الشعب الجنوبي أمام خيار التصعيد لإنهاء عبث المنظومة الحاكمة    مصر التي رفضت تهجير الفلسطينيين لا يجوز أن تهجّر أقباطها الذين سكنوها قبل الغزو السلفي    تلاميذ الحجوري قادة عمليات الإرهاب في الجنوب    اللواء بن بريك يكلّف المنصب باعلوي بوساطة حضرمية تمهّد لعودة قيادات جنوبية    لصوص يسرقون ألفي قطعة نقدية من متحف فرنسي    خلال تدشينه الفصل الدراسي الثاني.. العلامة مفتاح: التعليم ركيزة أساسية للنهوض بالأوطان وتطور الشعوب وازدهارها    محور المرازيق يحتفل بتخرج دفعة الشهيد القائد الجهادي محمد الغماري    كيف تجاوز الكيان مرحلة التطبيع مع العرب؟    مناقشة التحضيرات لإقامة معرض "صُنع في اليمن"    من أبرز سمات القائد الغماري.. "الصبر والمبادرة"    من السيادة والتحرير إلى التغيير الجذري.. الجاوي ينتقد الوعود الفارغة ويحذر من تكرار الفشل    فعالية لمؤسسة موانئ البحر الأحمر والهيئة العامة للشؤون البحرية بالذكرى السنوية للشهيد    الذكرى السنوية للشهيد .. محطة وفاء للدماء والأرواح    الخبير والمحلل الاقتصادي سليم الجعدبي ل "26سبتمبر" : هناك حرب وجودية شاملة تستهدف اليمن تحت ستار "الإغاثة" و"التنمية"    وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن "18"    المهندسة لجين الوزير ل 26 سبتمبر: نجاح الأوطان يبدأ من الحقل والمزرعة    وداعا أبا اهشم    مرض الفشل الكلوي (25)    السعودية تدعم قوات غير نظامية في حضرموت بآليات عسكرية    عن ظاهرة الكذب الجماعي في وسائل التواصل الاجتماعي    نجح في كسر العقدة الكتالونية.. الريال يبتعد بصدارة الليغا بعد فوزه على البرسا    بعد 3 أيام من إيقاف التعامل معها.. جمعية الصرافين تعمِّم بإعادة التعامل مع شركة صرافة    اتفاق مبدئي بين واشنطن وبكين لتجنّب رفع الرسوم الجمركية    عندما تتحول الأغنية جريمة.. كيف قضى روفلات القومية على أحلام عدن؟    المنتخب الأولمبي يبدأ معسكره الداخلي استعدادًا لكأس الخليج    تكريم الصحفي بن سميط تقديراً لمسيرته الإعلامية والوطنية في حضرموت    فوضى موانئ الحديدة تكشف صراع أجنحة الحوثي على تجارة القمح وابتزاز التجار    الرئيس الزُبيدي يُعزّي خادم الحرمين الشريفين بوفاة الأميرة نوف بنت سعود بن عبدالعزيز آل سعود    دوري ابطال افريقيا: تعادل بيراميدز امام التأمين الاثيوبي    نصف مليار ريال شهرياً لكل عضو مجلس القيادة.. في بلد جائع بلا مرتبات!    قراءة تحليلية لنص "أنتم العظماء لا هم" ل"أحمد سيف حاشد"    التعليم العالي واليونسكو يوقعان اتفاقية تعاون استراتيجية لتعزيز جودة التعليم    وفاة أربعة مواطنين من أسرة واحدة بحادث سير شمال غرب تعز    الدوري الانجليزي:مانشستر سيتي يسقط أمام أستون فيلا وآرسنال يبتعد بالصدارة    بدء منافسات البطولة التأسيسية الأولى للدارتس المفتوحة بعدن    أزمة الكهرباء عنوانًا لمعاناة الناس المعيشية والخدمية    تجاوزات عمر عصر تهز سمعة بطل مصر في تنس الطاولة    مستشفى الثورة بإب يرفض استقبال مريض بحالة حرجة وعنصر حوثي يعتدي على نجل مريض آخر    انعقاد