يؤكد اختصاصيون في التربية الخاصة بالأطفال المتوحدين أن إعاقة التوحد لدى بعض الأطفال هي عبارة عن اضطراب نمائي يعيق تطور المهارات الاجتماعية والتواصل اللفظي وغيره، ويظهر عادة في السنوات الثلاث الأولى من العمر.. حيث يظهر عجز الطفل في المهارات الاجتماعية وينعزل عن الآخرين حتى أمه وتوصف حالته تلك ب : جمعية الأمل لرعاية وتأهيل المعاقين ذهنياً «مركز ومدرسة الأمل» بتعز إحدى الجمعيات التي تأسست وتقدم خدمات للأطفال المعاقين وبمن فيهم إعاقة التوحد، فهي ترعى «225» معاقاً منهم سبعة أطفال توحد. «الجمهورية» استطلعت الأوضاع والخدمات التي تقدمها الجمعية واستقصت وتعرضت على المعوقات التي تواجه كادرها المتمثل بعدم توفر درجات وظيفية رغم أولويتهم فيها لتعاملهم مع هذه الشريحة منذ أكثر من تسع سنوات. رعاية المتوحدين بتعز محمد ثابت السامعي نائب المدير التنفيذي لجمعية الأمل لرعاية وتأهيل المعاقين ذهنياً «مركز ومدرسة الأمل» حدثنا عن الجمعية والمدرسة والخدمات التي تقدمها وظروفها فقال: جمعية الأمل تأسست في العام 2001م وكان من ضمن مشاريعها مدرسة الأمل التي تم افتتاح مبناها الجديد في العام 2007م من أجل الأطفال المعاقين ذهنياً، وقد وصل عدد الطلاب فيها إلى مائتين وخمسة وعشرين طالباً وطالبة، بينهم سبعة أطفال توحد ينتظمون تحت ثلاث فئات هي فئة الرعاية الخاصة وهؤلاء غير قابلين للتعلم وغير قابلين للتدريب وفئة قابلة للتدرب على بعض المهارات وفئة القابلين للتعلم. فئات وعن كيفية تقسيم الفئات ومعايير التقسيم أو التصنيف يقول السامعي: إن هناك مقاييس الذكاء ومقاييس السلوك التكيفي ومن ثم يتم تصنيفهم ضمن فئاتهم العمرية وبعد معرفة قدراتهم العقلية. ويضيف السامعي: إن الطاقة الاستيعابية للمدرسة لم تسعفنا لقبول كل الحالات فهناك حالات تحت الانتظار وهي أكثر من مائة حالة. مركز خاص بهم أما فيما يخص طلبة التوحد فعددهم قليل جداً لا يتجاوز السبعة الأطفال أعمارهم بين السابعة والثامنة عشرة سنة ويبدو أن أولياء الأمور لم يعرفوا بالمركز الخاص بالمتوحدين خاصة وهذه أول سنة يتم فيها فتح مركز خاص بالمتوحدين.. وعن الخدمات التي يقدمها المركز للمتوحدين أشار إلى أن المركز يقدم مهارات حياتية ومهنية بما يتناسب وقدراتهم، خاصة أننا نركز على المهارات الحركية لأن المتوحدين لديهم إفراط في الحركة وبالتالي يحتاجون إلى تفريغ لهذا النشاط. كادر مؤهل وعن الكادر التعليمي في المدرسة يقول السامعي: إن الطاقم التعليمي في المدرسة يتكون من خمسين كادراً مؤهلين ومتخصصين في تخصصات تتناسب مع هذه الفئات مثل علم النفس وتربية خاصة وتاريخ وعلم اجتماع. بدون وظائف وعن المعوقات والصعوبات التي تعاني منها المدرسة أوضح أن المشكلة الرئيسة لدينا تتمثل في الكادر، أي أن نحو 45 كادراً يعملون بالتعاقد منذ عدة سنوات وصار لديهم خبرة كبيرة في التعامل مع هذه الفئة وخمسة فقط لديهم درجات وظيفية وهذا لا يساعدنا على استقرار الكادر رغم أن المفروض أن تكون لنا الأولوية لأننا نرعى فئة خاصة رفضها المجتمع ولم يعترف بها إلا مؤخراً بفضل الجمعية. مضيفاً: إن الجمعية تعمل بدعم من صندوق رعاية المعاقين الداعم الرئيس والذي يتكفل بالنفقات التشغيلية للمدرسة ومع ذلك الصعوبات لا تزال قائمة.. وعن البرامج التدريبية والتأهيلية قال: إن هناك برامج تأهيل مهني ومهاري مثل النجارة والأشغال اليدوية وهي مهارات أساسية فتعليم المتوحد كيف يرتدي ملابسه تعتبر مهارة وقد يتعلم عليها لمدة وكذلك كيفية استخدام المنشار مع الأخذ بالاعتبار إبعادهم عن مكامن الخطر مثل الأدوات والأجهزة الكهربائية. قبول المعاقين وعن آلية القبول يقول السامعي: إن آلية القبول تتم وفق معايير ومقاييس خاصة بالذكاء وبالقدرات العقلية وذلك من خلال تسجيل كافة البيانات عن الحالة وبعد ذلك يتم إجراء الاختبارات وخاصة في المصفوفات المتتابعة وتحديد القدرات العقلية وتحديد مدى