إنها مسألة الصراع على مياه الوطن العربي..فعندما اندلعت أزمة الفرات في عقد الثمانينيات من القرن الماضي كان الاتراك يقولون دائماً لكم نفطكم ولنا مياهنا ولا يخفى المقصد على أحد، فهم يعتبرون أن سلاح المياه بأيديهم يتحكمون فيه كيفما أرادوا فهي في الحقيقة أزمة المياه التي أثرت في الشئون الاقليمية والعلاقات الدولية من جانب سياسي بحت وليس من جانب حقوق المياه والقانون الدولي الصادر عن الأممالمتحدة والذي تكفله كل التشريعات الدولية. فمستقبل المياه في الوطن العربي متقلب وسريع التغير وهو أجندة في لعبة الكبار خصوصاً وأن الأمن المائي العربي يعتبر بنداً من الأمن القومي العربي رغم أنه لا يحقق الاكتفاء الذاتي الذي يفي بالأمور الصناعية والزراعية وكذلك الشرب...فالوطن العربي وفق الاحصائيات يعاني من نقص في موارده المائية بنسبة40% ونصيب الفرد من المياه أصبح500متر مكعب في السنة. كيف لاتكون حرباً ومعظم مياه الوطن العربي تأتي من الخارج فمثلاً دجلة والفرات تأتي من تركيا ونهر النيل يأتي من أوغندا والحبشة وهناك اسرائيل التي تتحكم في مياه الفلسطينيين وتحرمهم حقوقهم.. إنها بالفعل أزمة سياسية بالدرجة الأولى فعلى مدى الأعوام الماضية لم تغب أزمة المياه عن التجاذبات والمداولات السياسية والمتخصصة..ففي العام 2006م نظم معهد العالم العربي في باريس ندوة حول الأسباب التي أدت إلى ندرة المياه وظهرت أزمة الخلاف العربي الاسرائيلي والتركي في هذه الندوة وكذلك تحكم اسرائيل في مياه نهر الأردن وقيام اثيوبيا بإنشاء سدود على نهر النيل لتتحكم فيه. والمشكلة الأساسية تكمن أيضاً في التغيرات المناخية التي أدت إلى شحة المياه الصالحة للشرب والزراعة وكذلك زيادة السكان في الوطن العربي وزيادة الرقعة الزراعية أدى إلى حدوث أزمة في مياه الوطن العربي.فمن الطبيعي أن يكون حصة الفرد في السنة 1710أمتار مكعبة ولكن أصبحت في الآونة الأخيرة أقل من 1000متر مكعب وتصل في بعض المناطق إلى 500متر مكعب لذلك أصبح سكان الوطن العربي من الفقراء مائياً..لذلك ظهر ما يسمى بالخصخصة والتسعير والتي هدفها تحويل المياه إلى سلعة تجارية على غرار بورصات النفط العالمية. ان مستقبل المياه في الوطن العربي يشبه المستقبل السياسي وهو دائم التقلب والتغير وقراره خارج الوطن العربي فأنهار العرب يتحكم بها الجيران وحصة المواطن وصلت حد الفقر المائي..وقد أصبحت حصة الشرق الأوسط من الموارد المائية 2%فقط ومن جانب آخر اصبحت تكاليف تحلية المياه باهظة الثمن ..إنها فعلاً أزمة المياه العربية..ياترى هل سيؤدي ذلك إلى نزاع إقليمي وحرب حول المياه أم هو مجرد احتواء فقط لذلك لابد من حلول وبأسرع وقت..