المؤتمر العلمي الثالث للرعاية التنفسية بصنعاء    ايران تطور إسفنجة نانوية مبتكرة لجراحات الأسنان    الأرصاد ينبه من الأجواء الباردة والباردة نسبياً على المرتفعات    الرئيس الزُبيدي يعزي في وفاة الفريق الركن علي قائد صالح    مصر تتسلم من روسيا وعاء ضغط المفاعل النووي الأول بمحطة الضبعة    عدن في ظلام الفساد: سرقة وقود الكهرباء تُجوع المدينة وتسرق نوم أبنائها    برشلونة مثقل بالغيابات.. وهجوم الريال كامل العدد في الكلاسيكو اليوم    #حتى_عري    الصحة العالمية تعلن عن ضحايا جدد لفيروس شلل الاطفال وتؤكد انه يشكل تهديدا حقيقيا في اليمن    قراءة تحليلية لنص "سيل حميد" ل"أحمد سيف حاشد"    برشلونة في ورطة الكلاسيكو: غياب المدرب يُضاف لخسارة رافينيا    الأوقاف تحدد 30 رجب أخر موعد للتسجيل في موسم الحج للعام 1447ه    عدن: بين سل الفساد ومناطقية الجرب    معظمها في مناطق المليشيا.. الصحة العالمية تسجل 29 إصابة بشلل الأطفال منذ بداية العام    الخائن معمر الإرياني يختلس 500 مليون ريال شهرياً    قراءة تحليلية لنص "أمِّي تشكِّلُ وجدانَنَا الأول" ل"أحمد سيف حاشد"    فلاحين بسطاء في سجون الحقد الأعمى    الآن حصحص الحق    نقيب الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين : النقابة جاهزة لتقديم كل طاقاتها لحماية عدن وبيئتها    عهد تحلم ب«نوماس» نجمة ميشلان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بلاد العجائب والغرائب
الجوف..
نشر في الجمهورية يوم 25 - 08 - 2009

الجوف، مدن حضارية وممالك قديمة، حضاراتٍ متعاقبة، تاريخٍ متواصل ومزدهر، بلادٌ لدولة المعينيين وعظمتهم هي نفس البلاد لحضارة السبأيين وأمجادهم، حميرية اللون والطعم والرائحة.. بلادٌ كجوهرةٍ مكنونة، تسر الناظرين وتسحر ألباب العاقلين، بلادٌ عجيبة غريبة في نفس الوقت، الأولى في الصدارة التاريخية والحضارية، بلادٌ كانت تعرف ب(جوف المعينيين) لأنهم من أسسوها وشيدوا معابدهم ومساكنهم فيها، مدنها تعتبر من أغنى المناطق اليمنية آثاراً، وتراثاً، وتاريخاً، وحضارةً، إبداعاً، ورقياً، وتقدماً، من أهم هذه المدن مدينة (نشق) البيضاء، مدينة (نشان) السوداء، وخربة همدان (هرم) و(قرناو) مدينة معين..
أرض حضاراتٍ عريقة لا يطمسها النسيان
تعود قيام هذه المدن التاريخية إلى ما قبل القرن الثاني عشر قبل الميلاد، وهذه المدن أقيمت على ربواتٍ صناعية من التراب، ورغم مرور الدهور الطويلة إلا أن هذه الربوات لا تزال باقيةً حتى الآن، لم تؤثر فيها عوامل التعرية.. وقد تكلم الهمداني في كتابه الإكليل في الجزء الثامن الصفحة (104) عن الجوف وآثاره بكلامٍ نفيس وجميل حيث قال: ومن محافد اليمن براقش، ومعين، وهما بأسفل جوف أرحب، في أصل جبل هيلان، وهما متقابلتان، فمعين بين مدينة روثان، وبين درب سراقه، وهي خراب خاوية على عروشها، كما أن العديد والكثير من علماء الآثار المستشرقين الذين وصلوا إلى اليمن وزاروا مدائن الجوف وترجموا العديد من النقوش ووصفوا ما فيها من آثارٍ للقصور الجميلة والمدهشة، ألفوا فيها عدة مؤلفات كبيرة.
