يعاود أفضل شهور الله دورته السنوية.. بعد أن غاب عن قلوب أدمنت ساعاته، وتعلقت بلياليه الروحانية حد الثمالة. إلا أن المعاودة النورانية لرمضان قلما يقابلها إدراك بمعنى اللقاء السنوي ودلالاته الخفية.. رمضان ليس مجرد شهر عادي كبقية شهور العام.. رمضان مختلف.. رمضان مليء بالكنوز، مليء بالجوائز. رمضان ليس مجرد ساعات ودقائق.. نهار وليل.. رمضان ليس مجرد متوالية أيام لها بداية ولها نهاية معلومة. قليل من فهم رمضان، وأقل القليل من عمل له وفق ذلك الفهم، إن رمضان لم يوجده الله سبحانه وتعالى إلا ليعلمنا أن التغيير في حياتنا حتمي، وأن السير على منوال واحد ليس من الأشياء الجيدة أبداً، فرمضان رمز للتغيير وللتحول، فهو نقطة فارقة بين حال وحال، كثيرون من يتغير حالهم وسلوكهم وأفعالهم في هذا الشهر الفضيل، وكأني بهم يستنشقون زلال روحانيته المنسابة فيتطبعون بطباعه، ويتخلقون بأخلاقه.. هذه الدلالة لهذا الشهر الكريم تقتضي منا جميعاً ان نسعى دوماً للتغيير، فمتوالية رمضان تعاود دورتها كل عام لا لترانا على حالنا في الماضي، بل لتحثنا على أن نتغير للأفضل، ونطور من أنفسنا وأحوالنا، ونسهم في غرس هذا المعنى فيمن حولنا. قد نسلّم بأن مجتمعاتنا في الغالب تخشى التغيير وتتوجس منه، إلا أن المشاهد لأحوال وسلوكيات أغلب الخلق في رمضان يتأكد له أن الناس في تغيّر.. لكنه ليس التغيّر المطلوب. إن مانحتاجه من تغيّر، هو التغيّر المسهم في رقينا ونهضتنا. غيّر من نفسك، تطور، وتعلم، وازدد إيماناً، ووسع أعمالك، وارفع من شأنك، فمن المؤسف أن يعاودنا الشهر كل عام ونحن متشبثون بأماكننا وأحوالنا بينما العالم كله يتغير نحو الأفضل.