استجابته وتمييزه هل هو قابل للتعلم أم لا، إلى جانب اختبارات السلوك التكيفي الذي يحدد القدرات العقلية عن الطفل وتصنيفه في إحدى الفئات التي سيلتحق بها سواء كانت إعاقة بسيطة أو متوسطة أو فوق المتوسطة.. وفيما يتعلق بالحالات المستعصية يقول: إن مثل تلك الحالات نقدم لها إعانة ورعاية إلى البيت. دليل احصائي تشخيص التوحد الDSM هو الدليل الإحصائي لتشخيص الأمراض العقلية وبالرغم من أن بدايات تصنيف التوحد تعود إلى العام 3491م مع العالم ليو كانر إلا أن مصطلح التوحد الطفولي lnfantile Autism لم يذكر مع أهم صفاته إلا في الطبعة الثالثة للدليل عام0891. طفل احادي أمل عبدالواسع السقاف اختصاصية تربية خاصة مسئولة عن تدريب الاطفال المتوحدين، تحدثت عن التوحد وتعريفه بالقول: إن التوحد عبارة عن اضطراب نمائي يعيق تطور المهارات الاجتماعية والتواصل اللفظي وغير اللفظي، بمعنى أن الطفل يكون سليماً من الناحية الجسدية فشكله طبيعي و لا توجد به علامات مرضية والدماغ لديه سليم ولا يوجد به ضمور ولكن لديه عجز في المهارات الاجتماعية مثل التواصل والتخاطب وتكوين العلاقات مع الآخرين يظهر عادة خلال الثلاث السنوات الأولى من العمر. فالمتوحد منطوٍ لذلك يسمى «توحد» يعني الطفل الأحادي أي منعزل عن الآخرين فهو يلعب لحاله ويجلس لحاله يرفض حتى أن تحضنه أمه أو تلعب معه فهو يتصرف مع أمه وكأنه لا يعرفها. تنمية مهاراتهم وعن البداية في التعامل مع هذه الشريحة تقول السقاف: إن البداية تتمثل بوضع الطفل تحت الملاحظة لمدة أسبوع لمعرفة أنه طفل متوحد أو معاق عقلياً وبعد الملاحظة نبدأ بتنمية المهارات الاجتماعية لديهم فالمتوحد يرفض التواصل العيني، بمعنى يرفض النظر إليك وأنت تتحدث معه فنبدأ بتدريبه كيف ينظر إليك بعد ذلك نبدأ بتعليمه كيف يلعب مع طفل آخر، كيف يسمع أبويه، كيف يتقبل وجود الأم أولاً ومن بعد الانتهاء من هذه البرامج نبدأ في برامج المهارات الحياتية ونعلمه دخول الحمام وطريقة لبس ثيابه وكيف يفتح أزرار القميص وكيف يغسل يديه وكيف يستأذن وكيف يستقبل الضيف وكيف يودعه، أي أننا نبدأ تعليمه من تحت الصفر وبعد ذلك نبدأ بالمهارات الحركية فنعلمه كيف يحرك يديه فننمي عنده تقوية عضلات اليدين.. مشيرة إلى أن المتوحد يستطيع الحركة ولكنه يرفض فنعلمه كيف يمسك القلم ويكتب على النقاط، أيضاً هناك مهارات اجتماعية ندربه على القيام بها كتعليمه سقي الأشجار في المدرسة ...إلخ. برنامج بكس وعن مجمل المهارات التي يحتاجها المتوحد تقول السقاف: إن لدينا ثلاث مهارات حركية واستقلالية ومعرفية إضافة إلى برنامج «بكس» وهو خاص بالأطفال المتوحدين فنقوم بتعليمه كيف يتكلم من خلال استخدام الصور فعندما يريد شيئاً ما يقوم بالتأشير على الصورة فنفهم أنه يريد ذاك الشيء وهكذا..وتضيف: من المعروف أن المتوحد يرفض التغيير فنقوم بتعليمه وتدريبه على التغيير مثل تغيير الكرسي والمكان الذي يجلس فيه داخل الفصل كل أسبوع حتى يبدأ بالتغيير وننصح أمه بتغيير الوجبة بشكل يومي حتى يتكيف مع التغيير. وعن الخطورة في المتوحدين تقول: إن المتوحدين ليسوا عنيفين ولكن العنف ضد أنفسهم البعض منهم يصيب نفسه فقد يقوم بعض يديه ويدق رأسه عرض الجدار وهكذا.. فالمتوحد بحاجة إلى مراقبة مستمرة سواء في المدرسة أو في المنزل فالمتوحد ليس لديه إحساس بالخطر فقد يرمي نفسه تحت السيارة في أي وقت. تحسن ملحوظ الأخت نبيهة عبدالعزيز نعمان مدربة الأشغال اليدوية بالمدرسة تحدثت عن مدى الاستجابة لدى المتوحدين فقالت: إن الاستجابة لديهم بطيئة جداً ويحتاجون إلى وقت كبير ومع ذلك فالتحسن ملحوظ والتعامل معهم يكون عن طريق تآزر حركي وبصري بما يتلاءم وقدراتهم العقلية والحركية. وقالت نبيهه: نعلم الأطفال طريقة صنع مزهرية أو أية مشغولات يدوية ولكن يظل الطفل يتعلم قرابة شهر.. وتشير إلى أن أغلب الكادر في المدرسة حصل على دورات تتخصص في التعامل مع هذه الشريحة.