كما يوجد في هذه المحافظة العديد من الأودية كالوادي الأعظم مُذاب، وغيل مراد، ونهر الخارد، وقد فصل الهمداني في كتابه صفة جزيرة العرب: نهر الخارد وهو نهرٍ مشهور وعظيم وقال: إنها من أربعة أودية عظام من مسافاتٍ شاسعة وذلك هو الذي دعا المعينين، والحميريين لإقامة المدن العظيمة به وجعله قاعدة من قواعد ملكهم وما خلفوا به من آثار عظمتهم، والنقوش التي هي محط آمال الباحثين وبغية المؤرخين.. وقد يعجز اللسان عن التكلم عن تاريخ وحضارة، وآثار وتراث هذه البلاد العريقة
المغامرة إلى بلاد الحضارة
اتجهنا عصر يوم الخميس الماضي إلى محافظة الجوف حازمين معنا الشوق والتلهف لرؤية ذلك التاريخ وتلك الحضارة التي ملأت البلاد طولاً وعرضا، تاركين أو متناسين بعض الأخطار التي قد تعترض سير طريقنا، تشق سيارتنا ذلك الظلام الرهيب ونحن في طريقنا إلى بلادٍ هي جزءٌ لا يتجزأ من أراضي العربية السعيدة.. بلادٍ لعاد وثمود والحضارات القديمة، فمروراً بنقيل بن غيلان في مديرية نهم ووصولاً إلى مديرية المصلوب بمحافظة الجوف كان هو خط سيرنا، دليل تلك الرحلة هو الأخ/ جابر النوفي - أحد أبناء منطقة ملاحا بمديرية المصلوب، الذي نزل في مفرق نهم لأخذ سلاحه الشخصي لأن السلاح في الجوف من الضروريات - وكما يقول أحدهم - إنها عادة عند اليمنيين وليس فقط في الجوف ولكن في معظم المناطق اليمنية.. الطفل هنا في الجوف الذي يبلغ العاشرة من عمره تراه حاملاً سلاحه وجعبته المليئة بالقرون - خزائن - الرصاص.. بدلاً من الذهاب إلى مدرسته، رافقنا أيضاً الأخ/ عبد اللطيف زاهر - كمصور فيديو. وصلنا في تمام الساعة التاسعة مساءً إلى مدينة الحزم - عاصمة المحافظة - والتي تتكون من شارعٍ واحد فقط، تناولنا عشاءنا في أحد مطاعم تلك المدينة توجهنا بعد ذلك إلى مديرية المصلوب مستغرقين ساعتي سفر في وسط صحراء قاحلة، وكثبان رملية كبيرة، تعيق حركة السير فيها- تغرز السيارات فيها - لكن سائق السيارة - رئيس مؤسسة عاد - التي تقلنا كان بارعاً جداً في القيادة الصحراوية، وصلنا أخيراً إلى مديرية المصلوب التي هي أشبه بقريةٍ صغيرة نائية، ضائعة وسط كل هذه الرمال، كما أن الطريق إليها لا زالت صحراوية دون تعبيدٍ أو سفلتة، وكان الرفيق الفني لهذه الرحلة الجميلة هو شريط الفنان أبو عسكر ذو الشهرة الواسعة في هذه المحافظة.
اتجه وفدنا بعد ذلك إلى قرية ملاحا القريبة من مديرية المصلوب، ونزلنا في منزل الأخ رمضان مقبل - أحد أصدقاء دليل الرحلة جابر - الذي رحب بنا ونمنا على سطح منزله إلى الصباح، ولعلك تهمس في نفسك هاهنا ولدت حضارةٍ عريقة لا تزال معالمها وأجزاء منها شاهدةً على عظمة الإنسان اليمني القديم، وعلى قوة تطوره ورُقيه الاجتماعي والحضاري، عشرات المعابد هنا في هذه الأرض الفسيحة كمعبد بنات عاد - المعروف بنجمة الصبح - بمدينة قرناو، ومعبد الإله أرنيدع بمدينة السوداء، ومعبد الإله عثتر (الزهرة) بنفس المدينة، فمن هنا جذور الحضارة الأولى، ومن هنا أيضاً منبعها، ومنبع الفنون المعمارية الجميلة، والأشكال المزخرفة لتدل على ما وصل إليه التطور المجتمعي بدولة معين من درجاتٍ عالية في العلوم والفنون، فقد شيدوا أجمل المدن وأروعها، وبنوا أعظم المعابد والقصور المزخرفة وأنصعها، ونشطوا في كل مجال في الزراعة والتجارة واشتهروا في أثناء ازدهار طريق اللبان التجاري التي يصل جنوب الجزيرة العربية بشمالها من ميناء قنا بالبحر العربي إلى ميناء غزة على البحر الأبيض المتوسط وتتحدث عن إنجازاتهم ومآثرهم النقوش اليمنية القديمة.. ويذكر هنا القاضي/ حسين السياغي في كتابه (معالم الآثار اليمنية) العديد من المحلات المسكونة بالجوف وذات الآثار الإسلامية ومنها: محل الزاهر وفيه جامع كبير بجناحين وصرح كبير وصومعتين، ومحل الدرب وفيه أيضاً مسجد عظيم وله منارة وسقف عجيب، ثم محل دعام...
