نحو 5 ملايين مشتغل. وأشار لقمان إلى أن واقع البطالة في المنطقة العربية يجعلها الأسوأ مقارنة بباقي أقاليم العالم، حيث بلغت البطالة نحو 14 % من حجم قوة العمل، وبمقدار 18 مليون عاطل، وتعد ظاهرة البطالة بين الشباب أسوء ما في الظاهرة، حيث تصل إلى نحو 25 %. وحذر لقمان من تباطؤ التعاون الاقتصادي العربي في مواجهة مشكلة البطالة، متوقعاً أن يصل عدد العاطلين لنحو 21 مليونا في عام 2010 إذا ما استمر وضع التعاون الاقتصادي العربي على ما هو عليه الآن. وحتى تمكن المحافظة على معدلات البطالة الحالية في العالم العربي دون زيادة فمطلوب توفير أربعة ملايين فرصة عمل سنوياً خلال السنوات القادمة، وإذا ما أردنا تخفيض معدلات البطالة إلى النصف فعلينا توفير 5.5 ملايين فرصة عمل سنوياً، ويحتم ذلك إزالة معوقات الاستثمار في المنطقة وتسهيل انتقال العمالة بين الدول العربية، والاستفادة من دروس الأزمة المالية العالمية بالتوجه إلى مشروعات الاقتصاد الحقيقي الذي يساعد على خلق فرص عمل حقيقية. وفي رؤية تفاؤلية للقمان، يقول: إن القمة الاقتصادية العربية بالكويت عكست وجود رؤية ومنهجية جديدة لمشكلة البطالة، حيث استهدفت أن يكون العقد القادم هو “العقد العربي للتشغيل”، ويأمل لقمان أن يتم إنزال هذه التوصية إلى أرض الواقع. ويؤكد أن مناقشة القضايا الاقتصادية تمت في ضوء وحدة المصالح الاقتصادية لكافة الأطراف، وليس لحساب طرف على طرف. وأظهر أهمية وجود إستراتيجية عربية للتدريب، ومواجهة الظواهر السلبية في سوق العمل العربي مثل عمالة الأطفال والتحيز السلبي ضد المرأة في سوق العمل، وطالب بتيسير التمويل للقطاع الاقتصادي غير المنظم من خلال آلية المشروعات الصغيرة والمتوسطة. ويرفض لقمان فكرة تدخل الدولة في النشاط الإنتاجي لمواجهة مشكلة البطالة، ويرى أن دور الدولة هو تحسين مناخ الاستثمار، ودعم القطاع الخاص للقيام بدوره، وليس الدخول في النشاط الإنتاجي، لأن الواقع التاريخي للتجربة العربية في هذا النشاط يظهر أن التوظيف في النشاط الإنتاجي يتم بمعايير سياسية واجتماعية وليس حسب المعايير الاقتصادية. وأشار لقمان إلى جهود منظمة العمل العربية لدعم الشعب الفلسطيني من خلال المطالبة بإنشاء صندوق لدعم العمال الفلسطينيين، خاصة في ظل الحصار القائم منذ سنتين والاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة على غزة. وسوف يكون دور هذا الصندوق تقديم برامج التدريب والدعم لوزارة العمل الفلسطينية ونقابة العمال الفلسطينيين، واعتبر لقمان أن حالة البطالة في فلسطين هي الأسوأ بين البلدان العربية حيث وصلت معدلاتها لنحو 75 % من قوة العمل، ومعظم الفلسطينيين يعتمدون على المساعدات الدولية أو مساعدات ذويهم في الخارج. وفي إطار تعريف الرأي العام الغربي بمأساة غزة، ستقيم المنظمة معرضاً للصور في جنيف خلال يونيو/حزيران القادم خلال مؤتمر منظمة العمل الدولية لبيان الجرائم الإسرائيلية المرتكبة بحق أهالي غزة.