لم يفرض الواقع السياسي موضوعها، كمالم يرسم الخصام والخلاف نتائجها، إنها المناظرة الأولى في اليمن، لكنها ليست سوى مناظرة شكلية، وأبطالها شباب من برنامج «صوتنا للشباب» بالمركز الصحي الثقافي التي كان بيت الثقافة مسرحا لها في أمسية رمضانية مساء أمس. ورغم اللهجة التي تعاطى بها الشباب المشاركون في المناضرة، بحسب موقع نيوز يمن والتي لم تصطبغ بالعلمية في كثير من جوانبها، إلا أن موضوعيها والأسباب التي يتمترس خلفها الطرفان تثير الكثير من الأسئلة، «غلاء المهور وتأثير الثقافة الأمريكية على المجتمع اليمني». في الموضوع الأول والخاص بغلاء المهور، بالطبيعي كانت هناك وجهتان أو رؤيتان، أولها متعصبة لغلاء المهور وترى فيها شيئا طبيعيا بل لا بد منه، مفندين رؤيتهم بجملة من الأسباب، من أبرزها أن في غلاء المهور، تقديراً للمرأة واحتراماً لها، وإثباتاً إن جيل الشباب قادر على تحمل المسؤولية، ويجعل الرجل يتمسك بزوجته. ويعارض الفريق الأول مسألة سن قانون يحدد السقف الأعلى للمهور، بحجة أنه لايمكن أن يوجد قانون يسعّر المرأة، وهو الحل الذي طرحه الفريق الثاني الذي يشدد على قضية التيسير في المهور انطلاقا من الجانب الديني في هذا الجانب والتي تحث على التيسير في المهور، مستعرضين نتائج المغالاة فيه والتي من أبرزها انتشار العنوسة، والجريمة وأنواع المشكلات الاجتماعية وحالات الطلاق والديون والزواج العرفي. والحال في وجهات النظر ينطبق على قضية تأثير الثقافة الأمريكية على المجتمع اليمني، ينظر إليها الفريق الأول من الزاوية الإيجابية والمتمثلة في انتشار اللغة الإنجليزية وزيادة في أعداد منظمات المجتمع المدني. ويرى الفريق لذلك أسبابً من أبرزها القوة التي تتمتع بها أميركا، والعلاقات السياسية بين اليمن وأمريكا والقائمة على المصالح المشتركة والتعاون الثنائي. أما الفريق الثاني فينظر إلى تأثير الثقافة الأميركية من زاويته السلبية، متخذين من مصطلح الاحتلال الثقافي منطلقا للحديث عن ذلك التأثير. ويرون في الابتعاد عن الدين والتوجه نحو العلمانية من أبرز نتائج تأثير الثقافة الأمريكية على المجتمع اليمني، لكنهم أكدوا أنهم ليسوا ضد الانفتاح والاستفادة من ثقافة الآخر، بقدر ما هم ضد تصدير الثقافة من طرف واحد، مقترحين تبادل ثقافيا مشترك ومراقبة الثقافة الوافدة. أما الجمهور المستمع إلى المناظرة، فهي في عينه شيء رائع وجميل، حسب قول (سلمى ضيف الله) من متتدى الشقائق العربي لحقوق الإنسان، كما أن موضوعاتها «جميلة ومهمة»، لكنها انتقدت طرفي المناظرة لإغفالهم نقاطاً عديدة متصلة بموضوعها، معبرة عن تأييدها للفريق الذي ينادي بالغلاء أو التغالي في المهور، لأنه يجعل للمرأة احتراماً وتقديراً عند الرجل. ومن وجهة مدير المركز الصحي والثقافي ومنسق «صوتنا للشباب» (عبدالإله سلام) فإن المناظرة تأتي في سياق تعويد الشباب اليمنيين على خوض الجدل في مواضيع مهمة بعيدا عن العواطف والآراء الشخصية ولغة التخوين، مشيراً إلى تنفيذهم ورشتين لتدريب الشباب المشاركين على آليات المناظرة الحديثة والخوض في جدل وفق مبادئ علمية. وأوضح عن خطة لدى المركز عند تنفيذ الخطة الخمسية للدخول في مواضيع من صميم المجتمع والأكثر جدلاً.