متحف النوفي الآثاري البدائي
وتوجهنا صباحاً إلى منزل والد جابر - الشيخ علي النوفي - الذي حول جزءاً من بيته إلى متحف - وإن كان بدائياً 100 % - إلا أنه يمثل مبادرةً حسنة من قبل ذلك الرجل الذي يناهز الستين من عمره، تناولنا صبوحاً بدوياً صحراوياً في هذه المنطقة، ثم عرض علينا بعضاً من محتويات متحفه الثمينة، قطع آثارٍ - بالمئات إن لم نقل بالآلاف - وتخيل كم هي السعادة التي تغمرك وأنت تحاول قلب حجرةٍ مكتوبٌ على أحد جوانبها نقش يحمل حضارةٍ وتاريخٍاً بحد ذاته، قطع آثار هذا المتحف البسيط والمتواضع مطمورةٌ بالتراب لا يوجد أدنى اهتمام بها من قبل الجهات الرسمية رغم نزول العديد من اللجان الميدانية من قبل الهيئة العامة للآثار والمتاحف والتي قامت بترقيم وتصوير وتوثيق تلك القطع لديها في سجلاتها، ورغم وعودها المتكررة إلا أنها لم تقدم شيئاً للحفاظ على تلك الآثار، وإيجاد أو إنشاء متحف لائق وخاص بها في هذه المنطقة الغنية بالآثار وقطعه ونقوشه، ولعل في أركان حوش منزل هذا الشيخ المليئة بالنقوش والمترامية هنا وهناك، الكثيرة العدد والمعنى، حجارةٌ منقوشة، وجمانٌ أثرية - قدور - كروية الشكل، وقطعٌ مدورة من الرخام الأبيض، وشواهد قبورية، ومذابح بقرنين وواحدة بقرنٍ واحد والآخر منه مكسور، أما محتويات غرفتي المتحف - البدائي طبعاً - فموجودٌ بداخلها أحجار منقوش عليها زمر الحضارة اليمنية (الوعل) وأحجارٌ أخرى منقوش عليها غزلان، وحجارةٍ أخرى نحتت فيها صور لرؤوس ملوكٍ، كما يوجد جمال صغيرة من الطين المشوي بعضها بسنام واحد والأخرى بسنامين، شنطة مثقبة من الفخار، مبخرة اسطوانية الشكل مرسومٌ عليها الهلال والزهرة- إلهي قوم سبأ -، نقوشٌ طمست بعض أحرفها - لا يُعرف ما سبب الطمس-، أعمدةٍ مدورة ومنقوشة، جمانٌ أخرى وأساور، وأختامٍ سبئية، ثروةٌ وطنية، تاريخية بحد ذاتها موجودةٌ في متحف أكثر من بدائي، مطمورةٌ بالأتربة وتحتاج من العناية والصيانة والترميم ما تحتاجه وأكثر، آثارُ بلادٍ بكلها تضيع رويداً رويدا، تندثر وتدمر قليلاً قليلا، ولعلها من المصادفة الغريبة أو بالأحرى كل ذلك الإيمان الوطني العميق الذي يتمتع به الشيخ النوفي حفاظاً على آثار بلاده - وكما يقول - بأنه يطارد سيارات مهربي الآثار التي تقوم بتهريبها إلى دول الجوار ويقوم بأخذ تلك القطع التي لديهم وأحياناً أخرى يشتريها وأنه دفع بما يقارب ال(8) ملايين ريال من أجل أن تظل تلك القطع في بلادنا وأن لا تهرب إلى الخارج.. رجلٌ يحمل في قلبه هم الآثار أين ما ذهب وأين ما وجد، ولعل شبيهاً آخر له، كان يحمل قلباً خُلق للحفاظ على آثار منطقته وهو المرحوم/ حسين زاهر - من أبناء منطقة كانط - ويقول حمود الظبري: بأنه كان