يشكل الموروث الشعبي بمحافظة ذمار مشهداً فنياً مميزاً تبوح تفاصيله الدقيقة بمدى الثراء الذي تزخر به منذ مئات السنين ويبدأ هذا المشهد في أزقة مدينة ذمار وهي تضج بأصوات الصغار وهم يمارسون لعبة «القحطمة» ومنها إلى سوق«المحدادة» ليعرض لنا أحد الحدادين وهو يردد أهزوجة تحاكي ضربات المطرقة بينما هو غارق في وضع اللمسات الأخيرة على صنعته«السحب» وهي آلة زراعية تستخدم في حرث الحقول ويزداد المشهد روعة حينما يطل علينا ذلك المزارع وهو يشدو مفرداً ليطرب ثوره الذي يجر عليه محراثه ولاتكتمل الصورة الفاتنة بمجموعة من النساء اللائي يعمدن إلى كسر الصمت المخيم على الوادي بعذوبة أصواتهن مرددات نماذج من «المهاجل» وكلهن أمل أن يجمعن من الحشيش والأعشاب القدر الكافي لإطعام الماشية خلال فصل الشتاء. الألعاب الشعبية هناك العديد من الألعاب الشعبية التي يمارسها أبناء المحافظة وهي مراتب.. ألعاب يمارسها الصغار وأخرى ليس لها إلا الكبار وقد ترتبط هذه الألعاب بموسم معين ومن تلك الألعاب: «القحطمة»: وهي لعبة خاصة بالصغار يستخدمون خلالها عصا طويلة يتم بها قذف عصا أخرى صغيرة موضوعة بين حجرين وهنا لابد من إبراز المواهب بين الصغار. «الأرجوحة» من الألعاب أيضاً التي يمارسها الصغار كذلك عادة ولامانع ان تستمتع بها النساء والرجال وتتزامن هذه اللعبة مع موسم الحج حيث تنصب في منزل الحاج عادة وتتميز هذه اللعبة بمايصاحبها من أهازيج تعبر عن السعادة والتقدير والاحترام بهذه المناسبة السعيدة وصاحبها. الشاعة :أيضاً لعبة تخص الصغار إذ يرسمون على الأرض مستطيلاً موزعاً على عدد من المربعات ومن ثم يقوم اللاعبون برمي حجر صغير دائري إلى داخل المستطيل ابتداءً بالمربع الأول ومن ثم يدخل اللاعب بقدم واحدة رافعاً الأخرى ليلتقط الحجر ومن ثم يكمل سيره على بقية المربعات بنفس الطريقة. بريد بريد الحديد : من ألعاب الصغار التي تؤدى بشكل جماعي إذ ينقسم اللاعبون إلى فريقين كل فريق يقوم بعمل كومات صغيرة من التراب في منطقته ويخفيها عن الآخر ثم يتبادلون المواقع بحثاً عن تلك الكومات ليدمرها وهناك أيضاً العاب أخرى مثل الكفيشه - حبس أمان - طاب - شد أرخي - من سرق القدوم. الشعر الشعبي يعد الشعر الشعبي أحد المكونات الأساسية والثرية بالنسبة للموروث الشعبي في محافظة ذمار حيث تتعدد ألوان هذا الفن وأغراضه لتشمل كل نواحي الحياة العامة والخاصة وللشعر الشعبي مسميات مختلفة مثل القصيدة التي يأتي على رأس قائمة ألوان الشعر وهي عبارة عن قصيدة قد تزيد أبياتها عن 051 بيتاً شعرياً وهي متعددة الأغراض وقد تلحن وتغنى بمصاحبة آلة العود. «الباله» : أيضاً هي إحدى فنون هذا الشعر ويفضل أن تؤدى في المناسبات الاجتماعية مثل الأعياد - الأعراس - وتتم بطريقة مايعرف بالمساجلة في حلقة بين الشعراء وتشمل المفاخرة - المدح ولاتخلو من الهجاء أو النقد في بعض المناسبات ولكن مع الحرص على توفير الابتسامة والابتعاد عن تعكير الصفو بين الجلساء. «الحال» : وهو عبارة عن قصيدة من الشعر الشعبي المرتجل يلقيها أحد الضيوف عند وصولهم يتناول فيها موضوع المناسبة ويعقب على ذلك رداً مرتجلاً من قبل أحد شعراء أصحاب المناسبة ويشترط أن يكون الرد «على الحرف» أي بنفس قافية قصيدة الضيوف. «الحجاب» :وهو لون غنائي تختص به المرأة ويؤدى بشكل جماعي ويرتبط هذا اللون من الغناء بحفل الزواج أو لعبة المدرهة. - الأغاني والأهازيج الزراعية تعتبر الزراعة العمل الرئيسي