تتكاثر المواسم في الشهر الفضيل ، ولا تقتصر على مجال حياتي بعينه دون آخر ، فرمضان شهر جامع شامل لكل الناس بمختلف أصنافهم ، يحوي فيه كل ما قد يجذبهم ، مما يحتم عليهم شد الرحال صوبه . من تلك الأمور الجاذبة في رمضان أصوات منشدي السماء في بيوت الرحمن ، حيث يعتبر شهر رمضان موسماً من مواسم الترانيم بالنسبة لهم ، فيكون مقرئو كتاب الله على موعد يومي من بعد صلاة العشاء مع الترانيم الإلهية ، وهم يتغنون بكلام المعجزة القرآنية في خشوع. فتكون المساجد بذلك ساحات لتقديم خدمة قرآنية ذات جودة تجذب إليها المئات من المصلين الذين تقف أمامهم مع بداية كل هلال رمضاني قائمة بأسماء المساجد وأسماء المقرئين الصادحين بكلام الله ، وتلك القائمة غالباً ما تقدم أصحاب الأصوات الرخيمة في اختيار المتدفقين على مساجد الله في رمضان . ولأن التدفق المشار إليه في الشهر الكريم يمكننا وصفه بغير العادي نظراً للروحانية التي ينضح بها الشهر فقد أمست المساجد تحرص على تقديم أفضل الأصوات القرآنية القادرة على التغني بكتاب الله ، مما ينعكس على جذب أكبر قدر من المصلين . ولهذا نرى أن كثيراً من مرتادي المساجد في رمضان – خاصة في صلاة التراويح – يتوجهون صوب تلك المساجد المحتوية على أصوات ندية ، تساعد على الخشوع في الصلاة وتدبر القرآن ، إلا أن ذلك قد يعتبره البعض نوعاً من الانتقائية لبيوت الله ، وهو ما يخشى أن يقع به البعض ، إلا أن الطرف الأول تبقى حجته قوية ، مستشهداً بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعوته للتغني بالقرآن ، بمعنى تلحينه ، وإثنائه على أبي موسى الأشعري حين كان يسمعه وهو يترنم بكتاب الله قائلاً له “لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داوود. ورغم كل ذلك تبقى الأصوات القرآنية الخاشعة مصدر جذب للمصلين ، خاصة في ليالي رمضان الإيمانية ، في صلوات التراويح والتهجد ، وهو في العموم شيء يحبه الله ، لما له من أثر على تحبيب الصلاة عند العباد وتعلقهم بالقرآن الكريم ، ويساعد على تدبره واستيعاب معانيه النورانية.. كل تلك المعاني والدلالات لمنشدي صوت السماء تعطي شهر رمضان بعداً آخر يرتبط بأصوات المقرئين ، ويغرس في نفوس العباد حب القرآن والعيش معه .