يحافظ على آثار منطقته ويحبها كحبه لأبنائه، ويسعى للحفاظ عليها وعلى ما تحتويه من تاريخٍ عظيم وحضاراتٍ عظيمة أيضا، هنا أيقنت بأن كل هذا التشبع بحب هذا الوطن وهذا التاريخ عند هؤلاء ليس وليد اللحظة أو بمجرد الصدفة وإنما هي عقيدةٌ تربوا عليها وعاشوا على قيمها حتى وصلوا إلى مبتغاهم ومرادهم ولعل التاريخ سيشهد لهم بذلك وسيكتب على أنصع صفحاته عن ما قاموا به وما فعلوه.. إلى ذلك قامت مؤسسة عاد بافتتاح مقرها في الجوف واختارت جزءاً من منزل النوفي.
قصر الصَنَف وآثار الدمار
انتقل بنا المطاف إلى قصر الصَنَف (بفتح الصاد والنون) وهو بناءٌ عظيم تدل آثاره على هندسةٍ معمارية عظيمة، دقةٍ في البناء وهندامةٍ في التشذيب لأحجاره البيضاء - البلق القوي -، تعرض هذا القصر لما يشبه الحريق الذي حول أحجاره إلى اللون الأحمر وأصبحت هشة وربما يكون الحريق ناتجاً - كما يقول أبناء المنطقة - عن الصاعقة التي أهلك الله بها الأقوام الطغاة كعاد وثمود - ونحن بين أطناب هذا القصر نادانا أحدهم سائلاً عن ماذا نفعل هنا؟ الشيخ صالح هارش الذي قال بأنه يتردد دائماً إلى هذه المنطقة بصفته حارساً لها وأنه يطارد الذين يخربون وينبشون تلك المنطقة.. قد تستغرب عندما تزور هذه المنطقة هو كيفية إيجاد الأحجار الضخمة التي بنيت بها هذا القصر في هذا الوسط الفسيح من كثبان الرمال، ولكن تفسيراً قاله - يحيى زاهر - بأن هذا يأتي تفسيراً لمعنى الآية الكريمة (الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ) أي كانوا يجلبون الصخر على أخشاب تجرها الفيلة، من جبال حام، وسام، وجبل اللوذ، وجبل ميهر البعيدة جداً والمحيطة بالجوف، ويأتون بها إلى هذا الوادي الفسيح .
الانتقال والتجول في وسط الصحراء
عند ذهابك إلى الجوف ستجد أمامك كل يومٍ مفاجأة، تضاريسها ما بين مرتفعاتٍ وهضاب وسهول خصبة زراعية، صالحة لأجود أنواع النخيل والفواكه، وهي في نفس الوقت أرضٍ رملية تغطي الرمال ما يقارب 80% من هذه المحافظة، انتقلنا بعد ذلك إلى قرية القاره .. منطقة زراعية خصبة جداً، يزرع فيها النخيل والفواكه، وكما يوجد أيضاً وبكثرة شجر الأثل، وأشجار أخرى لا نفع فيها, وهذا يأتي تفسيراً للآية الكريمة «وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ» أي: شيء قليل من الأكل الذي لا يقع منهم موقعا وهذا كله شجر معروف, وهذا من جنس عملهم (تفسير السعدي).
وصلنا في نهاية مطافنا إلى مدينة المعمورة - مدينة حديثة مسكونة بيوتها من الطين (الزابور) كما هي البيوت في محافظات (الجوف، مأرب، صعدة) وقد بنيت - كما يقول مرافقونا - فوق مدينةٍ تاريخية كلها آثار مطمورةٌ بالتراب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.