لمعظم سكان المحافظة ولذلك فهناك العديد من ألوان الغناء الشعبي البديعة المرتبطة بهذه المهنة وبتفاصيل أدائها وقد كانت أغاني الفلاحين هي الوسيلة المثلى للتعبير عما يجيش في النفوس من مشاعر وأحاسيس مختلفة من آمال وأفراح وهموم وأحزان.. ومن جانب آخر فقد أتخذ هؤلاء المزارعون الحكايات والأساطير لتخليد وتصوير كثير من جوانب حياتهم ومواقفهم وعاداتهم وتقاليدهم مجسدين فيها مبدأ الصراع بين الخير والشر. وهكذا فقد أخذوا يرددون هذه الأغاني بأصواتهم العالية ويرسلونها على سجيتهم وفطرتهم النقية في المراعي والمزارع وعند آبار المياه ومطاحن الطعام وتتنوع تلك الأغاني والأهازيج بتنوع الغرض منها ولذلك تنوعت اسماؤها ومن أبرزها : «المهايد»: وهي عبارة عن أغان وأهازيج جماعية تردد أثناء العمل سواءً كان ذلك في الحقول الزراعية أو مواقع البناء والتشييد أو غيرها من الأعمال التي تحتاج إلى بذل الجهد وهذه الأغاني لاتقتصر على الرجال فقط بل والنساء أيضاً والمهايد من الأشياء التي ابتدعها الإنسان ليستعين بها عند قيامه بالأعمال الصعبة والمرهقة. «المغرد»: وهو لون غنائي يؤدى بشكل فردي أثناء العمل وخاصة تلك الأعمال المتعلقة بالزراعة ومن المعتاد ان تكون كلمات المفرد مستمدة من الأمثال والحكم الشعبية المتوارثة عبر الأجيال. الرقص الشعبي يتوارث أبناء محافظة ذمار العديد من الرقصات الشعبية التي لها جذورها التاريخية وتتشابه بعض الرقصات من حيث طريقة أدائها لكنها تختلف في مسمياتها من منطقة إلى أخرى ومن الرقصات التي لايزال أبناء المحافظة يحرصون على أدائها في المناسبات الاجتماعية مبهرين كل الحضور بحركات أجسادهم المتناغمة والمنسجمة مع ايقاعات الطبول وصوت المزمار وكان جمال بعض الرقصات سبباً في انتقالها بمسمياتها إلى محافظات أخرى ومن أشهر هذه الرقصات: «العنسية» : نسبة إلى قبيلة عنس وهي من أشهر الرقصات ويؤديها شخصين أو ثلاثة على إيقاع الطبل والصحن وتتميز عن غيرها بأنها أول الرقصات التي تؤدى في الاحتفالات نظراً لايقاعها الهادىء وحركاتها الجميلة. «الشنية»: وتأتي في المرتبة الثانية بعد العنسية من حيث الشهرة يؤديها راقصان أو ثلاثة كما تؤديها النساء أيضاً على نفس الآلات الشعبية الطبل والصحن. وتتفرد بطابعها الأنيق المتمثل في حركات الراقصين. «البرع»: من أكثر الرقصات انتشاراً على مستوى المحافظة ومعظم محافظات الجمهورية وتؤدى كما هو معلوم بصورة جماعية ويشكلون بأجسادهم حلقة دائرية كشرط لأدائها الذي يكون على ثلاث مراحل الأولى وتسمى الطويل والأوسط والثالث ثم يخفض العدد إلى ثلاثة راقصين عندها تسمى الدخيلية أو الهوشلية والمرحلة الأخيرة لاتكون إلا براقصين فقط وتسمى الثعيلية بمصاحبة ايقاع الطبلتين الصغرى والكبرى. «الدعسة»: كذلك من الرقصات الشعبية التي يؤديها ثلاثة أشخاص يشترط فيهم الإجادة طبعاً ومن اسمها ندرك بأنها تعتمد على حركات الأقدام بشكل رئيسي. «الموج»: أسرع الرقصات الشعبية التي يؤديها راقصان على ايقاع الطبل والمزمار وتتميز بكثرة إلتفاف الراقص حول نفسه وكذا الجلوس المتكرر مايحتم على من يقوم بأدائها ان يكتسب لياقة بدنية والتي لاتتوفر في الغالب إلا في الرجال الذين لاتتجاوز أعمارهم الخمسين عاماً على الأكثر وإلا فالأفضل لمن لايحسن تطبيقها على أحسن حال ولايتحمل كذلك حركاتها التي تكون أشبه برياضة لعضلات الفخذين والساقين الانسحاب بماء الوجه باعتبارها أكثر مراحل الرقص لفتاً للانتباه.