يمر النشاط المسرحي في اليمن بمنعطف يهدد بغيابه كلياً حتى في المناسبات الاحتفالية الموسمية نتيجة لغياب الوعي بأهمية دور المسرح في توجيه المجتمع تجاه مختلف القضايا. وبات غياب هذا الفن العريق الذي عرفته اليمن على مستوى الجزيرة العربية والخليج قبل «108» أعوام يشكل قلقاً لدى الكثير تجاه هذا التراجع والغياب غير المبر. وكيلة وزارة الثقافة لقطاع الفنون المسرحية نجيبة حداد أرجعت ركود المسرح وغيابه إلى افتقار هذا القطاع إلى التمويل المالي بدرجة أساسية. وقالت : إن تدني المسرح في اليمن لا يرجع إلى الإخراج أو النص المسرحي، أو الممثل أو حتى المكان، وإنما لشحة الإمكانات المرصودة للقطاع. ودعت حداد إلى أن تكون الميزانيات المخصصة للأنشطة الفنية المختلفة وفق رؤيا ومعطيات كل نشاط ومتطلباته الأساسية بعكس ماهو حاصل الآن؛ حيث إن الميزانية المرصودة للنشاط المسرحي تأتي في أدنى مرتبة من الدعم المرصود لبقية الفنون الأخرى. ولفتت إلى أن إجمالي المخصص المالي للقطاع المسرح خلال العام المنصرم لم يتجاوز خمسة ملايين ريال، في حين لا تقل تكاليف عرض مسرحية واحدة بصنعاء عن «350» ألف ريال. وقالت: وبرغم مطالبتنا بزيادة مخصص المسرح هذا العام إلى 20 مليون ريال تشمل تكريم المسرحيين القدامى والرواد، والذين تم تأجيل تكريمهم العام الماضي، إلا أننا فوجئنا باعتماد «9» ملايين ريال فقط، سينفق نصفها على الاحتفاء بيوم المسرح العالمي وتكريم المسرحيين، والنصف الآخر منتصف العام الجاري لبقية الأنشطة المسرحية حتى نهاية العام. وأرجعت حداد ازدهار المسرح في العقدين الماضيين بالرغم من الإمكانات البسيطة إلى رخص القيمة الشرائية لمتطلبات العمل المسرحي من ملابس واكسسورات وديكور وأجور للعاملين، فضلاً عن توافر وسائل نقل الممثلين. وأعربت وكيلة وزارة الثقافة عن الأمل في أن يجد تأكيد فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح - رئيس الجمهورية - أثناء خطابه في يوم الإعلاميين اليمنيين على دور وأهمية المسرح صداه بالالتفات إلى هذا القطاع وتوفير متطلبات النهوض به مادياً ومعنوياً. إلى ذلك أشار الممثل المسرحي نبيل حزام إلى أن قضية المسرح شائكة بين قيادات العمل المسرحي والقائمين عليه والمسرحيين أنفسهم. وأرجع حزام الحالة التي يمر بها المسرح في اليمن اليوم إلى الحالة الاقتصادية التي يعيشها الفنان المسرحي بشكل عام، وقال: لقد اتجه المسرحيون إلى التمثيل التلفزيوني والإذاعي؛ لأن الكل تقريباً قد وصل إلى قناعة تامة بأن المسرح لا يؤكل عيش. وأكد نبيل حزام أن النهوض بالحركة المسرحية في اليمن بحاجة إلى قرار سياسي وتوجه يعي ويدرك أهمية ودور رسالة المسرح. ولفت حزام إلى ما بات يمتلكه المسرح اليمني من كوادر مؤهلة تأهيلاً أكاديمياً عالياً في مجال الإخراج، وغيره من متطلبات العمل المسرحي سواء ممن تخرجوا من الدول العربية أو من روسيا. وللخروج من هذه الشرنقة رأى حزام أن على الدولة القيام بوضع الأسس المساعدة لإبراز هذا الفن كمنتج له مستهلكوه وسوقه من خلال تمويل العمل المسرحي والعروض المسرحية حتى يعي المجتمع أهمية المسرح، واستعداده دفع قيمة تذاكر مشاهدة هذا الفن. معتبراً ذلك هو ما سيغري القطاع الخاص ويشجعه على الاستثمار في هذا المجال الفني المغيب. من جانبه أشار مدير عام المسرح عبدالحكيم الحاج إلى الصعوبات والعراقيل التي تقف أمام العمل المسرحي منها الإجراءات الروتينية في متابعة الاعتمادات المالية المخصصة للأنشطة المسرحية، الأمر الذي يسبب في تأخير أو إلغاء بعض الأعمال المخطط لها مسبقاً رغم قلتها وموسمية عرضها. أما الفنان المسرحي المعروف يحيى السنحاني فقال: لو توفر دعم مالي ولو بسيط مثل ما كان عليه الحال في الماضي فسيقوم المسرح بالدور المناط به؛ كونه بات يمتلك كثيراً من مقوماته المسرحية الكاملة ابتداءً من النص والفكرة التي تعد الحياة اليمنية اليومية مسرحية بذاتها ومروراً بالممثلين والمخرجين والمؤلفين ولا ينقصه سوى الدعم المادي. وأضاف يحيى السنحاني: يجب ألا يفكر المشتغلون في المسرح بالمادة والمال بقدر ما يفكروا بتقديم العمل الراقي والهادف. وقال: أذكر أن الرئيس جمال عبد الناصر عندما سألته إحدى الإذاعات عن رأيه في الممثل المسرحي يوسف وهبي ، أجاب عبد الناصر: لقد جعل مني يوسف وهبي بطلاً؛ لأنه تناول في مسرحه قضايا اجتماعية ووطنية.